2024-03-19 06:56 ص

من بلفور الى ترامب سنوات من البكاء والصراخ والعويل

2017-12-13
بقلم: الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
لن ابكي كما بكى الاخرون ولن اصرخ في الشوارع والطرقات والازقة كما صرخ الاخرون فالصراح والبكاء لن يعيد اوطان ولن يثني الدول والشعوب عن الطريق الذي تسير فيه ولا عن قراراتها فلقد صرخ الاباء والاجداد وبكوا كثيرا بعد وعد بلفور وكان ما كان وحدث ما حدث ونحن الى اليوم وغدا نقاسي مما حدث. لن يثني الدول عن قراراتها تعيلق مشاركة شخص اواشخاص اوعدم سفر فلان وعلان اليها وحتى حرق علمها والدعس عليه فهاهي اعلام اسرائيل في بعض المباني العربية مرسومة ومنحوتة على ارضياتها لا بل انها اصبحت جزء من تراث تلك المباني يتم الدعس عليها يوميا وكل ساعة ودقيقة من عشرات الاشخاص ولكن هل غيرت اسرائيل موقفها هل انسحبت من شبر واحد من الارض هل هز كيانها هل اصبحت دولة ضعيفة، الجواب طبعا لا والف لا. هل تقوقعت في قمق لا بل ان ايديها انتشرت تعبث في كيانات الامة العربية فجعلت الاخ والصديق عدوا واصبحت هي الصديق الصدوق الذي يخاف على مصالح الشعوب العربية ويريد نهضة الشعوب العربية ورفعتها وازدهارها ورفاهيتها واصبحت الام الرؤوم لهذه الشعوب، وفي كل يوم تبني وتبني المزيد من المستوطنات باعداد تفوق القتلي في بلاد العرب. لقد كانت مواقف كثير وكثير كان فيها الاعراب عن الامتعاض والشجب والاستنكار وغيرها من العبارات القاسية كما هي قسوة الصحراء والحارة كما هي حرارة النفط والنار ولهيب الصحراء لكن ماهي النتيجة، حدث ما حدث ونحن نظر ونبكي ونتألم دون ان يشعر احد بنا. فاصبحنا ننتحل شخصيات وشخصيات ونستبدل هويات وهويات التي لم تغير من الواقع شئ. نحن بنى العرب اكثر الامم مشاعر عاطفية لدينا مشاعر جياشة نصبها عبر الشوارع والجرائد والصحفات الورقية وغير الورقية وفي مجالسنا وخلوانتا وحتى في همساتنا الجميلة في ساعات الانس والهيام بين يدي الحبيبة وبين تلك الهمسات واللمسات نتذكر الارض السليبة نتذكر القدس نتذكر رجال الامة لكن لا نتذكر الشهداء ولا الابطال ولا الدماء التي سالت وهدرت بسبب الاكتفاء بالصراخ والكلام على جوانب الطريق الطويل وفي جلسات السمر وفي المناسبات الحزينة والمفرحة نثمن فيها جهود الصارخين الاكثر صوتا في هذه المشاهد الدرامية الحزينة. لن ولن والف لن ولن يحدث شئ نتيجة الصراخ و العويل، فالاوطان لا تتحرر بالكلمات والنصر لن يكون بدون ثمن وثمنه ليس حروف نصفها على الورق ولا نطلقها في الهواء فهي لا تصل الا لمسافات قصيرة فالصوت يتناهي حتى لا يسمع فكيف يكون ذلك التناهي مع ضوضاء السيارات. الامم والدول لا تبنى مواقفها ولن تغير قرارتها ولا سياستها استجابة للحروف ولبس القمصان المرسوم عليها خريطة اوصورة لمكانكما ان الامم لا ترسم مكانتها عبر ذلك وذلك بل عبر العمل والجد وعبر العمل المنظم. فهاهو وعد بلفور والذي احتفنا بالعام المئة له ولم يتغير لا بل اصبح حقيقة واقعه وكذلك الامر مع كل الوعود التي اعطيت لبعض الاطراف والتي نفذت بحذافيرها، لكن الوعود التي تطلق لنا تذهب مع الريح والرياح العاتية ولا نعرف اين هي الان. انا لا اعرف كيف يكون لنا قرارا اوتاثيرا بالعالم ونحن في كل قرية وحي وكل زقة لنا كيان لا بل كيانات كيف يكون لنا مكانه في التاريخ ونحن نمزق بلادنا بايدينا وبحجج كثيرة ويتجمع ناس من بقاع لتفيت وتقسيم المقسم و تنفق الاموال الطائلة وتصبح اسرائيل احن على انفسنا من انفسنا فهل الداية احن من الولادة؟ بينما في قضية مصيرية كما حدث للقدس لا نجد منهم احدا الا صراحنا وعويلنا نحن من هم الهم و تلضى بنار الوعود التي تنفذ و القرارات، ومع ذلك نعيش وننسى ونبقى نتذكر ذكريات المرارة. فالمواقف في مثل هذه الاحوال معروفه وليست بحاجة الى تعريف لكننا نخاف ونخاف ونحاف من اشياء كثيرة وكبيرة لذا فالصمت ابلغ من الكلام. اجل احتفلنا يمئة عام على وعد بلفور و سنتحفل بمئة عام على اغتصاب فلسطين وبمئة عام على حريق الاقصى سنتحفل بمئة عام على قرار امريكا بشان سفارتها و نقلها الى القدس والحبل على الجرار وسنصرخ كل عام في نفس الموعد لمدة عشرة سنوات بعدها نجد شيئا اخر نصرخ عليه في شوارعنا ونستمر بالاحتفالات بالمئات من السنيين على مرور المناسبات غير الجميلة كما نستمر بالصراخ والعويل على وعود وقرارات تنفذ.
rahahlehm@yahoo.com