2024-04-23 04:06 م

هل يحذو الكتالونيين حذوة الكورسكيين ؟

2017-12-13
بقلم: رابح بوكريش
أظهرت النتائج النهائية للدورة الثانية من الانتخابات المحلية في كورسيكا ، أن تحالف الاستقلاليين ومؤيدي الحكم الذاتي، حقق نتيجة تاريخية بعد فوزه بنسبة 56.5 بالمئة من الأصوات، ما سيضمن له غالبية كبرى من المقاعد الـ63 التي سيضمها البرلمان المحلي الجديد . ويطالب القوميون بنقل سلطة حقيقية تشريعية وضريبية تعترف بها الدولة الفرنسية والاتحاد الأوروبي . كما يأملون في الدفع باتجاه تحقيق مطالبهم الرئيسية الثلاثة وهي العفو عن “السجناء السياسيين”، واعتبار اللغة الكورسيكية لغة رسمية وقضية تصاريح الإقامة لمنع المضاربات العقارية في الجزيرة . المهم في كل هذا فإن مطلب استقلال كورسيكا عن فرنسا ليس امرا مطروحا . والحقيقة أن هذا المطلب أصبح من الماضي بسبب أن سياسة المتطرفين لا تؤدي إلا الى المآزق . ولم تعد مسألة الانفصال عن فرنسا معركة بين الناخبين بسبب أن الأغلبية الساحقة لا تريد الرجوع الى الإرهاب . والسؤال الافتراضي هنا هو : هل يحذو الكتالونيين حدوة الكورسكيين ؟ لقد صار من المتوقع أن البرلمان الجديد الذي سيظهر بعد انتخابات 21 ديسمبر أنه سيغير استراتيجيته- التي لا تتركز على الاستقلال - والدخول في مفاوضات مع الحكومة المركزية في مدريد . على كل حال الأغلبية الآن في كتالونيا تتحاشى الحديث عن الانفصال لأنه سيؤدي الى الارتماء في مغامرة جديدة لا حد لها . وليس من شك أن العصبية والقومية والافكار الساذجة التي لا تشبع ولا تغني من جوع في هذا العصر الذي هو عصر الثروة والتجارة والعمل والتكتلات الاقتصادية الكبرى ولا مكان فيه للكيانات الصغيرة . إذن لم يعد في الإمكان أن نؤمن بان الحركات الانفصالية التي تظهر غالبا بسبب تراكم الشعور بالتهميش والإهمال من طرف الجزء المسيطر. والحقيقة الواضحة تماما هي : إنه كما يقال : في الاتحاد قوة. وليس هناك مثال أدل على ذلك من أمريكا التي تسمي الولايات “المتحدة”. وقبلها المملكة المتحدة البريطانية وأخيراُ رغبة الدول الأوروبية في تكوين هوية جديدة تتماشي مع العصر. أن الديموقراطية واتساع مساحة المشاركة السياسية وشيوع روح المساواة والتعايش مع الآخر واحترام الغير، هي كلها أمور لازمة لمواجهة مرض التقسيم . وهكذا فإن الدعوة إلى التماسك والاندماج مفروضة على المجتمعات حتى يعيش الجميع في سلام وازدهار فنحن في عصر التكتلات الكبيرة لا الكيانات الصغيرة وعصر الأمم الناهضة لا الدويلات التي تحاول أن تظهر .