2024-04-18 08:40 ص

تدينون النازية ولكن لا تدينون جرائم الصهاينة

2018-02-03
بقلم: عميرة ايسر
لأننا نعيش في زمن أغبر أسود حيث انقلب المفاهيم والموازين والمعايير والقيم الإنسانية، وأصبحت الجلادون هم الضحايا، أماَّ الضحايا فهم قتلة و معتدون وإرهابيون، لا استغرب إطلاقاَ ما قام به أحد الصهاينة العرب والمتدثر بدثار الدين و العلم الشرعي، وهو لا يختلف كثيراَ عن علماء السلطان الذين اعتبروا المقاومة والجهاد ضدَّ المحتلين الصهاينة إرهاباً ومخالفة لأوامر الدين، أماَّ تدمير البيوت فوق رؤوس أهلها في غزة و حرق الأطفال وهم أحياء فمسالة فيها نظر، وهي جائزة شرعاً بنظر هؤلاء المتاجرين بالدين والدنيا، هذا المدعو محمد بن عبد الكريم العيسى والذي ولأنه خادم مطيع لمحمد بن سلمان الذي ارتبكت قواته في اليمن من المجازر والمآسي ما يندى له جبين البشرية جمعاء، وحوَّل اليمن بحسب أرقام وإحصائيات الأمم المتحدة إلى دولة تهددها الأمراض والمجاعات وتنتشر فيها أمراض الكوليرا والتيفوئيد، ويعاني نصف سكانها من سوء التغذية ومختلف أنواع الأوبئة الخطيرة والمعدية، فقد تمَّ تعيينه كأمين عام لرابطة علماء المسلمين والتي مقرها في السعودية، أوامر التطبيع مع الكيان الصهيوني والتي علت نبرتها في مختلف وسائل الإعلام السعودية أصبحت منظمة، ولها رعاتها ومن يشدُّ على يد أصحابها، لدرجة أن هذا المدعو محمد بن عبد الكريم العيسى أرسل بياناً ندد فيه بالمحرقة اليهودية التي قام بها الزعيم النازي الراحل أدولف هتلر، والذي أذلَّ الصهاينة ومسح بكرامتهم الأرض لأنه يعرف بأنهم عبارة عن شرذمة من الأفاقين والقتلة و لم ينل العالم من ورائهم سوى انتشار الانحلال الأخلاقي والرذيلة والفساد، وما يفعلونه منذ أكثر من 70 سنة في الأراضي العربية المحتلة أكبر شاهد على ذلك، فالرسالة التي بعث بها هذا الشخص إلى الأمينة العامة للمتحف التذكاري للهولوكوست سارة بلومفيلد يستنكر فيها هذه الجرائم المروعة بحسب زعمه، وهذا ما دفع بوزارة خارجية الكيان الصهيوني إلى أن تعرب عن تقديرها العميق لمثل هذه التصرفات من جانب فضيلة هذا الشيخ. ومما جاء في نص تلك الرسالة المشئومة، أن التاريخ لا يمكن إنكاره أو التلاعب به، وبأن أيَّ إنكار لمأساة الهولوكوست أو التقليل من تأثيراتها هي تشويه للتاريخ، و إهانة لكرامة أيّ روح أزهقت، لا بل هو إهانة لنا جميعاً، لأننا ننتمي إلى الروح البشرية نفسها، ونتقاسم الروابط البشرية نفسها. وكان نفس الشخص قد صرح لجريدة معاريف الصهيونية قبل مدة ، بأن الإرهاب باسم الإسلام غير مبرر حتىَّ ولو كان ذلك في الكيان الصهيوني الغاصب، أي إسرائيل، وهذا نفي صريح وإدانة للعمليات البطولية التي يقوم مجاهدو المقاومة البطلة بتنفيذها ضدَّ الكيان الصهيوني سواءٌ في فلسطين المحتلة أو على الجبهة اللبنانية الجنوبية، ولكن ولأنَّ هذا الشخص والذي لا يستحق لقب فضيلة الشيخ لأنه غير جدير بهذا اللقب من وجهة نظري لأنه جاهلٌ بالتاريخ اليهودي و العالمي فدعني أعطيه بعض الحقائق حول نظرة الكتب والأبجديات الدينية اليهودية لنا كعرب أو كمسلمين أو لجميع شعوب الأرض ، فنقرأ في كتاب التلمود المقدس عندهم، كما جاء ذلك في كتاب جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع تأليف الأستاذ محمد ندا، وكتاب همجية التعاليم الصهيونية للأستاذ بولس حنا مسعد، ومما جاء في هذه المراجع المهمة وغيرها بأن اليهود هم شعب الله المختار فقط دون سواهم من أمم وشعوب الدنيا، وبأن غير اليهود في التلمود هم عبارة عن حمير وجدوا فقط لكي يركبهم اليهود، فإذا نفق منهم حمار ركبوا منها حماراً آخر، وذلك حسب زعمهم مرده إلى أن نبي الله إبراهيم الخليل عليه السَّلام عندما ذهب ليقدم ابنه إسحاق حسب زعمهم قرباناً إلى الله أخذ خادمه معه، فقال: لهم امكثوا هنا والحمار، وأضاف سأذهب أنا وولدي إلى الإمام، ومن هنا عرفوا بأن غير اليهود هم عبارة عن حمير، ولهذا عنهم إذا أراد اليهودي قتل حيوان، فقتل شخصاً مكانه خطأً، أو أراد قتل وثني أو أجنبي فقتل يهودياً، فذنبه مغفور، ومن يقتل مسيحياً أو وثنياً، يكافئ بالجلوس في الفردوس مخلداً، والجلوس هناك في السَّرايا الرابعة، أماَّ من يقتل يهودياً من الأميين فكأنما قتل الدنيا كلها، كما أنه يجوز لهم قتل الأميين وهم كل شعوب الأرض من غير اليهود، فإنَّ مثل هذه الأفعال تقربهم إلى الله زلفى، كما أنه، وبحسب زعم عقيدتهم التلمودية المحرفة، إذ وقع أحد الأممين سواءً كان مسلماً أو مسيحياً أو حتى وثنياً في حفرة، وطلب المساعدة من اليهودي فلا يجوز له مساعدته بل يسدُّها عليه بالحجر، وقال: اقتل كل من قدرت عليه من غير اليهودي، أقتل الصالح من غير اليهودي، وعلى اليهودي أن يطعم الكلاب ولكن لا يجوز له إطعام الأغيار، يعني غير اليهود، إنَّ الله لا يغفر لليهودي الذي يرد للأممي ماله المفقود، كما أنه حسب شريعتهم المحرفة يجوز اغتصاب زوجات غير اليهود أي الأجانب، فإتيان زوجات الأجانب جائز شرعاً عندهم، لأن المرأة الغير إسرائيلية بهيمة، ولا عقد للبهائم بحسب رؤيتهم لها، وكذلك فإنَّ لليهودي الحقَّ في أن يغش غيره ويحلف له إيماناً كاذبة مغلظة، ولا يجوز له أن يقرض الأجنبي إلاَّ عن طريق الربا. هذا جزء صغير جداً من الآيات التي تحث على الكره والبغض، والقتل والاحتقار والاغتصاب في المنظومة الدينية التلمودية اليهودية المحرفة، والمُعتمدة عند حاخاماتهم وكبار المفكرين عندهم، أماَّ عن كذبة المحرقة اليهودية التي صدَّعوا رؤوسنا بها لسنوات طوال، فأحيلك على كتاب الفيلسوف الفرنسي الشهير روجي غارودي، و الذي دحض افتراءاتهم الكاذبة وبالأدلة النقلية والتاريخية العقلية في كتابه الخرافات المؤسسة للسِّياسة الإسرائيلية، بينما يذهب المؤرخ البريطاني المعروف ديفيد إفرينغ والذي تمَّ اعتقاله بتاريخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر في النمسا سنة 2015م، إلى القول بأنه لا يوجد دليل تاريخي واحد موثَّق على حدوث ما يسمى بالمحرقة اليهودية، أماَّ الهولوكوست فهو مصطلحي ميثولوجي يهودي يعني تقريب قربان وتضحية (ليهو) الرب المعتمد في الديانة اليهودية، فكل الافتراءات والأكاذيب التاريخية التي تتحدث عن وجود حوالي 6 ملايين يهودي في ألمانيا، وبأنه قد تمَّ القضاء على نصفهم في أفران الغاز هي عبارة عن أساطير لم تثبت علمياً، وفق المناهج التاريخية الاستقصائية الحديثة، بالإضافة إلى أن هتلر قد قام بإعدام حوالي 200 ألف من الغجر، ونفس العدد تقريباً من الأرمن، وغيرهم من الملل والنحل والطوائف الدينية، ولكن لم نسمع من أحفاد هؤلاء القوم، بأنَّ أبائهم وأجدادهم تعرضوا لإبادات جماعية في عهد حكم النازية لبلدانهم، ومطالبتهم بتعويضات من حكومات الدول الغربية وليس من ألمانيا لوحدها فقط، كما فعلت الحركة الصهيونية العالمية التي تسيطر على مراكز المال، والإعلام في معظم الدول الغربية الكبرى، فجعلت من يشكك فيها عدواً لسَّامية، رغم أن السَّامية تشمل العرق العربي كذلك، لأن اليهود والعرب من أبناء سام وهو من أبناء نوح عليهما السَّلام، نبي الله الذي نجاه من الغرق الأعظم. والشيء الأخر الذي يخاف الكثير من دعاة الحق الصهيوني في التعويض عن ما يسمى كذباً وبهتاناً بالمحرقة اليهودية إبرازه إعلامياً، هو الاتفاق الذي عقد بين الحركة النازية والصهيونية قبل أن ينقلب هتلر ضدَّ اليهود، و بدأت خيوطه تنسج بين الطرفين الصهيوني والألماني سنة 1933م، وهو يعرف تاريخياً بوثيقة أو عقد الهافارا والذي استمر العمل به حتىَّ سنة 1942م، و ينص على أن تقوم الحركة الصهيونية بالتعاون مع الحكومة الألمانية النازية، من أجل أن تساهم الحكومة الألمانية في تهجير اليهود إلى فلسطين المُحتلة، في مقابل أن تسعى الحركة الصهيونية لفك الحصار المفروض عليها من الدول الأوروبية، بعد توقيع معاهدة فرساي المذلة للألمان سنة 1919م، وبأن يقوم اليهود كذلك حسب نصب بنود اتفاقية الهافارا بإيداع أموالهم في أحد البنوك الألمانية، على أن تقوم الحكومة المركزة في برلين بشراء الآلات الزراعية والعسكرية بثمنها، وأن تعيد إرسالها إلى فلسطين المحتلة، وتقوم الحركة الصهيونية بإعادة ما دفعه اليهود الألمان من أموال نقدية عند وصوله إلى الأراضي المحتلة عن طريق بنك فلسطين، والهافارا معناها الترانزيت أو الترحيل، وبعد عدَّة صعوبات إدارية تمَّ التوقيع بين الطرفين في العاصمة برلين، وحضر عن الجانب الصهيوني حاييم أرلوزوروف مبعوث ديفيد بن غوريون، وهيدج المسئول الألماني، وشارك في هذا الاجتماع أربعة مسئولين ألمان واثنين من الصهاينة، وبموجب هذا الاتفاق حصلت عمليات الترحيل، وتمَّ نقل الرساميل من ألمانيا إلى فلسطين المحتلة. فالتعاون الوثيق والجذور التاريخية العميقة الموجودة بين الحركتين الصهيونية والنازية أبرزه الكاتب اليهودي بيير جيري باري في كتابه الذي عنوانه مساء المهمة، والذي يؤكد من خلاله على أن النازية كفكرة شوفينية عنصرية موجودة في سفر يشوع التوراتي، وهو ما أكد عليه ستراشر في جلسات الاستماع الخاصة بمحاكم نورمبرغ، والتي عقدها الحلفاء بضغط من قيادات الحركة الصهيونية العالمية، لمحاكمة القادة النازيين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وبالتالي فإن كل من يتعاطف مع هؤلاء القتلة المجرمين عليه أن يقرأ التاريخ الحديث ليعرف كم حجم الدسائس، والمؤامرات التي حاكوها حتى ضدَّ أبناء جلدتهم من أجل تحقيق مآربهم، الاستيطانية الاستعمارية الدنيئة في فلسطين المحتلة، وغيرها من أراضي بلداننا العربية، وكان الأولى بهذا الشيخ الذي يمثل تكتلاً علمائياً إسلامياً، أن يقف إلى جانب المظلومين، والمقهورين من أبناء الشعب الفلسطيني الصامد، رغم القمع والحصار والتهميش والإقصاء، بدل الوقوف إلى جانب الطغاة المغتصبين، وتمجيد تاريخهم الذي بنوه على أشلاء الضحايا الأبرياء. 
 *كاتب جزائري