2024-04-19 09:45 م

عن الاتحاد الأوروبي والمستوطنات الإسرائيلية

2018-02-15
بقلم: السيد أمين شلبي

في هذا الشأن نستطيع أن نستدعي تاريخ الاتحاد الأوروبي مع عملية بناء المستوطنات، ولعل أبرز تعبير عن موقفه جاء على لسان الممثلة العليا لشؤونه الخارجية كاثرين أشتون عام 2008، عندما ألقت خطاباً في الجامعة العربية، كان في مجمله إيجابياً، بدأته بأن «هدفنا دولة فلسطينية صالحة للحياة في الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة على أساس خطوط 1967 وأنه إذا كان هناك سلام حقيقي فإن طريقنا يجب أن يصل إلى حل لمدينة القدس باعتبارها عاصمة مستقبلية لكل من إسرائيل وفلسطين». أما الموقف من المستوطنات فعبّرت عنه تحديداً بالقول: «إن قرارات إسرائيل لبناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية وتجعل حل الدولتين مستحيلاً». غير أن هذا البيان لم يكن الأول من نوعه، أوروبياً، إذ سبقته بيانات وقرارات عدة من أهمها قرار المجلس الأوروبي الذي تبنى حل الدولتين، ودان بناء المستوطنات الإسرائيلية، وهدم المنازل وطالب برفع القيود على تحركات الفلسطينيين.

وهي المواقف التي تبناها اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009.

فكيف كانت استجابة إسرائيل لهذه البيانات والقرارات؟ إن الرد يبدو واضحاً في تعليق بنيامين نتانياهو عليها، إذ قال: «بيانات جديدة ستوضع على الرف».

وطبّق نتانياهو تجاهل هذه القرارات بتسريع بناء المستوطنات التي سيضيف إليها القرار الجديد 1022 وحدة سكنية.

المعنى الرئيس لهذا التجاهل يستند إلى أن المواقف الأوروبية اقتصرت على إصدار البيانات، والاستثناء الوحيد هو مقاطعة المنتجات الإسرائيـــلية التي صنعت في الأراضي المحتلة، ولم يـــؤثر في العلاقات الثنــــائية الواســعة بين إســرائــيل ودول الاتحــاد الأوروبـي.

وفي سياق متصل، كان من الواضح أن الرئيس الفلسطيني شجّعه رفض الاتحاد الأوروبي ودوله الرئيسة قرار ترامب حول القدس، وعُرف قـــــبل زيارته بروكسيل في 21 كانون الثاني (يناير) الماضي، أنه سيطالب الاتحاد بالاعتراف بدولة فلسطينية، لذلك استبقت فرديكا موغريني الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي زيــــارته وأعلنت أن الاعتراف بــــدولة فلسطينية أمر يخص كل دولة على حدة، وأعرب وزراء أوروبيون أنه من الأفضل الانتظار حتى تتبين مبادرة الإدارة الأميركية حول تسوية النزاع، وحتى الاعتراف بدولة فلسطينية إمكان استئناف عملية السلام، ولذلك حرص الرئيس الفلسطيني على أن يوضح خلال الزيارة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يعيق استئناف المفاوضات، على العكس سيفتح آفاقاً جديدة ويعطي أملاً جديداً للفلسطينيين.

أما القضية الثانية التي أثارها أبو مازن خلال الزيارة فهي عقد اتفاق شراكة بين الاتحاد والسلطة على غرار الاتفاق مع دول عربية، وبينما تحفظ بعض الوزراء الأوروبيين على هذا المطلب باعتبار أن اتفاقيات الشراكة عقدت مع «دول»، قال وزير الخارجية الفرنسي إن الاتحاد ينظر في توسيع الشراكة المعتمدة حالياً مع الفلسطينيين.

وهكذا ظل موقف الاتحاد الأوروبي، قضية المستوطنات ثابتاً عند مجرد الإدانة ومنح المساعدات وظلت إسرائيل الشريك التجاري الأول للاتحاد، وإن كان وزير الخارجية الألماني خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل لوّح بتوقف المساعدات عندما شدّد على أن «حل الدولتين كان دائماً أساس ضلوعها في السلام والدعم الاقتصادي»، مضيفاً أنه «من الصعب على أشخاص مثلي تفسير دعمنا لإسرائيل».

ويبدو الاتحاد على الأقل متردداً في الاعتراف بدولة فلسطينية، في الوقت الذي أبدى استعداده للمشاركة في إحياء عملية السلام، كان واضحاً في ضرورة المشاركة الأميركية ومطالبة الرئيس الفلسطيني أن يكون «عملياً»، كما عبر بعض الوزراء الأوروبيين. ولعل هذا ما يفسر توجه أبو مازن إلى موسكو للبحث عن صيغة دولية جديدة لمفاوضات السلام.


(الحياة) اللندنية