2024-03-28 10:45 م

نظرة أعمق نحو الدور الأمريكي التخريبي بأندونيسيا

2018-02-18
بقلم: السيد شبل
للمخابرات الأمريكية سجل حافل بالتدخلات بأندونيسيا.. ففي عام 1955، بتوجيه من الرئيس داويت أيزنهاور، تم التخطيط لاغتيال الرئيس سوكارنو، وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، حاولت "السي آي إيه" عقاب سوكارنو عبر تمويل خصومه السياسيين، وحصل اتفاق مصالح بينها وبين جماعات الإسلام السياسي التي كانت تعارض سوكارنو وتحاول اغتياله، وأبرزها جماعة دار الإسلام، وهي جماعة سلفية إسلاموية في أندونيسيا، طمحت للحكم والاستيلاء على أجزاء من البلاد، لتطبيق أجندتها الهادفة إلى "تحكيم الشريعة" و "إقامة دولة إسلامية" حسب فهمها، ونشأتها سبقت استقلال البلاد. وقد دخلت في صراع مسلح مع النظام المعروف بمواقفه المناهضة لواشنطن، ونجحت بالسيطرة على بعض المناطق، وكانت الحركة تضم 15 ألف مقاتل مسلح يعملون تحت راية "تينتارا اسلام اندونيسيا" (الجيش الاسلامى الاندونيسى). وفي 1957، حاول أتباع دار الإسلام دون جدوى اغتيال سوكارنو من خلال القاء قنابل يدوية عليه، وسط العاصمة جاكرتا. في 25 سبتمبر 1957 قرر أيزنهاور التصعيد، فأصدر أمرًا إلى وكالة المخابرات المركزية للإطاحة بحكومة سوكارنو، ورغم أن المخابرات السوفيتية حينها اكتشفت الأمر وفضحته، إلا أن السيناريو استمر عبر وكلاء، ففي 1958 تم دعم حركات عسكرية متمردة انقلابية في جزيرتي سومطرة وسولاوسي، ومدّها بالأسلحة ودعمها إعلاميًا. فتم تأسيس قواعد العمليات في الفلبين، كما جرى اعداد شحنات من الاسلحة لتوزيعها على القوات المتمردة. كما قامت وكالة الاستخبارات المركزية بتمويل قوات المتمردين بمحطات إذاعية مناهضة لسوكارنو في إطار حرب نفسية. بل وتدخلت طائرات تابعة للمخابرات لقصف مواقع أندونيسية، بالختام. لكن هذه المحاولات انتهت بالفشل، لكنها صعّبت الأمور على النظام، واستنزفته. وقد حاول الأمريكيون خلال هذه الفترة الاستثمار في بعض الظروف الاقتصادية الصعبة لدى سكان الجزر النائية الناتجة عن أن مشروع وحدة الدولة لم يكن قد اكتمل بعد، لحداثة الاستقلال والمشروع الوطني، وللصعوبات التي تقف في وجهه. وقد تشكلت تلك الحركات المتمردة المسلحة بزعامة قادة منشقين عن الجيش بالإضافة إلى مدنيين وكذلك "سلفيين جهاديين" من مجموعة "دار الإسلام"، حيث صار "تنتارا إسلام إندونيسيا" بقيادة قاهر مذكر، الضابط السابق بالجيش، جزء مما سُمي بـ"الحكومة الثورية لجمهورية اندونيسيا"، وهو العنوان الذي منحته أمريكا لخدّام مشروعها. وهذا التيار "الجهادي" وسيكون له تأثير بالمستقبل، حيث سينخرط في أعمال عنف بأندونيسيا في الثمانينات وحتى العقد الماضي وبصور مختلفة إلى اليوم، حيث سيقوم باستهداف أفراد بالأمن والجيش وسائحين إلى جانب هجمات على كنائس ومساجد تابعة للطائفة الأحمدية أو مساجد في مجمعات للشرطة (تفجير سيريبون 2011 خلال صلاة الجمعة)، وتحريض على الشيعة -قرابة المليون- وهو الأمر الذي تطور لإعلان "الجهاد" ضدهم في مؤتمر عقد بإبريل 2014، هذا بالإضافة إلى تفجير مناطق أثرية وحفلات موسيقية وضرب بعض المصالح الاقتصادية وطنية وأجنبية، وسيكون أعضاء هذا التيار جزءًا من تنظيمات عديدة فيما بعد، مثل: "الجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا"، أو "مجلس مجاهدي أندونيسيا"، وهذه التنظيمات المتورطة بالعنف، وأخرى مشابهة، هي التي تقف وراء تصدير المقاتلين إلى سوريا اليوم، كما لعبت دورًا في القتال بأفغانستان في الثمانينات. ولها ارتباطات على مستوى الأيدولوجيا والتنظيم، بالقاعدة، وبجماعة "أبو سياف" في الفلبين، التي أعلنت أنها تابعة لـ"داعش" في 23 يوليو 2014.