2024-03-29 12:18 م

الإعلام العربي ... في زمن التخاذل

2018-02-18
بقلم: بطرس الشيني
لا تزال الجامعة العربية صامتة على الاعتداءات الإسرائيلية على سورية ، ومن المتوقع أن يبقى الأمين العام لهذه المنظمة التي كانت دوماً رأس حربة في تاييد الإرهاب صامتا فهو من جهة لم يسبق له أن أدان أي هجوم إسرائيلي سابق على سورية ومن جهة أخرى هو يمثل معظم الدول العربية المؤيدة لإسرائيل والإرهاب والتي تشعر بنكبة بسبب إسقاط وسائل الدفاع الجوي السوري لطائرة إسرائيلية ...والشعور بالنكبة العربية يمكن ملاحظته بشكل واضح من خلال متابعة القنوات الفضائية التلفزيونية العربية الرسمية والخاصة ومواقع الصحف وخاصة الخليجية منها . موت الجامعة العربية سريرياً يسجل لها كنقطة إيجابية مقارنة مع "العواء ، والمواء" الذي ينطلق عبر أثير عشرات محطات التلفزيون العربية والذي يردد الرواية الرسمية الإسرائيلية ويزيد عليها ويفوقها كذباً وحقداً وكراهية، لا بل يمكن القول أن المحطات التلفزيونية والصحافة الإسرائيلية كانت أكثر موضوعية بنقل ما قاله الناطق العسكري الإسرائيلي فهي قدمت رواية واحدة تزعم من خلالها "أنها هاجمت أهدافاً إيرانية في سورية" ومقابل هذه الكذبة المتوقعة من عدو تعود تبرير اعتداءاته بالأكاذيب المدروسة التي تعتمد مستويات متقدمة في علم النفس الإعلامي لمخاطبة الداخل الإسرائيلي وجمهور عربي مغسول الدماغ وتابع ومقموع من ملوكه وأحكامه ، مقابل هذا تفتحت قريحة جهابذة اعلام العربان عن تحليلات ومقولات بدت معها المحطات التلفزيونية والصحافة الإسرائيلية غير وفية للفكر الصهيوني المتطرف . نجاح وسائل الدفاع الجوي السورية في إسقاط طائرات العدو كان نجاحاً كبيراً له تبعات استراتيجية ويمكن القول أن هذا النجاح كشف في الوقت عينه مدى اتساع موجة العمالة لإسرائيل في الدول العربية ولا شك أن ذلك السياسي الإسرائيلي الذي قال منذ عامين تعليقاً على ما يحدث في سورية والعراق ولبنان" أن إسرائيل تعيش عصرها الذهبي " كان يعلم بالتحديد عن ماذا يتحدث وإلى أي حد بات معظم القوم وخاصة في الخليج مجرد أدوات لتنفيذ مخططات إسرائيل المتعلقة بمستقبل المنطقة . إعلام ما يسمى " المعارضة المسلحة " تحول إلى ناطق باسم الجيش الإسرائيلي الذي سبق له وقدم الاسلحة لتلك المعارضة وعالج الاف الارهابيين في مشافي اسرائيل وهذا الموقف ليس غريباً بالمرة فقد سبق لتلك " المعارضة " ولجأت منذ أيامها الأولى لمهاجمة رادارات الدفاع الجوي السورية على رؤوس الجبال ومواقع الدفاع الجوي وهي قدمت بذلك "خدمة " هائلة لإسرائيل وساعدتها على استهداف مواقع سورية خلال السنوات الخمس الماضية بشكل فعال ... ويكفي متابعة تصريحات مايسمى "المرصد المعارض لحقوق الإنسان" وهو جهاز إعلامي ناطق باسم الجماعات الارهابية في سورية وتابع وممول من الاستخبارات البريطانية يكفي متابعة ماقاله هذا الجهاز للتأكد من انه مجرد وسيلة معادية لسورية فرسالته الاعلامية كما محطات وإعلام المعارضة " خلت من الإشارة إلى الاعتداء الإسرائيلي ولم تشر الى اسرائيل ولامرة على أنها "عدو"وبررت بصورة سخيفة الاعتداء وحاولت كما فعلت المحطات العربية الأخرى تجاهل سقوط الطائرة الإسرائيلية رغم الصور المنشورة ولم تورد الخبر إلا بعد أن اعترف الناطق الإسرائيلي بذلك .... رسالة محطات الجزيرة والعربية وسكاي نيوز عربية وإحدى المحطات اللبنانية كانت مجرد نسخة فوتوكوبي عن القنوات الإسرائيلية مع شحنة إضافية من الحقد وتلك المحطات اعتمدت الى درجة الالتزام " الأخلاقي " بالمصطلحات والتعابير الإعلامية الإسرائيلية ، وكذلك فعلت العديد من المحطات التلفزيونية الخليجية الحكومية وخاصة السعودية التي روجت لعدة ايام مقولة "نتنياهو" الذي زعم انه دمر العديد من الاهداف الايرانية في سورية ..... وبالمقابل تجاهلت تصدي الدفاعات الجوية السورية لطائرات العدو !!... الإعلام الغربي الناطق بالعربية قام بدوره المعتاد في كل حرب عربية إسرائيلية فهو مؤيد لإسرائيل في كل ما تفعل حتى في قتلها الأطفال والمدنيين الفلسطينيين فكيف الأمر عندما يتعلق بسورية .. ورغم أن الولايات المتحدة أصدرت مباشرة تصريحات رسمية مؤيدة للاعتداءات الاسرائيلية على سورية فإن محطة فرانس 24وBBCالبريطانية كانتا في مقدمة المحطات الغربية المؤيدة والمبررة للاعتداء الإسرائيلي تلتها والحرة " الأمريكية و/DW/الألمانية وكانت جميع تقارير وأخبار وتعليقات تلك المحطات متشابهة اى هدفها الرئيسي تعميم الرسالة الإعلامية للجيش الإسرائيلي حول ماحدث . ويمكن الجزم بان تلك المحطات تعمل فيما يتعلق بالخبر السوري بأمرة غرفة عمليات إعلامية واحدة فهي أيضاً غطت خبر إسقاط جبهة النصرة الإرهابية لطائرة روسية فوق ادلب مؤخراً بصورة متطابقة في الخبر والتعليق والصورة ولم يمنعها وجود جبهة النصرة على لائحة مجلس الأمن والأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية من اعتمادها كمصدر للخبر وتعميم رسالتها الإعلامية وقد فاقت "محطة فرانس 24" زميلاتها في ذلك تلتها الـBBcعربية وكان التطابق تاماً ايضاً فيما يتعلق بتجاهل سقوط عشرات المدنيين في أحياء دمشق خلال الأسبوعين الماضيين نتيجة إطلاق المنظمات الإرهابية في غوطة دمشق للصواريخ وقذائف الهاون على الأحياء المدنية والمقار الدبلوماسية وفي الوقت ذاته الترويج للحملة الأمريكية البريطانية الفرنسية حول ما تسميه تلك الدول" الأسلحة الكيميائية " وهي اسطوانة تتكرر كلما حقق الجيش العربي السوري انتصارات هامة في أي مكان على الإرهاب سواء كان الطرف الخاسر داعش أومنظمة القاعدة أو المنظمات الإرهابية الحليفة لهما ..... مرة أخرى يمكن القول أن اسرائيل تنجح بمخططاتها ليست لأنها قوية وتمتلك ترسانة هائلة من السلاح بل لأن العملاء والخونة بين العرب اكتسحوا سجل غينس اللارقام القياسية منذ سنوات .