2024-05-01 10:41 م

5 حضارات قديمة استخدمت الطاقة النظيفة.. الفراعنة صنعوا أول «خلية شمسية»!

تقديس الشمس في مصر القديمة. مصدر الصورة: brewminate

2022-01-27

تعهدت أكثر من 40 دولة خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «COP26» الذي أقيم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بالتخلص التدريجي من استخدام الفحم في قطاع الطاقة، وقد ركز المؤتمر على ضرورة هذا التحول والانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة في محاولة للحد من الارتفاع المستمر في درجات الحرارة؛ إذ يعد الفحم ومصادر الطاقة غير المتجددة الأخرى، من أخطر ملوثات البيئة وأكبر مصادر انبعاثات الكربون التي تسبب التغير المناخي.

وفي الوقت الذي يحاول العالم فيه الاتجاه إلى مصادر الطاقة النظيفة، دعنا نخبرك بأن ما يحاولون فعله ليس بالشيء الجديد، فقد استغلت الحضارات القديمة الشمس والرياح والمياه لإنتاج طاقتها، وإليك بعض الأمثلة.

المصريون القدماء أول من استخدم الطاقة الشمسية
لطالما اشتهر المصريون القدماء بتفوقهم العلمي في كافة المجالات، لذا، فلا غرابة إن تحدثنا عن تطورهم في استخدام الطاقة النظيفة، كان المصريون القدماء أول من عرف استخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتدفئة منازلهم، وصمموها بطريقة تسمح لهم بتخزين حرارة الشمس في الجدران خلال النهار، وعند غياب الشمس وفي ساعات الليل، تنطلق الحرارة لتنظم درجة حرارة المنزل.

لم تحافظ تقنيات البناء التي استخدمها المصريون القدماء على تدفئة منازلهم في الليل فحسب، بل ساعدت أيضًا في تنظيم درجة الحرارة لتكون أكثر برودة في الداخل في الأيام الحارة، وقد استغل المصريون القدماء الطاقة الشمسية (إحدى صور الطاقة النظيفة) في تدفئة المنازل بطريقة أخرى، تعرف بـ«جمع الطاقة الشمسية»، فقد كانوا يصنعون بِركًا للمياه، ويبطنونها باللون الأسود لتمتص أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس وحرارتها، وفي الليل، يضخون الماء الساخن عبر أنابيب التدفئة في المنازل والقصور.

ليس هذا فحسب، فقد تمكن المصريون القدماء من صنع خلية شمسية بسيطة باستخدام حجر الأوبسيديان البركاني وبعض أسلاك النحاس، والتي تولد عند وضعها في ضوء الشمس، تيارًا كهربيًّا، ورغم ضعف التيار الناتج من هذه الخلايا مقارنةً بالخلايا الشمسية الحديثة، فإنه كان يكفي لطلاء بعض الأجسام بالكهرباء، وقد اكتشف الباحثون أن حجر الأوبسيديان غني بالبورون الطبيعي المستخدم في تصنيع خلايا السيليكون الشمسية في الوقت الحالي، على جانب آخر، اكتشف الباحثون أيضًا أن حجر الأوبسيديان لديه القدرة على إشعاع ضوء خافت في الظلام، ولذا، فمن الممكن أن  المصريين القدماء قد استخدموه لهذا الغرض.

منازل الصينيين القدماء مصطفة لتواجه ضوء الشمس
تظهر مبادئ مماثلة لما كانت عليه الحضارة المصرية القديمة من استخدام الطاقة النظيفة، في المباني الصينية التقليدية، وخاصة في الجزء الشمالي الأكثر برودة من البلاد؛ إذ تُظهر المنازل الصينية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ أن الفتحة الوحيدة غالبًا ما كانت تواجه الجنوب، لمنع الرياح الباردة والاستفادة من الشمس منخفضة الزاوية شتاءً، كذلك، فقد أطالوا حواف أسقف المنازل (الأسقف من القش) لتتدلى فوق الفتحة، وتمنع أشعة الشمس من دخول المنزل في فصل الصيف.

ووفقًا لخبير التاريخ الشمسي في جامعة كاليفورنيا، جون بيرلين، فإنه بحلول عام 2000 قبل الميلاد، كانت الشوارع في المدن الصينية تمتد من الشرق إلى الغرب فقط، بحيث يمكن أن يكون بكل منزل قسم مواجه للجنوب في ضوء الشمس الكامل.

والإغريق ساروا على نهج المصريين والصينيين واستخدموا الطاقة النظيفة
استخدم الإغريق تقنيات مماثلة لما استخدمه المصريون لتنظيم درجة حرارة المنازل، ففي نحو عام 500 قبل الميلاد إلى العام 100 بعد الميلاد، اعتمد الإغريق طريقة في تصميم مدنهم تضمن وصول الشمس لكل منزل فيها كما فعل الصينيون من قبل، وكانت مدينة أولينثوس الجديدة في شمال اليونان أول مدينة شمسية لليونان القديمة، وتبعتها العديد من المدن، وقد بنوا الحمامات ذات النوافذ الكبيرة المواجهة للجنوب للاستفادة من أشعة الشمس لأطول فترة ممكنة، أما بالنسبة للجدران التي تتعرض لأقل قدر من أشعة الشمس، وتكون في مواجهة الرياح، فقد عزلها الإغريق لإبقائها دافئة في الشتاء.

وقد تحدث سقراط عن هذه التقنية للتسخين الشمسي السلبي قائلًا: «الآن في المنازل ذات الاتجاه الجنوبي، تخترق أشعة الشمس الأروقة (الشرفات المغطاة)، لكن في الصيف يكون مسار الشمس فوق رؤوسنا وفوق السطح، لذلك لدينا الظل».

تزعم إحدى القصص، أن اليونانيين قد تمكنوا من استخدام طاقة الشمس لتدمير سفن الأعداء، فعندما أتت قوة بحرية رومانية لنهب قلعة سيراقوسة اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، استخدم الإغريق بمساعدة المخترع أرخميدس، دروعًا معدنية مصقولة للغاية لتكون مرايا لتضخيم أشعة الشمس وتركيزها، وتوجيهها ناحية السفن القادمة وإشعال النيران فيها.

ورغم أن العلماء وجدوا استحالة تحقق ذلك من خلال دراسة نشرت عام 2000 بعنوان «انعكاسات مرايا أرخميدس المحترقة»، فإنه بالفعل لو كانت هناك مرايا مسلطة على سفن الأعداء، فيمكنها أن تصيب الأشخاص بالعمى، أو تتسبب لهم في حروق، بعيدًا عن صعوبة إحراق جسم السفينة نفسه.

وفي القرن الخامس الميلادي تقريبًا، ركزت دراسة الطاقة الشمسية على ما يسمى بالزجاج المحترق، وقد لاحظ العديد من الفلاسفة اليونانيين، أن المرايا والعدسات المحدبة يمكن استخدامها لتركيز أشعة الشمس، وتوليد حرارة كبيرة، وربما إشعال الحرائق.

الرومان استخدموا طاقة الشمس والماء والرياح
لم يكن استخدام الطاقة النظيفة قاصرًا على المصريين القدماء والإغريق، فقد أثبت التاريخ أن الرومان كانوا أيضًا مستغلين ماهرين للعديد من الموارد الطبيعية من حولهم. كان لدى الرومان وفرة من الشمس والماء والرياح والتي يمكن استخدامها كلها في توليد الطاقة.

في القرن الأول قبل الميلاد، رأى المهندس الروماني الشهير فيتروفيو منازل الطاقة الشمسية في اليونان أثناء عمله مهندسًا عسكريًّا في فترات الغزو، ونقل ما رآه وسجله في كتابه عن الهندسة المعمارية ليكون دافعًا للرومان في استغلال طاقة الشمس في تدفئة المنازل والحمامات.

وفي تلك الفترة وحتى عام 500 بعد الميلاد، أصبحت المنازل تستخدم ضوء الشمس للتدفئة والضوء، وكانت المنازل والحمامات مصممة بحيث تواجه شمس الظهيرة في الشتاء، واستخدموا الزجاج ومعدن الميكا الشفاف لاحتجاز حرارة الشمس بالداخل، وأصبحت طريقة البناء المواجهة للشمس شائعة، وظهر أحد «قوانين جستنيان» لينص على أحقية الوصول إلى الطاقة الشمسية، ومنع الجيران من حجب ضوء الشمس، وعليه يقرر القاضي مقدار ضوء الشمس الذي يمكن أن يتوقعه صاحب المنزل بشكل معقول، ومقدار ضوء الشمس الذي يمكن أن يحجبه الجار بشكل معقول.

كما استخدم الرومان الطاقة الشمسية، إحدى صور الطاقة النظيفة، لتسخين الحمامات. في البداية، كانوا يسخنون الحمامات باستخدام أنظمة مواقد تعمل بحرق الأخشاب مع ممرات لتوصيل الحرارة إلى الحمامات وغرف البخار، لكن مع الإسراف في استخدام الأخشاب، اضطر المواطنون إلى اللجوء إلى مصادر أخرى للطاقة؛ لذا، كانوا يجعلون جدران الحمامات المواجهة للشمس تتكون بالكامل من النوافذ، لتساعد في التسخين مما يقلل بشكل كبير من كمية الخشب التي يجب أن يحرقها الحمام.

من ناحية أخرى، كانت الطاقة المائية تستخدم على نطاق واسع في الإمبراطورية الرومانية بحلول القرن الأول قبل الميلاد، أكثر من أي مصدر آخر للطاقة، فكانوا يضعون عجلات على محور أفقي أو رأسي لتحول الطاقة الحركية الناتجة من حركة المياه إلى طاقة ميكانيكية، ليستخدموها في أغلب الأحيان في تحريك حجر الرحى لطحن الحبوب، كذلك، تمكن الرومان من استخدام نواعير المياه لرفع المياه من النهر إلى قنوات صغيرة لتوزيعها على المستوطنات القريبة.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد استخدم الرومان الماء لتشغيل الساعات وحتى مع الأجهزة الخاصة بعزف الموسيقى، كما اعتمد الرومان كذلك على الينابيع الساخنة لتسخين المساحات الأرضية، واستغلوا هذه الطاقة الحرارية الأرضية وبنوا فوقها الحمامات، لكن اقتصرت على المواقع التي يمكن الوصول فيها إلى الماء الساخن والبخار.

أما عن طاقة الرياح، فقد استخدمها الرومان في دفع عجلة لطحن الذرة، كما استخدموها في تشغيل المراكب الشراعية ليتمكنوا من نقل البضائع أو السفر إلى بلدان أخرى. وكانت عجلة الرياح التي اخترعها المهندس اليوناني هيرون الإسكندري في القرن الأول، أول مثال معروف لاستخدام عجلة تعمل بالرياح لتشغيل آلة وكانت معروفة جيدًا لدى الرومان.

وبلاد فارس أول من استخدموا الطاحونة الهوائية
تؤكد الأدلة الأثرية والمكتوبة على أن أول استخدام للطاحونة الهوائية كان في بلاد فارس (إيران حاليًا)، وجاء ذكرها في كتابات العالم الجغرافي الفارسي أبو القاسم الإصطخري في القرن التاسع، وقد ساعدت الرياح المتوقعة والمستدامة القوية التي تضرب البلاد في أواخر الربيع وأوائل الصيف، في تطور استغلال الرياح والوصول إلى اختراع الطاحونة الهوائية، لتكون أحد مصادر الطاقة النظيفة.

وتشهد قرية ناشتيفان في شمالي شرق إيران على وجود بعض أقدم طواحين الهواء في العالم، فلا تزال الهياكل المصنوعة من الطين والقش والخشب موجودة إلى اليوم، وقد استخدم الفرس الطاحونة الهوائية لطحن الحبوب وسحب المياه، وكانت تختلف عن الطواحين الأوروبية الرأسية التي استُخدمت في وقت لاحق، فقد كانت الطواحين الهوائية الفارسية من النوع الأفقي ذات المحور العمودي، حيث وضع فيها الريش أو الأشرعة في وضع أفقي.

المصدر: ساسة بوست| زهراء أبو العنين