2024-04-27 07:58 م

نتنياهو يستغل الموسم الانتخابي في أمريكا.. يفتعل الأزمات.. ويبحث عن انتصارات سياسية

القدس/المنــار/ الأزمة بين اسرائيل وأمريكا، تحركها المصالح الضيقة من جانب الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، لكن، ما نراه من توتر في العلاقات يؤكد أن قرار ايقاف الحرب الوحشية على غزة أو استمرارها منذ البداية كان امريكيا خالصا، وأن لجم نتنياهو لم يكن بالمهمة الصعبة لو رغبت وأرادت إدارة بايدن ذلك.

إن التصادم العلني مع ادارة بايدن لن يعود بالفائدة أو يخدم مصالح رئيس الوزراء الاسرائيلي الانتخابية، فتصعيد اللهجة يمكن أن يعزز مكانة نتنياهو في اوساط اليمين المتطرف والتيارات الاسرائيلية الداعية الى اعادة الاستيطان من جديد في قطاع غزة على قواعد ايديولوجية دينية. لكن، بالتأكيد هذا التصادم لن يرضي اليمين المعتدل والاسرائيلي العادي الذي أدرك جيدا أهمية وحيوية الدور الامريكي في منع سقوط اسرائيل.

ويدرك بايدن جيدا أن نتنياهو يسعى الى افتعال الازمات مستغلا الموسم الانتخابي ولهذا السبب يرسل وفودا الى واشنطن لمناقشة العمليات العسكرية الاسرائيلية في القطاع واعضاء هذه الوفود من مهندسي العلاقات مع الحزب الجمهوري وتربطهم علاقات طيبة مع هذا الحزب.

وهناك العديد من الجهات اليهودية في الولايات المتحدة تتحدث عن نتنياهو بصفات غير حميدة على حد قول التقارير القادمة من واشنطن، وهذه الجهات ترى أن نتنياهو حوّل اسرائيل الى دولة معزولة بشكل كبير والى دولة ذات صيت سيء على المستوى العالمي، فهو لا يرغب بوقف مغامرته في قطاع غزة، وكلما استمر في الحرب وسقط مدنيون تتمزق أكثر صفحات العلاقات بين اسرائيل ودول مختلفة في الساحة الدولية، وبشكل خاص بين اسرائيل وشرائح عديدة داخل المجتمع الامريكي.

صحيح أن هناك تأييدا واسعا في صفوف الامريكيين لعلاقات صداقة متينة بين امريكا واسرائيل، لكن، في الوقت ذاته هناك زيادة في الاصوات التي تدعو الى مواقف امريكية حازمة ضد القيادة الاسرائيلية الحالية، وهؤلاء يرون أن اسرائيل بحاجة في المرحلة القادمة الى قيادة جديدة مختلفة تضمن الأمن لاسرائيل وتحافظ على التحالفات التاريخية وتعمل على صيانة التحالفات الناشئة وتبحث عن تحسين العلاقات مع جيرانها.

رئيس الوزراء الاسرائيلي من جانبه يبحث عن افتعال الأزمات وعيونه على ترامب حيث يأمل بعودته الى الحكم، ومن هنا تبذل المحاولات لجر اسرائيل نحو صفقة سريعة توقف اطلاق النار بشكل مؤقت كخطوة اولى نحو ايقاف الحرب، وبالنسبة لادارة بايدن فهي لا تبحث عن حلول للصراع وانما تبحث عن استقرار في ساحة الصراع في ظل الموسم الانتخابي، أما سعي نتنياهو لالقاء خطاب أمام الكونجرس الامريكي فهو شكل من أشكال الضغوط التي يمارسها نتنياهو على بايدن، ويبدو أن نتنياهو دخل مرحلة المغامرة الاخيرة، بأنه قادر على جر المنطقة كلها الى وضع متفجر حتى موعد اجراء الانتخابات الامريكية آملا فوز دونالد ترامب.

من هنا يبحث وزير الخارجية الامريكي الذي قام بست جولات في المنطقة منذ بدء الحرب الوحشية على القطاع عن صفقات جانبية وليس فقط اطلاع سراح الرهائن، يُمكن أن تعزز من انجازات الادارة الامريكية في الساحات الخارجية، صفقات تضمن استقرارا في المنطقة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في امريكا.

لكن، رهان ومقامرة نتنياهو بالعلاقات الامريكية ليست مقامرة القصد منها تحقيق مصالح اسرائيل، وفي حال فشلها فان اسرائيل قد تفقد الصديق الامريكي ما دام نتنياهو يمسك بمقود الحكم.

الاسرائيليون ومنذ السابع من اكتوبر يدركون أن لا مكان لاسرائيل والمنطقة والعالم بدون الدعم الامريكي، فهي تعتمد بشكل كلي على الذخيرة الامريكية والامداد العسكري الامريكي، من هنا فان التباطؤ في ارسال الاسلحة للجيش الاسرائيلي يعني أن هذا الجيش لا يستطيع الدخول في حرب على عدة جبهات أو أن يُقدم على فتح جبهة جديدة، وهذا خلل استراتيجي كبير، كما أن صمود الاقتصاد الاسرائيلي يستند الى المساعدات الاقتصادية الامريكية وتوقفها أو تباطؤها يعني انهيار غير مسبوق للاقتصاد الاسرائيلي.

كثيرون من المحللين والمتابعين في اسرائيل يحذرون من الدخول في صدام استفزازي مع ادارة امريكية تستعد للانتخابات، لكن، نتنياهو لا يلتفت لهذه التحذيرات.

وبالنسبة لعملية عسكرية اسرائيلية واسعة في رفح فان اسرائيل لا تمتلك حاليا القدرة على ضمان جبهة دولية قوية داعمة كما كان عليه الحال غداة السابع من اكتوبر، وعليه فان نتنياهو سيضع الحسم العسكري ضد قطاع غزة جانبا بشكل مؤقت ويبحث عن تحقيق انتصارات سياسية عبر التشاور بشأن آليات وخطط ترسم شكل اليوم التالي للحرب على غزة.