2024-05-17 08:12 م

قصة المنتدى العربي الاستخباري الذي اجتمع في مصر بحضور السيسي

2021-02-02
جاء الإعلان عن عقد المنتدى العربي الاستخباراتي بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليثير تساؤلات عن أعضاء هذا المنتدى وأهدافه، ومتى تم تأسيسه ومن هم خصومه المفترضون.

وشارك الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الإثنين 1 فبراير/شباط 2021، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في أعمال الجلسة الافتتاحية “للمنتدى العربي الاستخباراتي”، فيما افتتح رؤساء أجهزة الاستخبارات العربية المشاركون مقر المنتدى بالقاهرة، بحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المصرية.

ولا يعرف هل المنتدى العربي الاستخباراتي جزء من منظومة الجامعة العربية للمنظمات والأجهزة المتخصصة، أم أنه كيان منفصل.

ولم تذكر التقارير أي الدول العربية التي شاركت في المنتدى، ولكن فلسطين أعلنت من جانبها مشاركتها في الاجتماع.

ويظهر أن هذا ليس الاجتماع الأول المنتدى العربي الاستخباراتي؛ بل تشير التقارير الإعلامية إلى أن الاجتماع عقد العام الماضي، في نهاية فبراير/شباط 2020.

وخلال العام الماضي استقبل السيسي رؤساء أجهزة المخابرات المشاركين في المنتدى العربي الاستخباراتي بالقاهرة.

ويعد عقد منتدى استخباراتي بهذا الشكل العلني أمراً لافتاً، خاصة في الدول العربية التي تحيط عملها الاستخباراتي دوماً بدرجة كبيرة من السرية.

أهداف المنتدى العربي الاستخباراتي
يعني إنشاء مقر دائم للمنتدى بالقاهرة، محاولة من القوة الدافعة وراء المنتدى وهي مصر بلد المقر، لتنظيم عملية التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات.

ولكن أي معلومات، وما هي أهداف المنتدى العربي الاستخباراتي ومن هم خصومه المحتملون.

يمكن معرفة أهداف المنتدى من  كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي والبيانات الرسمية المصرية الصادرة عن المنتدى، علماً أنه لم يتسن الحصول على بيان من المنتدى نفسه.

في كلمته التي ألقاها عبر الفيديو كونفرانس بالجلسة الافتتاحية للمنتدى هذا العام، أكد السيسي أهمية تفعيل هذا المنتدى كآلية قوية وداعمة للتعاون الاستخباراتي الوثيق بين الدول العربية، فضلاً عن العمل على وضع منظومة متكاملة ومحكمة لمكافحة الإرهاب تعتمد على تقاسم الأدوار وتبادل الخبرات، والتحديث والتطوير المستمر لآليات المواجهة في هذا الشأن.

موجه لتركيا وليس إيران.. وتراجع للأجندة السعودية
وقال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي في المنتدى العربي الاستخباراتي، إن “تنظيمات إرهابية تمددت في دولنا بدعم من قوى إقليمية وخارجية تستهدف الفوضى”.

كما دعا السيسي في حفل افتتاح “المنتدى العربي الاستخباراتي” إلى الوحدة العربية لمواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة من الإقليم أو الخارج، بحسب بوابة “الأهرام” المصرية.

وتابع أن “التنظيمات الإرهابية المدعومة من الخارج تستهدف مقدرات الوطن العربي”.

لم يتطرق ما رشح عن المنتدى العربي الاستخباراتي أو من كلمات السيسي صراحة أو ضمناً إلى إسرائيل، وكذلك لم يشر الخطاب ضمنياً إلى إيران، (يخلو الكلام من الإشارة إلى التنظيمات الطائفية الموالية للدول الإقليمية، وهو تعبير عربي ضمني عن المخاوف من النفوذ الإيراني).

يشير الربط بين الإرهاب والدول الإقليمية إلى غلبة الأجندة الإماراتية والمصرية التي تتضمن محاولة الحشد التقليدي ضد جماعات الإسلام السياسي وتركيا.

بينما يشير عدم وجود إشارة للطائفية إلى عدم التركيز على إيران، وهذا يشير إلى دور سعودي أقل في وضع أجندة المنتدى، وقد يشير إلى تأثير عراقي أيضاً، (إذ يرفض العراقيون واللبنانيون دوماً الإشارة إلى إيران مقابل عدم ممانعتهم الإشارة لتركيا).

كما يظهر عدم الإشارة -لو ضمناً- إلى إيران، إلى تأثير الأجندة المصرية الرسمية، خاصةً أن الخطاب السياسي المصري الرسمي عادة لا يشير إلى إيران سلباً أو إيجاباً.

بالنسبة لبقية الدول العربية فأغلبها ليست معنية بالعداء المصري الإماراتي لتركيا وجماعات الإسلام السياسي المعتدلة، التي تمثل جزءاً من  التركيبة السياسية الداخلية في العديد من الدول العربية، بل تشارك بالحكم في بعضها.

لا حديث عن إسرائيل
يظل اللافت أن ما رُشح عن المنتدى العربي الاستخباراتي (وهو في الأغلب من مصادر مصرية) لم يشر إلى إسرائيل أو التهديدات للأمن المائي العربي أو إسرائيل أو تشريد اللاجئين السوريين من قبل نظام الأسد.

ومن الأمور اللافتة أيضاً، أنه بينما يتعثر العمل العربي المشترك في كافة المجالات ويشكو الأمين العام لجامعة الدول العربية من أزمة مالية خانقة بسبب عدم تسديد الدول العربية حصصها، كما يتعسر التعاون العربي في مكافحة كورونا وإيجاد اللقاحات، فإن التقدم الذي يتحقق نسبياً في مجال العمل العربي المشترك يكون في الأغلب بالمجالات الأمنية باستثناء ما يتعلق بإسرائيل.

هل تتصدر الرؤية المصرية أعمال المنتدى؟
ولا تعني مشاركة هذه الدول العربية في اجتماع المنتدى العربي الاستخباراتي موافقتها على الأجندة المصرية للمنتدى، خاصةً أنه لم يصدر بيان رسمي أو قرار عن المنتدى، كما أن خطاب السيسي مازال يتسم بالعمومية.

يمثل الإرهاب خطراً مشتركاً على جميع الدول العربية، وليس هناك خلاف على هذا الأمر تقريباً، ولكن الخلاف بين الدول العربية يظهر حول محاولة تسييس مكافحة الإرهاب، لمحاولة وصم معارضين به، وهي عملية تقودها مصر والإمارات وبصورة أقلَّ السعودية، والمفارقة أن هذه الدول كانت تحظى فيها جماعة الإخوان المسلمين بوجود قوي إلى أن وصلت للحكم في مصر عقب انتخابات حرة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

في المقابل فإن العديد من الدول العربية أصبحت الجماعات المنبثقة من الإخوان جزءاً من المعارضة أو حتى النظام السياسي فيها، وقد يكون قادة هذه الدول على خلاف حاد مع هذه الأحزاب الإسلامية ولكن يريدون إدارة هذه الخلافات بطريقة سياسية وليست أمنية، باعتبار الإخوان مكوناً داخلياً ومنافسين سياسيين وليسوا أعداء.

وبالتالي فإن محاولة توظيف محاربة الإرهاب في العمل السياسي أمر لا يعني العديد من الدول العربية، وهو سيكون مؤثراً على وحدتها والأهم على فاعلية عملية مكافحة الإرهاب عبر التوجه لمقاصدها الحقيقية.

يؤدي إنحياز المنتدى العربي الاستخباراتي المحتمل لأجندة دولة المقر، إلى مصير مشابه لعديد من المنظمات العربية المتخصصة التي تتحول إلى شبه جهاز تابع لدولة المقر، وترضى بقية الدول العربية بهذا الوضع مجاملة لدولة ما، مقابل ألا تتحمل أعباء كبيرة.

الأمر الذي يجعل كل منظمة عربية مجالاً شبه حصري لنفوذ دولة أو دول ما، وفي هذه الحالات لا تنخرط أغلب الدول العربية بقوة في نشاط هذا الجهاز أو المنظمة التي يُنظر إليها على أنها محسوبة على دولة بعينها.
(عرب بوست)