2024-04-26 04:46 م

المصالحة في الساحة الفلسطينية بين التفاؤل والتشاؤم!!

2014-04-24
كتب المحرر السياسي
عشية انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله، وفي ظل عواصف قوية تهدد العملية السلمية، وانشغال الدول العربية بأوضاعها الداخلية، جرت حوارات اللحظة الأخيرة بين حركتي فتح وحماس في غزة.. ولكن، هذه الحوارات شاركت فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
إنعقدت حوارات المصالحة في غزة وسط عدم اكتراث من جانب الشارع الفلسطيني الغاضب على حالة الانقسام منذ سنوات في الساحة الفلسطينية، فقد راقب عشرات اللقاءات والحوارات، واستبشر خيرا بعد التوصل الى اتفاقات بين الجانبين المتصارعين، في مكة والقاهرة والدوحة، فينقلب التفاؤل الى تشاؤم، وهذا هو التفسير لحالة الترقب والحذر والتشكيك وعدم الاكتراث بين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه.
التقى الجانبان في غزة ، والاخطار التي تتهدد الساحة الفلسطينية في تزايد، اسرائيليا وأمريكيا، واصطفافا لدول عربية الى جانب الموقف الامريكي الاسرائيلي مشكلا عامل ضغط آخر على القضية الفلسطينية، وايضا، موقف علني واضح من جانب القيادة الفلسطينية يؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات تشريعية ورئاسية بمشاركة حركة حماس أو عدمها، فالقيادة الفلسطينية ترى في بعض الخطوات الواجب اتخاذها تحصينا للساحة الفلسطينية، خاصة وأن اسرائيل تواصل تعنتها ازاء جهود السلام، وبالتالي، هذه القيادة تدرك أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات ، وهذه الوحدة حتى تتحقق لا بد من مصالحة عاجلة جادة، لعلها تشكل متغيرا يفرض على تل أبيب الالتزام باستحقاقات لم تنفذ، وتتوقف عن عنادها واصرارها على تمرير الحلول التي تضعها للصراع مع الفلسطينيين.
ويبدو أن حركة حماس التقطت الكثير من الاشارات، وفي مقدمتها قرارات مسؤولة قد تتخذها القيادة الفلسطينية، وأن المرحلة تفرض على حماس ، أن توافق عليها اذا ما أرادت حقا مصالحة جادة، واضافة الى ذلك، فان حركة حماس قد تجد في تحرك فتح العاجل وتوجه وفدها الى غزة فرصة تستدعي أن تلتقطها، فوضع "الأم" جماعة الاحوان يزداد سوءا، وما كانت تنتظره حماس لتعزيز مواقفها وموقفها "الحواري" مع فتح لم يتحقق، بل أن فشل برنامج الاخوان في مصر وجه صفعة مؤلمة لحماس هو من بين العوامل التي فرضت على حماس التحرك لتحقيق المصالحة، وهناك أيضا، الساحات التي أغلقت في وجه الحركة كالساحة الايرانية والسورية، بفعل مواقف حماس التي توافقت مع أهداف ما يسمى بالربيع العربي، وبالتالي، التخلص من مواقف سابقة ضروري للخروج من عزلتها، وقبل كل شيء الاقتراب باتجاه التلاقي مع فتح على أسس ثابتة للمصالحة، بعد أن فقدت الكثير جراء مواقفها التي ربما تكون قد شكلت العامل الاهم في استمرار القطيعة بين الفصيلين الكبيرين في الساحة الفلسطينية.
ورغم أن الانباء الواردة من غزة قد تحدثت عن اقتراب انجاز المصالحة، والاتفاق على خطوات واضحة على الطرفين الاسراع في تطبيقها، الا أن التجارب السابقة، تجعل المواطن الفلسطيني محاصرا بدائرة الشك والتشاؤم، فهناك قضايا بحاجة الى حسم قبل أي شيء، وهذا ما يجعل الشارع الفلسطيني قلقا وغير متفائل، ومن هذه القضايا، الجناح العسكري لحركة حماس "عز الدين القسام"، فالاجنحة العسكرية للفصائل جميعها في الضفة الغربية قد تم تفكيكها، وبالتالي، لا يعقل أن تقبل فتح بأن يظل القسام قائما، ففي أي لحظة، وفي حال لم يجر تفكيك هذا الجناح العسكري فانه قادر على اعادة السيطرة على القطاع والامساك به ثانية.
وفي حال تمت المصالحة، فكيف ستكون عليه أسس العملية الانتخابية ، وماذا عن اعادة هيكلة منظمة التحرير، وماذا بالنسبة للعملية التفاوضية في حال استئنافها واسئلة وقضايا أخرى كثيرة مطروحة.
وهناك أيضا، ردود الفعل الأمريكية والاسرائيلية اتجاه تحقيق المصالحة، فواشنطن وتل أبيب لم تنتظرا ما تم الاتفاق والتوصل اليه في غزة، ووجهتا انتقادات وتهديدات شديدة.
ويتضح، استنادا الى وقائع عديدة، أن الجانبين فتح وحماس تمران بمرحلة صعبة وعرضة لاخطار كثيرة وشديدة، وأن مصلحتهما قضت وفرضت استئناف الحوار والتلاقي في غزة، وهذا لا يعني أن العقبات جميعها قد تم تذليلها، وبالتالي، "الأيادي على القلوب"... وامكانية الفشل ما زالت واردة.
وعلينا، أن ننتظر نتائج اعمال المجلس المركزي المرتقب، فما سيتمخض عنه، سيدرس جيدا في غزة، وقد تكون بعض قراراته وتوصياته ذريعة لحركة حماس لكي تتراجع عما اتفق عليه في لقاءات غزة.
وبعيدا، عن صيحات التشاءم، وتمسكا بالامال، فان الشارع الفلسطيني يتمنى أن تكون حوارات غزة جادة وحقيقية وبنوايا سليمة، وأن تحقق مصالحة حقيقية، وأن لا تلحق أية اتفاقات بين الجانبنين، باتفاقيات سابقة، بقيت حبيسة الادراج، فما تضمنه اللقاء الصحفي في غزة في أعقاب ساعات مطولة من الحوار بين فتح وحماس، قد سمعناه كثيرا على امتداد سنوات الانقسام الذي لم يتلاشى بعد، فالمهم أن تكون هناك خطوات جادة حقيقية يلمسها الشارع الغاضب على ما تسببه الانقسام من مخاطر وخسائر..
وتوقيع ممثلي الفصيلين على ترجمة الاتفاقيات السابقة والالتزام بها لا يعكس وضعا جديدا.. فقد لا تلتزم القيادات الاخرى للفصيلين بما خرج به المجتمعون في غزة...