2024-04-26 08:01 ص

الجذور التوراتية للفكر الاصولي والارهابي العالمي

2014-07-31
في ظل ألأزمات المتعددة المستويات والمتنوعة الاشكال التي تعاني منها ألأنسانية حالياً , وما أفرزت من تداعيات خطيرة على ألأمن والسلم ألأجتماعي على أمتداد جغرافية هذا العالم . تبرز ظاهرة ألأصولية ذات السلوك المعادي لكل ما هو مشترك أنساني على سطح الواقع , بصفتها ألأكثر خطراً وألأكبر تحدياً الذي يواجه الوجود البشري على هذه الارض . عشرات ألالاف قتلوا في حروب دينية ومذهبية بائسة وتفجيرات أنتحارية , الملايين تم تشريدهم وتهجيرهم . في أوروبا وافريقيا وأسيا ( 50 مليون لاجىء وفق تقرير الامم المتحدة حزيران 2014 ) . شعوب ما زالت تسحق في الصراع الدامي ( مسلم مسيحي ) في أفريقيا الوسطى . أو تعيش تحت التهديد المستمر , كما في نيجيريا وتهديدات منظمة بوكو حرام , أوفي الهند حيث الاصولية الهندوسية , او البوذية في شرق أسيا . دول تم تفكيكها واخرى في طريقها الى ذلك ( العراق سوريا ليبيا .. الخ ) وأخرى أصبحت دول فاشلة ( اليمن الصومال أفغانستان .. الخ ) أو مترهلة ( مصر لبنان الباكستان .. ) مليارات أنفقت على هذا الطريق الدموي العبثي , والعديد من الثروات المادية والفكرية أهدرت على حقائق متخيلة ليس لها واقع , أنتجت أنماط ثقافية بالية ومهترئة . فألأصولية في ذاتها هي عملية أستخدام طبقي فاضح للدين تهدف من خلال أدلجته الى أخضاع العقل لسيطرة الرواية الدينية , ومن جانب أخر تحقيق مصالح أقتصادية وأجتماعية وسياسية معينة . تصب في خدمة توجهاتها الهادفة الى تأبيد ألأستبداد القائم أو فرض أستبداد بديل , كما أوضح ذلك الدكتور الراحل حسين مروة حين فضح التحيز ألأيديولوجي للرؤية الاصولية (( المضمون الحقيقي للرؤية السلفية الى التراث هو مضمون ترتبط جذوره بالحاضر وتنغرس في تربة الحاضر . هو صيغة من صيغ الايديولوجيات المتحاربة المعاصرة , هو أستنجاد بألأفكار التي تجاوزها الزمن لتثبيت موقع طبقي متزعزع في بنية أجتماعية تتصدع تحت مطرقة الحاضر . طبقة معينة يعبرون عن أيديولوجيتها أما لأنهم في موقعها الطبقي نفسة أو لسبب أخر يتعلق بتكوينهم الفكري وغياب الوعي السياسي والطبقي عنهم )) [[ مقدمة – النزعات المادية في الفلسفة العربية _ الطبعة السادسة 1985 – ص 23 ]] أذاً هي دعوة الى الوراء, تتناسل من فكر له سمات تتلخص في النصوصية والشمولية والانحياز . وتعمل على فرض طرق حياة ألأوائل على حياتنا المعاصرة بالقوة , وبالتالي ألتفاف على الحاضر بأدوات الماضي بهدف تكريسه وقطع الطريق الى المستقبل . مما أنتجت ما بات يعرف بألأرهاب الاصولي , حيث تتوارى الاخلاق وتغيب حقوق الانسان تحت المظلة الاهوتية . وبما أنها ظاهرة أجتماعية طبقية وتاريخية , فهي عابرة للحدود وألأعراق والحضارات , تغلغت في كل ألأديان وفي العديد من المذاهب السياسية والأجتماعية . هذه الظاهرة لها جذورها الفكرية التي أوجدتها وساهمت في بلورتهاعلى نطاق واسع . وألتف حولها عبيد مغفلون أصحاب ثقافة رثة , وحراس وكهنة لحمايتها بأعتبارها حقائق مطلقة . فلا أحد يجروء على أعادة طرح ألأسئلة . فألأجابات تزداد عصمة ولا يقترب منها أحد . حيث تولد أجيال وتموت وتبقى ألأجابة النموذجية الواحدة قائمة . رغم أنه في الحياة لا توجد أجابات نهائية ونموذجية , والحق في طرح السؤال يبقى مكفولاً ومضموناً . فألأصوليات وأن تعددت أشكالها وأختلفت , فجميعها ذات جوهر واحد , ينهل من وعاء فكري واحد يدعي أمتلاك الحقيقة المطلقة ومن حقه أحتكار المعرفة , يعادي ألأخر , ويقوم على الجمود وألأنغلاق وألعودة الى الماضي . فهي موقف معارض لكل نمو وتطور , متطرف أزاء ألأشياء في حاضرها , وتتخذ من الكراهية مرجعاً سلوكياً . وعند تتبع مسار نمو وتطور الفكر الاصولي المتطرف , يتضح بأن جذوره تعود الى الفكر التوراتي , بوصفه أول فكر أنساني أنعزالي أقصائي وشمولي ذو بعد عنصري , أتخذ من العرق ( الجنس ) منطلقاً . جمع بين الخرافة وألأسطوره , وشرعن ذاته بغلاف ديني أختلط فيه الخيال بالواقع . فكر أستمد مصادره من التوراة بصفتها المرجع ألاساس , أضافة الى التلمود . وأقام بنيانه على فهم ميتافيزيقي لجدلية العلاقة بين ( ألارض وألانسان ) , مما جعله يتمحور حول تقديس الذات بأعتبارها وحدها , هي الحقيقة المطلقة في الوجود وألمالكة لها أيضا في ذات الوقت . وكل وجود خارج هذه الذات أنما هو عارض وطارىء لا قيمة له ألا بمقدار ما يحقق لها من خدمة في صيرورة وجودها التاريخي . دون أن يعني ذلك التخلي عن معاداته أو أغفال التخلص منه عند أنقضاء ألمنفعة . أذا فهي أستباحة كل شيء في الوجود , لصالح هذه الذات المقدسة . ذات تحمل في ثناياها تناقضات عديده – تعظيم للذات , خوف من ألاخر , أرتباك في السلوك وقلق دائم على الوجود – مما جعلها بذلك تعيش في عزلة وأنغلاق على نفسها طوال وجودها التاريخي . أزمة وجود دائمة , يسودها الخوف وألكراهية والعداء للأخر , لا يمكن لها ان تحيا بدونها . كل هذه العوامل المتداخلة والمتناقضة شكلت البنية الاساسية للفكر التوراتي ومرجعا سلوكيا لأتباعه . فكر مأزوم وما زال بطبيعته ألغير أنسانية . وبما أن مجمل الفكر التوراتي يعمل على مبدأي التميز والتميز أنطلاقاً من ثنائية ألانا المقدسة والاخر الشيطاني , والعلاقة بينهما . فقد تم أشتقاق مسارات فكريه وتنظيمية متعدده من أصوله الثابته , قد تبدو في الظاهر متباينه لكنها في الواقع متماهية . كلها تتمحور حول : - 1— كيفية خلق مناخات عالمية مناسبة يسهل العمل فيها وتقوم بتذليل كافة العقبات أمام تحقيق مصالحة . 2 – أيجاد ألأليات المناسبة للتخلص من الاخر وبأقل التكاليف وألأضرار الممكنه . من هنا بدء التخطيط والعمل المنظم العلني والخفي على تدمير وتخريب مجتمعات الأغيار أما من داخلها , عبر زرع الفتن بين مكوناتها الاجتماعية أو من خارجها , من خلال التحريض عليها وأشعال الحروب البينيه . ومن أجل ذلك عمل الفكر التوراتي في سياق مسيرته الطويله , على تطوير مفاهيمه وأدواته الفاعلة . وفق مقتضيات الحاجة وحسب منسوب تطور المجتمعات الانسانية , وبما يتناسب مع ثوابته القائمة على العزلة والكراهية . مستندا على أهم قوتيين ( رأس المال والاعلام ) في أطار حركته التي كانت وما زالت تدور بأتجاهين : 1 – أتجاه نحو الداخل ( أتباعه ألملتفين حوله ) معتمداً على مفهومي شعب الله المختار وأرض الميعاد . 2 – أتجاه نحو ألأخر الديني بهدف النفاذ اليه عبر ثنائية ( الحظور والغيبة ) . حظور دولة أسرائيل كشرط لعودة السيد المسيح من غيبته . والتي أستطاع من خلالها أن ينفذ الى جوهر العقيدة المسيحية الغربية . لذلك فقد حرص مبكراً على أمتلاك هذه القوى وأحتكارها , وعلى تأسيس منظماته الخاصة ( الصهيونيه واليهوديه العالميه ) وأخرى عالمية فوق قوميه ودينيه مثل ( الماسونيه وفرسان الهيكل ) , الى جانب العديد من التحالفات الاقتصاديه والسياسيه والدينيه . التي تسهل له مهمته في مواجهة الاخر . وتحت ذريعة المظلومية التاريخية الواقعة عليهم والعداء للسامية . أستمر التوراتيون في أخراج وتدوير هذا المخزون من الفكر التوراتي لسنوات , عبر شتى الطرق والوسائل , بما في ذلك الدور الوظيفي التحريضي . بغية نشره وبناء قناعات حولة بأنه هو وحده أصل مرجعياتهم الدينية . حيث يعمدون في كل مرة الى أجراء بعض التعديلات على سطح خطابه ألايديولوجي الحاد , دون المساس بجوهره . كي يبدو منسجما مع منظومة القيم والمعايير الانسانية السائدة في الحقبة التاريخية المحددة . فقد أستطاعوا من خلال ذلك أن يتغلغلوا في العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية للدول الاستعمارية وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الامريكية . كما أنهم وقفوا خلف معظم القوى والحركات الاصولية العالمية والنازية والفاشية . فهم من قام بالدور التحريضي للصليبيين , ومن وقف خلف كل الجرائم التي أرتكبتها حركة فرسان الهيكل بحق العرب والمسلمين في العصور الوسطى . بما في ذلك المحرقة النازية لليهود . وقد يعتقد البعض بأن الفكر التوراتي لم يستطع أختراق الفكر الاسلامي لمتانته وتماسك نصه النابع من القرأن الكريم . لربما في الظاهر قد يبدو هذا صحيح ,لكن الواقع يقر عكس ذلك والشواهد عديدة . فيكفي أن نتذكر بأن أول محاولة أغتيال سياسي ( مقتل عمر أبن الخطاب رضي الله عنه )في التاريخ الاسلامي , كانت بفعل تأثير الفكر التوراتي . علاوة على وجود المئات من الاحاديث النبوية الموضوعة على لسان الرسول الكريم ( محمد صلى الله عليه وسلم ) المعروفة بألأسرائيليات . أضافة الى بعض الممارسات الترويعية الاجرامية التي تمارسها بعض الحركات الاصولية الاسلامية المتطرفة والتي تتطابق مع جوهر مرتكزات الفكر التوراتي التصفوي . أنه سعي متواصل من أجل ترسيخ العديد من الاساطير التاريخية في الوعي الانساني , بأعتبارها حقائق دينية , تسهل من عملية التغلغل والتأثير في المعتقدات والثقافات المتعدده , وأفراغها من مضامينها الانسانية السامية , مع المحافظة على أطرها الخارجية . من أخطرها كان نشر وأستغلال الفكر الانعزالي الاقصائي على مستوى واسع في الفضاء العالمي . والذي بدوره يشكل المرجعية المنطقية لكل ألاصوليات المنتشرة على أمتداد مساحة الكرة الارضية . وبغض النظر عن ظواهرها الاجتماعية وأشكلها الثقافية . في هذا ألاطار يمكن فهم نمو وأنتشار ظاهرة ألاصوليات الدينيه والعرقية المتعددة , والعلاقة بينها . ومدى عمق الاثر التوراتي فيها , وحجم التراكم في الوعي الانساني الذي حققه , والى أي مدى أستطاع الصمود والنفاذ الى داخل الثقافات البشرية المختلفة . مصادر الفكر التوراتي أولاً – التوراة تعني الشريعة والتعليم , وهي المعروفة بالعهد القديم . وتتكون من خمسة أسفار ( التكوين – الخروج – اللاويين – عدد – التثنية ) , أضافة الى أربع وثلاثين سفراً كتبها أنبياء بني أسرائيل بأيديهم . تمثل سرد تاريخي لبني أسرائيل , عدى سفر المزايد والذي ينسبونه الى داود عليه السلام . ثانياً - التلمود وهو المصدر الثاني وألأهم للفكر التوراتي . وهو عبارة عن شروحات للتوراة ويتكون من : - المنشاة – والتي تعني الكتاب الثاني بعد التوراة وتضم شروحا للتوراة . الجيمارا – وهي عبارة عن شروح وتعليمات عن المنشاة , وقد وضعها أحبار اليهود ( الربانيون ) والتلمود بالنسبة الى اليهود أهم وأرفع درجة من التوراة . مرتكزات الفكر التوراتي من أهم مرتكزات الفكر التوراتي الانعزالي كما وردة في العديد من أسفار التوراة : أولا – شعب الله المختار يعتقد اليهود بأن الله ميزهم عن دون خلقه وجعلهم شعبه الخاص به , وبأن باقي البشر خلقت من أجل خدمتهم وحتى لا تكثر الوحوش في الارض وتهاجمهم " اياك قد اختار الرب الهك لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب التي على وجه الارض " ( تث 6:7) " أنتم أولاد للرب ألهكم لكي تكون له شعبا خاصا فوق جميع شعوب الذين على وجه الارض " ( سفر التثنية / 140 وهناك العديد من الايات التوراتية التي أشارت الى ذلك . ثانياُ- أرض الميعاد وبما أنه شعب مميز عند الرب وخاصته . فأنه من الضروري ان تكون له أرض مميزة أيضاً . وهذا الوعد الذي قطعه أله بني أسرائيل الى ابراهيم – عليه السلام – " قطع الرب مع أبرام ( ابراهيم ) ميثاقاً قائلا : لنسلك أعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير , نهر الفرات " ( تك 15 : 18) ثالثاً – تسخير باقي الشعوب في خدمتهم وعلى قاعدة أنهم شعب مميز ومختار , فقد أصبح على باقي الشعوب ان تقوم بخدمتهم . " ويقف الاجانب ويرعون غنمكم ويكون بني الغريب حراثيكم وكراميكم . أما أنتم فتدعون كهنة الرب تأكلون ثروة الامم وعلى مجدهم تتأمرون " أشعيا 61 يقول الرب مخاطبا اسرائيا " بالوجوه الى الارض يسجدون لك , ويلحسون غبار رجليك " أشعيا 49 رابعا – الرب يحارب عنهم ألهم يهو يحارب معهم وعنهم لأنهم خاصته المميزة "الهك يطرد هؤلاء الشعوب من امامك ويدفع ملوكهم الى يدك فتمحوا اسمهم من تحت السماء " التثنية 7 " الرب يطرد امامك شعوباَ أكبر منك ويأتي بك وعطيك أرضهم " التثنية 4 خامساَ – القسوة والابادة يأمرهم الرب بأبادة كل اشعوب التي تحاربهم وترفض ان تكون مسخرة في خدمتهم . " حين تقترب من مدينة لكي تحاربها , أستدعها للصلح فأن الشعب يكون لك بالتسخير ويستعبد لك , وان لم تسالمك فحاصرها واذا دفع الرب فأضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك " ( تث 10:20) . سادساً – الانعزالية سمه من سمات اليهود . حيث قد عاشوا في عزلة في جميع المجتمعات التي تواجدوا فيها " الجيتو " وقال ابراهيم لعبده : ضع يك على فخذي فاستحلفك بالرب ألا تأخذ زوجة لأبنك من بنات الكنعانيين الذين انا ساكن معهم " ( تك 2:24) " وأذا رجعتم ولصقتم ببقية هؤلاء الشعوب وصاهرتموهم , فأعلموا يقيناً انهم يكونوا لكم فخاً وشركاً وسوطاً على جوانبكم وشوكاً في أعينكم " يشوع 23 سابعاً – الطرد " وأن لم تطردوا سكان الارض , يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جوانبكم " سفر العدد 32 ثامنا – المال أداة هامه من أدواتهم التي من خلالها يتحقق وجودهم وأمتيازهم على الاخرين . حيث تبيح القرض بربا الى الغير كي تبقى لهم اليد العليا عليه وتحرمه على اليهودي . " للاجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا , كي يباركك الرب ( تث 19:23) تاسعاً - العنصرية يبث التلمود روح العنصرية , حيث يقول " ان اليهود أحب الى الله من الملائكة , فالذي يصفع يهودي كمن يصفع العناية الالهية سواء بسواء " ويقول ربانيوهم " ان غير اليهود ليسوا كلاباً فحسب , بل حميرا ايضاً" " ان الله خلق غير اليهود بالصورة البشرية اكراما لليهود لأن غير اليهود وجدوا لخدمة اليهود , ولا يجب ان يكون خادم الامير حيواناً له الصورة الحيوانية . عاشراً – عدم ألألتزام بالعهود والمواثيق هذه واحدة من صفاتهم التي دأبوا على ممارستها على أمتداد تاريخهم . اعتقادا منهم بان غير اليهود من الشعوب وما يملكون هم ملك اليهود . " أدفع الى أيديكم سكان الارض , فتطردهم من أمامك , لا تقطع معهم عهداً "سفر الخروج 23 كما يبيح التلمود لليهود التقية في اليمين بحيث يقسم ظاهريا ولكن في قرارة ذاته لا يلزم نفسه بهذا القسم . هذه بعض المرتكزات في الفكر التوراتي , الى جانب العديد من المرتكزات التي وردة في كل أسفار التوراة والتلمود والتي شكلت منظومة الفكر التوراتي التي تأن البشرية منه . حيث نجد فيه القتل والحرق وتهديم المنازل وقطع الرؤوس وتخريب المدن وسبي النساء وهتك الاعراض والفتك بالرجال واباحة كل شيء . AZMI.MUSA@HOTMAIL.COM