2024-04-27 08:13 ص

نتنياهو وأزمة الخيارات من السيىء إلى الأسوأ

2014-08-25
بقلم : أكرم عبيد

لا شك أن رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نتنياهو في موقف لا يحسد عليه بعد التورط في قطاع غزة المحاصر والمفاجأة الكبرى التي أفقدته وحكومته المصغرة توازنهم بالرغم من سقوط أكثر من عشرة ألاف طن من المتفجرات على القطاع المحاصر بمساحته القليلة وكثافته السكانية العالية وعرضه للعدوان البري ومحاولات جيش الاحتلال دولة بالقوة لكن أبطال المقاومة افشلوا كل محاولات الاختراق لا بل انتقلت المقاومة من مرحلة الدفاع لمرحلة الهجوم والتحكم بالواقع الميداني بعدما جردت قوات الغزو الصهيونية من كل أوراقها ومبادراتها الفاشلة في ارض المعركة وحولتها لقوة هزيلة عاجزة بالرغم من الإمكانيات الضخمة التي تملكها في مختلف المجالات العسكرية والأمنية والتكنولوجية وغيرها مقابل الإمكانيات المتواضعة لقوى المقاومة في قطاع غزة المحاصر منذ حوالي ثمان سنوات .

لكن هذه المفارقة الكبيرة في موازين القوى عوضتها المقاومة الفلسطينية بعاملين أساسين الأول امتلاك إرادة المقاومة والصمود وتوحيد المرجعية القيادية في الميدان بالإضافة لصمود وصلابة حاضنة المقاومة الممثلة بالشعب الفلسطيني المقاوم الذي راهن على خيار المقاومة في مواجهة العدوان والطغيان الصهيوني لكن جنود الاحتلال الصهيوني ومنذ بداية المعركة البرية قبل حوالي شهر ونصف كانت معنوياتهم منهارة وخاصة بعدما ظهرت حالات من التمرد برفض قرارات القيادة العسكرية الصهيونية بالتوجه إلى قطاع غزة ومنهم من أطلق النار على نفسه ومنهم من هرب من الميدان وهذا انعكس بشكل سلبي على معنويات قطعان المستوطنين في مستعمراتهم التي استطاعت صواريخ المقاومة تغطيتها بالمئات كل يوم على مختلف المواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 مما جعل المقاومة الفلسطينية الباسلة نحول حصار قطاع غزة إلى حصار لقطعان المستوطنتين الذين وصفنهم بعض الصحف الصهيونية بالمجتمع الجبان مقابل المجتمع الفلسطيني الصامد بالرغم من الحصار وشراسة الهجمات بالأسلحة المحرمة وغير المحرمة دوليا التي دمرت معظم بناه النحتية  وأوقعت الخسائر الجسيمة في الأرواح بين المدنيين التي تجاوزت الألفين ومائة شهيد وأكثر من عشرة ألاف جريح .

نعم هذه هي المعادلة في هذا العدوان لا بل هذه الحرب العدوانية الإجرامية الصهيونية المعلنة على شعبنا وقواه المقاومة في قطاع غزة المحاصر والذي حقق أهم انتصارات القرن الحادي والعشرين على العدو الصهيوني والذي سيؤسس للانتصار الكبير بعدما كسر إرادة العدوان والطغيان الذي فشل في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية الذي بدأت تقطف ثماره المقاومة الفلسطينية بشكل واضح وصريح وخاصة بعدما انتزعت عامل المبادرة على الصعيد العسكري من قوات الاحتلال المهزومة تحت ضربات المقاومة عسكريا ومعنويا بعد حرب الأنفاق واستهداف صواريخ المقاومة لأهم المراكز الحيوية الإستراتيجية العسكرية والمدنية وفي مقدمتها مطار بن غوريون ومنصة الغاز مقابل سواحل غزة وغيرها من الأهداف الحيوية الصهيونية المحمية بالقبة الحديدة المزعومة التي لم تحمي قواعدها في أحسن الأحوال والتي فشلت بشكل عملي في حماية امن المستعمرات الصهيونية التي تم استهدافها منذ بدية العدوان حتي اليوم بحوالي أربعة ألاف صاروخ فلسطيني عابر من ارض الوطن لأرض الموطن المحتل تم اعتراض 18% منها فقط كما قال الخبير الصهيوني في منظومات الليزر ورئيس جمعية" درع الجبهة الداخلية " عوديد عميحاي والذي أشار بشكل واضح وصريح في صحيفة هارتس الصهيونية في مقال بعنوان عيوب القبة الحديدية الفاشلة والتي لن  تكون قادرة في المستقبل على حماية امن " إسرائيل " في المستقبل في أي مواجهة وخاصة مع حزب الله

وهذا ما يؤكد صحة مواقف المقاومة التي ما زالت تستخدم الصواريخ بنفس الوتيرة منذ بداية العدوان بعدما فشل سلاح الجو الصهيوني قي تدميرها بسبب وعي المقاومين وحسهم الأمني المميز .

أما على الصعيد السياسي وخاصة على صعيد المفاوضات التي حاول رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نتنياهو متوهماً تحقيق ما عجز عن تحقيقه بالحرب من خلال المفاوضات التي بدأت بشكل عملي من خلال المبادرة المصرية المشبوهة بعد فشل الرهان العسكري الصهيوني على كسر إرادة المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بعد تجريد المقاومة من سلاحها لكن صمود المقاومة وتوحيد مرجعيتها العسكرية والسياسة أضاف عاملا مهما في تعزيز الصمود وتوحيد المواقف والأهداف وخاصة بعد تقديم الورقة الفلسطينية التي اعترضت المبادرة المصرية لتفرض شروط المقاومة المنتصرة بالقوة دون استجداء الحلول من احد .

 وفي الحقيقة إن وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة العدوان على غزة وضعت النقاط على الحروف وأربكت القيادات الصهيونية وكل المراهنين عليها في كسر إرادة المقاومة ونزع سلاحها وإخضاعها للشروط والاملاءات لكن المقاومة صمدت بصمود شعبها بالرغم من الحصار وشراسة العدوان وفصوله الإجرامية الدامية وأفشلت أهداف العدوان العسكرية والسياسة وفرضت على المجرم نتنياهو وحكومة المصغرة  التراجع والهزيمة تحت ضربات المقاومة الباسلة والاستنجاد بالأمريكان للتدخل عبر الإدارة المصرية للضغط على المقاومة للموافقة على وقف إطلاق النار بموجب المبادرة المصرية المشبوهة التي وافقت عليها سلطات الاحتلال الصهيوني قبل إعلانها لكن فصائل المقاومة الفلسطينية اعترضت المبادرة المصرية بورقة عمل فلسطينية موحدة حددت أهداف وأولويات المقاومة مما أربك سلطات الاحتلال الصهيوني وشركائها الأمريكان والإدارة المصرية التي تراجعت ووافقت على مناقشة الورقة الفلسطينية مما احدث شرخاً وخلافات عاصفة في إطار الحكومة الصهيونية المصغرة  التي وجه عدد من وزرائها الانتقادات الحادة لرئيس وزراء العدو واتهمه بالتفرد في المفاوضات وعدم وضع الحكومة المصغرة بالمشاريع المطروحة وخاصة بعد فشل هذه المفاوضات وانهيار وقف إطلاق النار الذي استثمره بعض الوزراء الصهاينة لمطالبة نتنياهو ووزير الحرب ورئيس أركانه بتوسيع دائرة العدوان على قطاع غزة وقال الوزير الصهيوني نفتالي بينت إن المفاوضات مع الفلسطينيين يجب أن تنتهي ولا معنى لاستمرارها وان على " إسرائيل " الرد بقوة وعدم التراخي لأننا عاجلا أم أجلاً سنضطر لحسم الموقف ولا مفر من ذلك .

أما وزير الخارجية الصهيوني العنصري افيغدور ليبرمان فقد انتقد بشدة سياسة الحكومة الصهيونية واتهمها بانتهاج سياسة خاطئة من أساسها .

ونقلت صحيفة " يدعوت أحرنوت " عن وزراء في حكومة الاحتلال انتقاداتهم لنتنياهو لعد مسارعته إلى عقد جلسة عاجلة للمجلس الوزاري المصغر لتخوفه من اتخاذ قرارات حاسمة .

وقد توقف بعض المراقبون أمام مشكلة خيارات رئيس وزراء الاحتلال وتأثير التجاذبات الداخلية على قراراته وفي مقدمتهم دروكر الذي قال إن كل التطورات الأخيرة لم تكن لمصلحة نتنياهو وخاصة بعدما تم الكشف عن المقترح المصري الذي أدى إلى ضغوط سياسية كبيرة عليه مما دفعه إلى التصلب في مواقفه ومن هنا تم تفجير المفاوضات بسرعة مما أحرجة وافقده توازنه في مواقف عدة لم يقتصر انتقادها من وزراء حكومته بل تعرضت لانتقادات الإعلام والإعلاميين وتجاوزتهم لانتقادات المستوطنين حيث قالت إحدى المستوطنات للقناة الصهيونية العاشرة نحن أصبحنا نعمل وفق ما يقرره الفلسطينيون الذي أصبحوا بصراحة يقررون عنا وهذا يعني أنهم هم من يقرر متى يحصل وقف إطلاق النار ومتى ينتهي ومنى تطلق صواريخهم علينا ونحن رهن الحصار في الملاجئ .

وهذا ما يؤكد فشل وعقم كل خيارات رئيس وزراء الاحتلال وحكومته المصغرة التي فشلت في تحقيق أهدافها العدوانية العسكرية والسياسية في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وإخضاعها وهذا طبعا وضع رئيس وزراء العدو نتنياهو أمام خيارات صعبة تتراوح بين السيئ والأسوأ ولم يبقى أمامه إلا الاعتراف بالهزيمة والاستجابة لشروط المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر وفي مقدمتها معبر رفح والمطار والميناء البحري وإعادة اعمار غزة وإطلاق سرح الأسرى وهذا يعني أن البداية الحقيقية لوقف إطلاق النار سيكون بداية النهاية لمستقبل المجرم نتنياهو السياسي مهما حاول المكابرة والتهرب من استحقاقات العدوان الذي سيدفع ثمنه عاجلاً أم أجلا .

akramobeid@hotmail.com

الملفات