2024-04-26 08:12 ص

قراءة متواضعة في الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية

2014-08-27
القدس/المنــار/ قبلت إسرائيل وقف اطلاق النار مرغمة، وتحت تساقط الصواريخ المنطقة من قطاع غزة الذي واجه عدوانا ارهابيا لأكثر من خمسين يوما، وهذا العدوان لم يحقق أهدافه المعلنة وغير المعلنة، بدليل خروج الحاضنة الشعبية الى الميادين والشوارع في القطاع والضفة تحتفل بانتصار المقاومة، وتردد صدى هذه الاحتفالات في مخيمات اللجوء.
لن نخوض هنا في تفاصيل وأسرار الاتصالات واللقاءات والمفاوضات، ومواقف الدول من شعبنا وقضيته ومقاومته، وتلك القوى التي استشيرت عشية العدوان على القطاع الصامد، وباركت هذا العدوان الاجرامي، والجهات التي وعدت رئيس وزراء اسرائيل أن تأتي له بالنصر السياسي بعد أن عجز في تحقيقه في الميدان.
ما نود قوله هنا، أن أحدا لم يستطع سرقة النصر الذي حققه شعبنا وأبناء القطاع الحبيب والمقاومة التي أعادت قضية الشعب الفلسطيني الى الصدارة، والجهات التي انتظرت أن تنكسر المقاومة وتخضع خاب أملها، وهي مضطرة اليوم أن تعيد حساباتها.
والحقيقة أن القيادة الاسرائيلية هي التي راحت تستجدي وقف النار، عبر البوابة الامريكية، وبوابات أصدقائها في عواصم عربية وهي المشرعة لكافة أشكال التنسيق الأمني والعسكري، وتوهمت هذه القيادة أنها بتصعيد عدوانها تدميرا وقتلا في الأيام الاخيرة، ستحقق ما رسمته، لكن، المقاومة أفشلت مخططات رئيس وزراء اسرائيل وأركان حربه، واستمرت في مواجهة العدوان، تطلق الصواريخ وقذائف الهاون على مدن وبلدات اسرائيل حتى آخر لحظة، قبل الاعلان عن وقف اطلاق النار.
صمود قطاع غزة، وارادة المقاومة عاملان وقفا وراء هجرة الاسرائيليين من التجمعات السكنية، المقاومة قبل ساعات من وقف النار وضعت اسرائيل لساعات أربع تحت اصوات صافرات الانذار، والمقاومة أجبرت الاسرائيلين على الاعلان صراحة وعلى الملأ على الاعتراف بفشل جيشهم في تركيع القطاع والمقاومة، كل مجالات الحياة في اسرائيل أصابها الانهيار، وكاد طلبة اسرائيل أن يفقدوا موسمهم الدراسي، وهو من العوامل التي ضغطت على نتنياهو للبحث عن مخرج لوقف النار.
وسوف نشهد في الأيام القادمة الصراعات تحتدم بين التيارات السياسية والحزبية في اسرائيل، وسيمثل قادة اسرائيل سياسيين وعسكريين أمام لجان التحقيق، وسيكون هناك سقوط مدوي للقيادات العليا في اسرائيل، والسبب، الهزيمة التي ألحقتها المقاومة بالجيش الاسرائيلي.
انتصار غزة، انتصار فلسطين بداية مرحلة جديدة، لها انعكاساتها وتداعياتها، وسيعبه تطورات هامة وكبيرة في كل الميادين ، وعلى مختلف الأصعدة، مرحلة فرض الحلول على اسرائيل، فاحتلالها أخذ يترنح، والمقاومة عجلت من زوال هذا الاحتلال ، صمود غزة كسر الجمود في التحرك السياسي، ودفع العديد من العواصم لاعادة حساباتها، فلا مجال بعد اليوم لتجاهل قضية شعب، اعتقد البعض أنها ليس من الاولويات.
وصمود المقاومة كشف حقيقة مواقف هذه الدول أو تلك، وارتباطات دول باسرائيل في خندق واحد ضد المقاومة، وانتصار المقاومة رسالة في كل الاتجاهات ولكل الجهات بأن استعادة الحقوق تتطلب الاعتماد على المقاومة والتفاوض معا، فكل منهما يكمل الاخر، ولا فائدة من اعتماد شكل واحد مع إحتلال يصر أن يبقى جاثما على صدر شعب ينشد الحرية والاستقلال.
وهذا الانتصار يعني في الدرجة الاولى أن دماء الشهداء لن تذهب هدرا، وأن على اسرائيل أن تدرك بأنها غير قادرة على كسر شوكة المقاومة أو تركيعها، وعلى تل ابيب أن تعترف بأنها لم تنجح في ترميم قوة ردعها، التي مرغتها المقاومة في رمال غزة، وانتصر الدم على السيف، وخابت رهانات قادة اسرائيل و "أصدقائها".
قبل الاجابة على سؤال: ماذا بعد الانتصار؟! تجب الاشارة هنا، الى أن أهم ما حققته المقاومة ، هو اعادة اللحمة الى الشارع الفلسطيني، وتعزيز الوحدة الوطنية، كذلك، وجهت المقاومة رسالة الى كل العواصم العربية، بأن اسرائيل قابلة للهزيمة رغم ترسانتها العسكرية الضخمة، وليست "البعبع" الذي تهابه العواصم، وأيضا، العدوان الاجرامي فضح اسرائيل، وكشف بقوة ارهابها واجرامها، وهذا ما رأيناه من خلال مواقف الدعم والتأييد في الساحة الدولية، وفي أمريكا اللاتينية بشكل خاص للشعب الفلسطيني ومقاومته، وتنديد باسرائيل وجرائمها، وضرورة أن تساق قياداتها الى المحاكم الدولية، مع التأكيد هنا، على أن الدول العربية لم تقف موقفا داعما حقيقيا لشعبنا، ولم تتحرك الجامعة العربية التي تضم هذه الدول لعقد لقاء واحد على أي مستوى يؤكد الوقوف مع شعبنا، وفي هذا دلالات كثيرة، لا مكان لطرحها والتعليق عليها، الان.
ماذا بعد الانتصار، وماذا بعد أن اضطر نتنياهو لقبول وقف النار، وجر اذيال الخيبة؟!
الان، مطلوب تعزيز للوحدة الوطنية، وطي ملف الانقسام، والتمسك بموقف فلسطيني موحد، والاسراع في اعادة البناء في قطاع غزة، الذي حقق الانتصار لفلسطين، وعدم منح اسرائيل أية فرصة للماطلة في المفاوضات بعد شهر من وقف اطلاق النار، والأهم من ذلك، هو عدم تجزئة المطالب، أو القضية، فهذا الانتصار، يفتح الباب أمام البحث عن حل نهائي شامل تضطر اسرائيل قبوله ينهي الاحتلال.
والانتصار الفلسطيني يستدعي الحذر من كافة القوى، فهذا الانتصار يثير قلق العديد من الجهات، والانظمة المريبة، وأيضا، لن تقف اسرائيل مكتوفة الأيدي فهزيمتها تدفعها الى مزيد من الشراسة والبحث عن وسائل جديدة لشطب هذا الانتصار والتقليل من اثاره، وايجابياته وفوائده في الساحة الفلسطينية، وبالتالي، الحذر من الاسترخاء ، والتوقف عند هذا الانتصار التاريخي، بل مطلوب مواصلة تحقيق الانتصارات في الميدان السياسي، تعزيزا لما حققته المقاومة في الميدان، مع الاشارة بقوة هنا، الى أن هناك قوى في المنطقة، بدأت بالفعل تحركات لاجهاض هذا الانتصار، والتآمر على سلاح المقاومة، هذا السلاح الذي واجه آلة الحرب الاسرائيلية.