2024-04-26 03:05 ص

وأدارت قطر ظهرها إلى الإخوان؟!

2014-09-16
بقلم: حدة حزام
 لما علقت السنة الماضية عند تنحي أمير قطر من الحكم وخلفه ابنه تميم، في قرار فاجأ العالم، وقلت إن النتيجة ستكون تخلي الأمير الجديد عن دعم الإخوان، انتقدني البعض على أني لا أفهم شيئا في السياسة، وأن الأمير الشاب هو الحاضن الحقيقي للإخوان.
اليوم انقلب السحر على الساحر، وها هي قطر بدأت التخلص من إخوان مصر، بعد أن طلبت من سبعة قياديين منهم مغادرة ترابها في أقل من أسبوع. ومن المنتظر أن تطرد باقي اللاجئين إليها من إخوان مصر في الأيام المقبلة.
طبعا، القرار كان صعبا على قطر اتخاذه، فقد خيّرها شركاؤها في مجلس الخليج بين “فلول” الإخوان وبين عضويتها وعلاقاتها ومصالحها مع دول المجلس. وطبعا قطر اتبعت مصلحتها وتخلصت من الإخوان. ومن يدري قد يكون الدور المقبل على إخوان “حماس”، خاصة وأن هؤلاء لا يؤتمن جانبهم بعد الموقف الذي وقفوه من بشار وهو الذي دعم حركتهم منذ نشأتها عندما كانت كل الأبواب موصدة في وجهها؟!
فقد كان متوقعا إذن أن تنفض يوما الإمارة الإخوان من على أرضها، لما تتعارض مصالحها والواقع الجيوسياسي الذي تفرضه أمريكا وحلفاؤها على المنطقة، ولأن وزن مصر الآن في العلاقة مع أمريكا، ومع السعودية وباقي بلدان الخليج أكبر بكثير من وزن قطر، فمن الطبيعي أن تقف هذه القوى إلى جانب الخيار المصري، وقد تكون قطر تخفت وراء الضغوط السعودية والمصرية، لتتخلص من هؤلاء بعدما صاروا عالة عليها ماديا ومعنويا، وبعدما سدت كل أبواب عودتهم إلى الحكم، وبعدما خسروا معركتهم مع النظام الجديد في مصر، وتحولوا في صراعهم مع النظام المصري إلى حركة إرهابية بكل ممارساتها لا تختلف عن الحركات الإرهابية في جهات أخرى، فاختارت قطر أن توفر على نفسها المزيد من النفقات بعد كل ما صرفته على الإخوان لتحكم من خلالهم مصر وسقط مخططها في الماء، فاختارت الحد من الخسائر في هذه المعركة الخاسرة، وطلبت من “ضيوفها” المغادرة، لكن إلى أين؟! وهو السؤال الذي سيؤرق قيادات الإخوان وفلولهم الهاربين من مصر، وسيستمر يؤرقهم عقودا أخرى، ما لم يهتدوا إلى مصالحة مع نظام بلادهم.
سيفهم الإخوان أنهم أينما حلوا ستكون إقامتهم بشروط، وستستغلهم البلدان التي ستستضيفهم ضد حكم بلادهم، خاصة إذا كانت المحطة المقبلة تركيا أردوغان، السلجوقي الذي لا يتوقف عن انتقاد نظام السيسي، وهو من كان يعتقد أن صعود الإخوان في مصر سيحمي ظهره ويدعم مخططه ويساعده على تحقيق حلم زعامة العالم السني، حتى لا نقول إنه سيساعده على بعث مجد أجداده العثمانيين مثلما كان يتفاخر دائما.
لا! ليست أرض الله واسعة أمام الإخوان مثلما علق وجدي غنيم الداعية الإخواني على طلب قطر مغادرته ترابها، والذي لفظته بلاده ستضيق أمامه بلاد الدنيا مهما اتسعت، ومثلما استعملت قطر الإخوان في حربها غير المعلنة ضد مصر، ستستعملهم تركيا، وتنتهي بطردهم إذا ما توصلت إلى عقد صفقة على حسابهم.
هكذا هو منطق العلاقات بين الدول، وهذا ما يجب أن يعيه الإخوان وأي معارض آخر في غير بلاده.
والحل، يقول منتصر الزيات محامي الإخوان هو المصالحة، ودفن سكين الخلافات التي أضرت بالإخوان مثلما أضرت بالنظام، ولهم في التجربة الجزائرية خير مثال.
لا أدري إن كان في أجندة قطر حساب لتغيير سياستها تجاه البلدان العربية من خلال قناتها التي بثت السموم في الشارع العربي، وحتى وإن فعلت فإن ذلك لن ينفع بعد الفوضى العارمة التي زرعتها في الوطن العربي، وفتحته اليوم أمام كل المخاطر، فوضى لن يعاد ترتيبها إلا بعد عقود.
عن صحيفة "الفجر" الجزائرية