2024-03-19 10:11 ص

مسؤول أوروبي : ضم أكراد سوريا لـ"التحالف" مسألة وقت

2014-10-18
يشهد "التحالف" ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" – "داعش" تحولاً لافتاً، مع الاتجاه لضم القوات الكردية في الشمال السوري إلى إستراتيجيته للحرب. صحيح أن هذا التحول تواجهه تحديات عديدة، على رأسها الاعتراض التركي وحسابات الخصومة الراسخة مع دمشق، لكن معنيين بهذه القضية يقولون إنها "مسألة وقت قبل تعميد القوات الكردية، لتكون واحدة من قوتين للتحالف على الأرض".
هذه الخلاصة، يؤكدها مسؤول أوروبي رفيع المستوى خلال حديث مع صحيفة "السفير" اللبنانية. يقر المسؤول الأوروبي بأن التحالف "يعاني عجزاً واضحاً طالما أن ليس لديه قوات تواكب الضربات الجوية على الأرض"، معتبرا أنه "لن يكون فعّالاً الانتظار لأشهر مع الضربات الجوية فقط". وفي سياق البحث عن حل لهذه المعضلة، يتحدث المسؤول عن خيار ضم القوات الكردية المنتشرة في الشمال السوري. يقول بدون مواربة: "إنهم المتواجدون هناك (في أرض المعركة ضد "داعش")، وفي نهاية المطاف، أعتقد أن من سيبقى هم الأكراد"، ليكونوا قوات برية تعمل مع التحالف.
ضيق الخيارات أمام "التحالف"، ليس العامل الوحيد الذي يرجّح كفة كل من قوات حزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي وتشكيلات "قوات حماية الشعب". يقول المسؤول الكبير إن المسألة تتعلق أيضاً بالفعالية التي يؤديها الأكراد في حرب "داعش"، سواء في العراق، أو على وجه الخصوص اليوم في سوريا، مؤكداً على أنهم "يظهرون أداء ممتازاً في القتال".
هذا المسؤول الأوروبي الذي التقى في بروكسل مؤخراً المنسق العام لعمليات التحالف، الجنرال الأميركي جون آلن. أكّد في حديثه لـ"السفير" على أن تقدم الخيار الكردي لـ"التحالف" يأتي بعد يوم من إعلان الخارجية الأميركية أن مسؤولاً فيها التقى مسؤولين من حزب "الاتحاد الديموقراطي" في باريس. يشدد المسؤول الأوروبي على أهمية تلك المحطة، ويقول إنها تمثل "بالفعل تغيراً مثيراً للاهتمام يجب رصد تبعاته".
يتضافر مع هذا الحديث بروز تغير واضح الآن في لهجة المتحدثين باسم القوات الكردية تجاه "التحالف"، بعدما صاروا يتحدثون عن فعالية الضربات الجوية التي زادت وتيرتها في عين العرب (كوباني). كما أن المقاتلين الأكراد أكدوا أن هناك فجوة حصلت في جدار الحصار المطبق على كوباني. تحدثوا عن وصول إمدادات بالعتاد والمقاتلين، لكنهم لم يذكروا الكيفية والوجهة التي جاء منها الإمداد. مع ذلك، فالعمل مع "التحالف" قائم الآن، بحكم الأمر الواقع، إذ تحتاج المقاتلات الجوية لقصف أهدافها داخل كوباني إلى معلومات وإحداثيات من القوات الكردية.
ويؤكد ديبلوماسي غربي، من دولة عضو في "التحالف"، وجود نقاش قائم حول ضم أكراد سوريا ليكونوا جزءا من عمليات "التحالف". قال هذا الديبلوماسي لـ"السفير" إن هناك دولاً في التحالف تدعم هذه الوجهة، موضحاً أن "هذا النقاش جار بالفعل، ومن يدعمون فكرة ضم الأكراد في سوريا، لديهم حجج قوية لذلك". كان من الواضح أن هذا الديبلوماسي يتجنب كشف مزيد من التفاصيل، أو تقديم إجابة حاسمة، مكتفياً بالقول "ما زلنا ننظر في كل الخيارات، وهذه قضية لن يتم حلها اليوم أو غداً".
لكن ذلك لا يمنع وجود عقبات ليس معروفاً بعد حجم تأثيرها على تعاون "التحالف الدولي" مع القوات الكردية. الاعتراض التركي لا يزال راسخاً تجاه تسليح أكراد سوريا، أو إعطائهم دوراً متقدماً. البديل الذي تقدمه أنقرة هو القفز عن الحاجز الكردي، عبر فرض حل المناطق العازلة، على أن تقوم بتأمينها إما قوات أممية، أو قوات من "التحالف". الخيار الأخير، كررت واشنطن أنه غير وارد بالنسبة إلى "التحالف"، كما سبق أن رفضت القيادات الكردية وجود منطقة عازلة تحميها تركيا، مؤكدة أن ذلك سيمثل "احتلالاً" لن يترددوا في محاربته.
خلال نقاش خيارات "التحالف" لإيجاد "قوات على الأرض، يستبعد المسؤول الأوروبي احتمال مشاركة قوات أجنبية. يقول إن الولايات المتحدة غير راغبة في ذلك، وهذه الحال تنطبق أيضاً على الدول العربية ضمن التحالف.
من جهة أخرى، يشدد المسؤولون الغربيون على أن كل ما يحدث لا يؤثر على الخصومة الثابتة للنظام السوري. القضية هنا تتعلق بالاتهامات التي توجه لحزب "الاتحاد الديمووقراطي" بأنه متحالف مع حكام دمشق. قيادات الحزب الكردي دأبت مؤخراً على تكرار نفي هذه المزاعم، خصوصاً خلال مطالبتها بتدخل "التحالف" بفعالية لإفشال سقوط عين العرب.
يقلل المسؤول الأوروبي من أهمية هذا العامل على ضم القوات الكردية في سوريا إلى "التحالف الدولي"، لافتاً إلى أهمية مواظبة قياداتهم على نفي وجود أي تحالفات أو ارتباطات مع النظام السوري.
وليس واضحاً بعد كيف يمكن أن يؤثر ضم القوات الكردية لـ"التحالف"، على حسابات عداوة دوله مع نظام دمشق. لكن ما هو واضح أن الأكراد يبدون الآن بعيدين عن مجال فعالية الجيش السوري، كما أنهم سيكونون محميين بمظلة ضربات "التحالف" في حال صاروا جزءاً منه.
التأكيد على أن الهدف الإستراتيجي لا يزال أيضاً التخلص من حكام دمشق، مسألة وردت بدورها في سياق تأكيد المسؤول الأوروبي على أن التحالف "لم يأخذ بعد شكله النهائي". صحيح أنه يقرّ بوجود "انقسام" في التحالف، لجهة رفض الأوروبيين الانخراط في الضربات فوق سوريا، لكنه يعتبر أن ذلك "قابل للتغير". يلفت على وجه الخصوص إلى موقف القيادة الفرنسية، التي لم تستبعد الانضمام للضربات الجوية في سوريا. يقول هذا المسؤول إن الانقسام الحاصل الآن في التحالف "لا يعني بأي شكل من الأشكال تغيراً في الموقف الأوروبي من الحكومة السورية".
تماشياً مع هذا التوجه، يؤكد المسؤول الأوروبي أن "القوة" الثانية للتحالف على الأرض، باعتبار أن القوات الكردية ستكون الأولى، هي "قوات المعارضة السورية" التي سيجري تدريبها. هذه المسألة أكدها أيضاً الديبلوماسي الغربي، موضحاً أن قادة التحالف "كانوا حاسمين بأن (الرئيس السوري بشار) الأسد ليس جزءاً من الحل، وأن دعم المعارضة المعتدلة هو الخيار الذي نتبناه".
ويبدو أن الحراك الذي يقوم به التحالف، سياسياً وعسكرياً، لا يظهر كله على الشاشة، كما أن الفاعلين فيه ليسوا كلهم معروفين. فمن الواضح أن هناك من يشارك في التحالف، لكنه لا يريد أن يعلن ذلك.
هذه الحيثية يؤكدها الديبلوماسي الغربي خلال حديثه، موضحاً أن هناك "مسؤولي دولة، لن أذكر اسمها، قالوا صراحة إنهم يقومون بحراك يدعم حكومة العراق، وما يقومون به أراه يدعم جداً ما نفعله في التحالف، حتى لو لم يريدوا أن يعلنوا أنهم جزء منه".