2024-03-19 04:34 ص

فشل أوباما في سورية...فضيحة لأمريكا وخذلاناً لحلفائها

2014-10-22
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
أوباما اليوم يحصد نتائج سياسته الفاشلة في سورية، ويحاول دخول المعركة بقوة ضد داعش للملمة الكارثة التي سقط فيها في العراق وسورية دون أن يحيد عن حلم إسقاط النظام السوري وإستباحة دمشق وإقامة دول الطوائف بإصرار جنوني على مشروع لا يبدو أن واشنطن تملك بدائل أخرى لإنقاذ إسرائيل وإطالة حياة مشروعها المتعثر والفاقد لقدرة الإستمرار، ومن هنا فإن حرب أوباما الجديدة لن تخرج عن حروب أمريكا التي تبدأ ولا تعرف نهاياتها أو يتحقق فيها نصر، وإستمرار هذه الحروب يبدو هدفاً في حد ذاته، فمنذ حرب أفغانستان تقاتل واشنطن في عدة جبهات دون أن تحقق النصر، فحروب أوباما ضد داعش لن تدمر التنظيم الإرهابي وتقضي عليه، بل ستمهد لخلق أمر واقع جديد يهدد بتحويل الحرب في مرحلة قادمة لإسقاط النظام السوري مع الإصرار على دعم ما يسمى المعارضة السورية المعتدلة وتسليحها وتدريبها، ومن هذا المنطلق كانت رغبة بعض الفرقاء الإقليميين أو مصلحتهم الكبرى تتجسّد بحدوث أزمة وتصادم بين أميركا وسورية، كرغبة الأتراك ومعظم الدول الخليجية، بعدما فشلت المراهنات على تغيير الحكم في دمشق من خلال دعم التنظيمات المسلحة التي جاءت من كل حد وصوب. بعد إكتساح داعش في بعض المناطق واستقرار الأسد، يواجه أوباما حرب الجبهتين بضغوط خليجية – تركية، حتى أن بعض حلفاءه ومستشاريه في البيت الأبيض، يدعونه إلى توسيع وتصعيد المواجهة مع تنظيم داعش، فالرئيس أوباما الذي كان يتحاشى إقحام جيشه في الحرب السورية، وإعادته إلى العراق أصبح مدفوعاً إلى عمليات عسكرية مباشرة ضد نظام الرئيس الأسد، وإرسال جنود في مهمات قتالية إلى العراق، وبذلك دخلت الولايات المتحدة المرحلة الفاصلة في تنفيذ خطتها لترتيب الشرق الأوسط بعد مرحلة الفوضى الخلاقة التي أطلقتها الإدارة الأمريكية في العقد الماضي، وعلى الرغم من أن البعض إعتبر ما صرح به أوباما من أنه لا يملك إستراتيجية للتعامل مع داعش، بأنها زلة لسان تكشف إستخفافاً كبيراً بأحداث جسيمة من قبل رئيس القوة العظمى في العالم، إلا أن الواقع يشير أن الإستراتيجية الأمريكية كانت مرسومة في خطوطها العريضة قبل أن تتمدد داعش بفترة طويلة في سورية والعراق، فالمقصود من هذا التغاضي الدولي عن تقاطر وتسلل الإرهابيين الدوليين الى الأرض السورية لم يكن هدفه سوى السماح للعناصر والتنظيمات المسلحة التي تشكل خطر على النظام العالمي بالتجمع وإنهاكها بالإقتتال فيما بينها على الأرض السورية للتخلص منها فيما بعد، وبالتالي ما نراه اليوم هو الفصل الثاني من مسلسل الفوضى الخلاقة التي بشرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، إذ يمكن أن نعتبر الربيع العربي المزعوم الفصل الأول من تلك المسرحية الكوميدية السوداء، والآن يأتي "داعش" ليمثل الفصل الثاني في "الفوضي المصطنعة"، وما لم يتحقق عبر الفصل الأول من تفكيك وتفتيت للعالم العربي ودوله، ربما تستطيع "داعش"ومن خلفه تلك التدخلات العسكرية الغربية وعلى رأسها الأمريكية من تحقيقه. وفي هذا السياق تضغن واشنطن خصومة خاصة لكل من العراق وسورية وتريد الإنتقام منهما وتفكيك الدولتين، فالعراق بعد الغزو الأمريكي فقد حضوره التاريخي كدولة مركزية، لكن هذا الأمر لم يكترث به الأمريكيين، غير أن ما وجه لهم لطمة قاسية هو رفض العراقيين أنفسهم لإتفاقيات تعطي حصانة خاصة للأمريكيين، حال تجاوزهم قوانين العراق، وهنا كان قرار الإنسحاب الأمريكي الذي نفذه أوباما، بعد قتل ما يقارب أربعة آلاف قتيل أمريكي، كما أن ولاء العراق والعراقيين يتوجه بعيداً عنهم، فالعراقيون يبيعون نفطهم لأصدقائهم الصينيين، ويسعون لشراء أسلحتهم من الروس، وعليه ربما توجب تلقينهم درساً لا ينسى على يد داعش وأخواتها في المنطقة، ودفع العراقيين أنفسهم للإستنجاد بالأمريكيين كما هو الحاصل الآن، أما سورية فهي تمثل للأمريكيين أكثر من تحد، فهي الحليف الأهم والأقرب لحزب الله وإيران، وحال إنهيار سورية سوف يضعف الموقف التفاوضي الإيراني في المباحثات النووية مع الغرب، أضف إلى ذلك أن سورية تبقى حتى الساعة الحليف الأقرب والأوثق لروسيا، ونافذتها على البحر الأبيض المتوسط، وهو ما لا تتمنى واشنطن استمراره، وبالتالي فإن التصعيد في سورية والعراق لا يمكن أن يحقق الأهداف الأمريكية، وربما يتسبب في إحداث فوضى وعواقب غير مقصودة تشمل المنطقة بأكملها. في إطار ذلك يمكنني القول إن السياسة التي إنتهجها الرئيس الأمريكي إزاء سورية إنهارت من البداية لوجود فجوة بين أقواله وأفعاله،إذ إن أوباما الذي أعلن أن هدف السياسة الأمريكية يكمن في إضعاف تنظيم داعش وهزيمته بشكل كامل، يجد نفسه الآن أمام ضغوط لتصعيد العمل العسكري في سورية، وهذا طريق مآله إلى الفشل، يبدو أوباما بالفعل أمام معضلة كبرى، إذ ليس من طريق أمامه سوى المواجهة البرية وأو المجازفة بنجاح تلك الحرب على إرهاب داعش، والطريقان أحلاهما مر، كون أوباما لا يملك في الوقت الحاضر الجرأة مجرد الحديث عن قوات برية أمريكية جديدة خارج الحدود الأمريكية، لأنه لو فعل سيفقد مصداقيته لدى الأمريكيين كرجل حاول إنهاء هذا الوجود فكيف له أن يعيد إرسال أبناء الأمريكيين ليموتوا في الحرب كما حصل في العراق، لكن في ذات الوقت وفي ظل تقدم داعش التي تمتلك المدافع والصواريخ المضادة للطائرات، ويحسن أفرادها أسلوب حرب العصابات والتخريب والأعمال الإرهابية، فإن إمتناع أوباما عن إرسال قوات برية، سيؤدي إلى خسارة المعركة ولو في المدى الطويل، كما أنه بذلك يخاطر بجعل المعركة تتسع رقعتها، ربما لتخرج من السياق الإقليمي إلي المواجهة الدولية، وبالتالي فإن الكثير من الأطراف الدولية لاسيما موسكو وبكين وطهران، تلزم الصمت في الوقت الحاضر، رغم علمها بأن المشهد الداعشي، ربما يكون مرسوماً أمريكياً لكي يحيق بها الخطر في المستقبل القريب والمتوسط، والدليل على ذلك وجود مقاتلين من الشيشان وغيرها من الجمهوريات الإسلامية الآسيوية ضمن تنظيم داعش، فضلاً عن مشاركة أفراد من مسلمي الصين الايغوريين الانفصاليين في هذا التنظيم، وهذه كلها تؤكد فكرة المؤامرة الغربية والتدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط. وأختم مقالي بالقول إن هذه الحرب هي حرب ستطول معركتها لسنوات، ولهذا فإنه حتى لو فازت أمريكا في حربها ضد داعش، إلا أنها على الأمد البعيد ستخسر كثيراً لأنها بذلك ستتورط لسنوات وربما عقود قادمة في المنطقة ولن تجد نفسها قادرة على الرحيل مبكراً كما الحال في أفغانستان والعراق، وبإختصار شديد نؤكد للرئيس أوباما، وكل من إستخدم الوسائل الداعشية لتنفيذ الأعمال الإجرامية في سورية والعراق، أن حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر، وأن كيدهم سيرتد إلى نحورهم، وكما يبدو أن هؤلاء المراهنين لم يعرفوا طبيعة الشعب السوري والعراقي وسايكولوجيته الإجتماعية، فالشعب السوري والعراقي يرفض الإملاءات الخارجية عليه، ويرفضون الذل والمهانة والخنوع. 
Khaym1979@yahoo.com