2024-04-26 08:05 ص

دولة الإمارات .. والوصول المتأخر ؟؟

2014-11-21
بقلم: محمد بكر*
أن تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بإدراج ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على قائمة الإرهاب فإنه مدعاة ٌ للوقوف عنده ملياً والبحث في النهج السياسي الإماراتي ولاسيما بعد أربع سنوات من "الربيع العربي" ومااستجلبه من شلالات الدم المتدفقة من منابع الفتنة وفتاوى الأشقياء الممثلة برئيس الاتحاد يوسف القرضاوي بحت خلالها حناجرنا وتقطعت حبالها الصوتية ونحن نقول أن جل وتفاصيل وحيثيات الحدث إنما هو بتوقيع الإرهاب والقاعدة وتحت أعين المشروع الأمريكي – الأخواني ولايمت للحراك الثوري بأية صلة (مع احترامنا هنا لجميع الشعوب وحقها المشروع في الوصول لدول تعددية تشارك فيها جميع مكونات الشعب في الحياة السياسية وصنع القرار الوطني المستقل بما لا يتعارض مع النهج القومي للوصول إلى التغيير وبما لا يستجلب الغرب كمخلص وقائد ثوري لحراك الشعوب),إذ لم يكن مستغرباً أن يأتي القرار بالتزامن مع إعلان داعش عن تمدده للسعودية وتالياً الخوف الإماراتي من أن يصل البل الداعشي ـ الأخواني الى "ذقون" أصحاب السمو والمعالي الأمر الذي يسمح لهم بموجب القرار بالمجابهة الشرعية لمن صنفوه إرهابياً. غير مرة أعلنت فيها دولة الإمارات إلقاء القبض على خلايا ومجموعات تنتمي لجماعة الأخوان المسلمين وغير مرة أيضاً كان التوصيف للحدث السياسي المسمى ربيعاً حاضراً بقوة على لسان ضاحي خلفان القائد الأسبق لشرطة دبي لجهة أن الحاصل هو "فسيخ عربي" وحراك سياسي أخواني بحت وليس ربيعاً وهذا ماكان بالفعل , لكن السؤال المطروح في هذا السياق , لماذا لم نسمع تصريحاً واحداً لحاكم من حكام أي إمارة أو حتى من رئيس الدولة نفسه يعكس رؤية وتحليل ضاحي خلفان ؟؟ ولماذا استمرت الإمارات في التماشي مع نهج مجلس التعاون الخليجي ولم تعلي الصوت منذ البدايات تجاه سياسة المجلس الذي كانت فيه قطر تدعم ذات الجماعة المحظورة ولازالت , فيما كان الدعم السعودي لجماعات أخرى متماثلة ايديولوجياً مع الأخوان جارٍ على قدم وساق ولاسيما على الساحة السورية؟؟ ماحصل على الأرض هو العكس, إذ دعمت الإمارات وهللت وباركت وصفقت منذ بدايات الحراك الذي تم تأطيره في إطار "الثورة والربيع " مؤكدة على لسان مسؤوليها في غير مناسبة على حق الشعوب في نيل حريتها وديمقراطيتها وتقرير مصير من يحكمها , وهي التي غابت عن دساتيرها وقوانينها ماكانت تصفق له وتعلي الصوت من أجله , فيما لاتزال الديمقراطية فيها تتراقص على إيقاع المشيخة الوحيد. في ندوة عقدت في لندن، استضاف فيها مرصد الشرق الأوسط عددًا من الصحفيين والخبراء في مجال حقوق الإنسان للنقاش حول واحدة من الصفات الأقل شهرة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ألا وهي "وضعية " حقوق الإنسان ومعاملتها للنشطاء السياسيين في أعقاب ما سمي بالربيع العربي إذ أكد نيكولاس ماك من منظمة هيومن رايتس ووتش أن دولة الإمارات العربية المتحدة في واقع الأمر وفي كثير من الأحيان انزلقت تحت الرادار من دون مراقبة، ولكن في الحقيقة كانت دولة "قمعية " أرادت إخفاء ذلك من خلال نفوذها مضيفًا أنه وقبل انطلاق شرارة "الربيع العربي " كانت علامات القمع والاستبداد في الإمارات العربية المتحدة موجودة، ولكنها وبعد "الربيع العربي" ومع الدعوة إلى الإصلاح المعتدل، وإعطاء الصلاحيات التشريعية للمجلس الوطني الاتحادي، ومع المطالبة بانتخاب أعضائه ردت الإمارات (بحسب نيكولاس ماك ) بطريقة أكثر استبداداً، واعتبرت هذه المطالب تهديدًا وجوديًا ونسفاً للاستقرار. فهل يأتي قرار أصحاب المعالي والسمو الجديد في إطار التحول النوعي والتلمس الحقيقي لخطر الإرهاب المتنامي يوماً بعد يوم ؟ أم إن جل التحول لم ولن يغادر النهج الأمريكي المتشرب في السلوك الإماراتي لجهة أن من كانت مصالحه متقاطعة في توقيت محدد مع المصلحة الأمريكية – الخليجية أصبح اليوم عدواً؟؟ بعيداً عن قراءة الطالع والبحث في النيات , إلا أنه ثمة جملة من الوقائع تشكك في التوجهات الجديدة لدولة الإمارات أو بالحد الأدنى هي وقائع تترك خلفها العديد من إشارات الاستفهام فالمراقب البسيط للسياسة الإماراتية يدرك ازدواجية المعايير في مقاربتها للمشاهد السياسية ولاسيما في مصر وسورية إذ دعمت الإمارات وباركت سقوط الأخوان في مصر ولم تتوانى للحظة في دعم الجيش المصري ومؤسسته الأمنية في مواجهة ما تسميه الإمارات وكل ذي بصيرة أيضاً بأنه إرهاباً وتكفيراً , في حين تملأ الآذان قطناً وطين وتغشي العيون عن المشهد السياسي السوري الذي يواجه فيه الجيش العربي السوري نفس المجاميع المسلحة التي تعبث بالأمن المصري ,ولعل إعلان جماعة " أنصار بيت المقدس" في سيناء مبايعتها لتنظيم "داعش" يؤكد تطابق ما يحصل على الساحتين المصرية والسورية . الجانب المهم أيضاً في النهج السياسي للإمارات العربية هو انتفاء مبادئ وأسس العقيدة القومية من ذلك النهج لجهة استمرار العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الكيان الصهيوني , ولعل ما شهدته إمارة أبوظبي مؤخراً من استضافة مؤتمرٍ للطاقات المتجددة وبحضور وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم يمثل خير دليل لتنامي العلاقات الإماراتية – الإسرائيلية , إضافة إلى أن ذلك النهج لايزال بمنزلة " الجندي الباسل " ينفذ الأوامر الأمريكية - الغربية بطاعة عمياء ,وجميعنا يذكر كيف شاركت الإمارات مع حلف الناتو بقصف ليبيا وما عقبه من تدمير وقتل للآلاف من الليبيين تحت مسمى " إنقاذ الشعوب المضطهدة " إضافة ً لانخراطها " السلس " في التحالف الأمريكي ضد " داعش ". أياً يكن , وبالنظر إلى القرار من حيث الشكل فإننا نأمل أن يكون في إطار الوصول المتأخر , وكذلك نأمل أن تأتي مراجعة الإمارات للعلاقة مع الكيان الصهيوني في سياق الوصول المتأخر أيضاً , فأن تصل متأخراً خيراً من أن لاتصل.
 * كاتب فلسطيني مقيم في سورية