2024-04-26 10:54 م

متى سَتضربُ دمشق، وهل حدّدت زيارة "المعلم" الموعد؟

2014-11-29
بقلم: سمير الفزاع
اتخذت السياسة الأميركية بشكل خاص وسياسة التحالف العربي-الغربي بشكل عام، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي شكل التطويق التدريجي لسورية في مجالها الحيوي، خوفًا من سورية "المحتملة" أكثر منه خوفًا من سورية القائمة. لقد حاولوا إغرائها بعملية "تسوية" تنهي الصراع العربي الصهيوني، وتجردها من هويتها العروبية المقاومة، وتفكك البنيان الاستراتيجي بين مكونات حلف المقاومة الذي كان لها شرف ابتكاره المبادرة إليه. وعندما فشلوا في إنجاز تسوية شاملة ولجأوا إلى لعبة المسارات، جربوا التهديد والوعيد؛ بل واحتلوا العراق، وأصدروا القرار 1559 الذي يصنف الجيش العربي السوري كقوة احتلال في لبنان، وهاجموا لبنان 2006، وغزة 2008-2009... ثم عادوا للمزاوجة بين العصا والجزرة، الانفتاح الغربي والعربي الواسع، والاستثمارات الخليجية، والرحلة المشتركة بين الرئيس بشار حافظ الأسد وملك آل سعود إلى بيروت، ودعوته كضيف شرف إلى احتفالات الاستقلال الفرنسية، وتسميته "رجل العام" على قناة cnn الأمريكية... لكن ذلك ترافق دوما بالتهديد والتحذير... لكن الإغراء يصطاد المغمورين، والتهديد يُسقط المارقين، وأما أصحاب الأرض والقضية فهم صنف آخر من البشر لن يفهمه حكام ممالك الرمال، ولا صعاليك الغرب اللاهثين خلف برميل نفط وموطئ قدم بطعم الاحتلال. * المفاتيح النووية في قُم ودمشق والضاحية: عدة أيام من المفاوضات الشاقة بين الوزير جواد ظريف ونظرائه في مجموعة (5+1) أنجزت أو تكاد تنجز اتفاقاً نووياً، سيكون سلاح واشنطن في وجه سورية وحزب الله، وحصان طروادة الذي يحاصر موقع ومكانة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية. قبل نهاية المهلة بثمان وأربعين ساعة، يعلن مسؤول عسكري أيراني كبير: سورية رأس الرمح في حلف المقاومة، وهي تقاتل بالنيابة عنا جميعاً، وسندعمها حتى النهاية. نائب القائد العام للقوات الجو-فضائية الإيراني، اللواء سيد مجيد موسوي يعلن: بإمكان المقاومين إصابة جميع الأهداف، سواء كانت تلك الأهداف في جنوب الأراضي المحتلة أو في شمالها، و"المقاومة الإسلامية" تمتلك صواريخ "فاتح" وبإمكانها إطلاقها في أي وقت. وأشارت وكالة "فارس" للأنباء المقربة من الحرس الثوري، أن الصاروخ الجديد من نوع "فاتح" يتراوح مداه بين 250 و350 كيلومتر، ويمكن تزويده بحمولة من المواد شديدة الانفجار تبلغ زنتها 500 كيلوغرام. وختمت الوكالة تقريرها بالتأكيد على أن: مفاعل ديمونا النووي اليوم يعد هدفاً سهلاً للمقاومة. وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من تمديد مفاوضات التوقيع على الاتفاق النووي، يؤكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي: "أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية اجتمعوا وعملوا كل ما في وسعهم لإركاع إيران في الموضوع النووي لكنهم عجزوا، وسيعجزون عن ذلك. وختم: نحن عززنا قبضة الاخوة الفلسطينيين في غزة والمناطق الاخرى وسنواصل هذا النهج، وكما أعلنا ينبغي ان تتسلح الضفة الغربية مثل غزة وتستعد للدفاع". لقد تأجل توقيع الاتفاق لأن القرار بالتوقيع لم يتخذه بعد قائد الثورة، ولا يمكن أن يتخذه ودمشق تنزف والضاحية مهددة. * هيغل يلحق بأسلافه: ليس بعيداً عن الحرب على سورية ولا عن الملف النووي الإيراني، أن يسقط وزير الحرب الأمريكي الثالث خلال الحرب على سورية، شاك هيغل. في الوقت الذي تحدثت فيه الإدارة الأمريكية عن الحاجة إلى ثلاثة أو خمس سنوات وربما أكثر، للقضاء على داعش وأخواتها، بناءاً على تقييمات استخبارية –كانت أقرب إلى الأماني-أمريكية وغربية وعربية، ثبت فشلها خلال فترة وجيزة لم تتجاوز الشهرين. الجيش العربي السوري، يستعيد المبادرة على كل جبهات القتال، في غوطة دمشق الشرقية والقنيطرة ودرعا، وفي ريف حماه الشمالي، وفي حلب المدينة وريفها، ودير الزور والحسكة وريفهما. والجيش العراقي، استعاد مناطق واسعة في ديالى وصلاح الدين والأنبار... وبات يتهيأ لمعركة الموصل. لقد نسفت هذه التطورات الميدانية الكبرى المقولة المركزية في استراتيجية إدارة أوباما لمكافحة داعش، (التوسع المستمر لداعش، واستحالة هزيمتها بدون دعم واشنطن). لقد تم إيقاف هذا التمدد، وبدأت داعش تفقد الجغرافيا التي سيطرت عليها، وباتت مطاردة في سورية والعراق، ولم يتبقى منها إلا إرهابها الذي لن يستطيع أحد أن يسوقه بعد اليوم "كتمرد سني ضد التهميش". هنا سقط "هيغل" وتداعت استراتيجية أوباما، كيف؟ بكل بساطة؛ تقوم الاستراتيجية على الموائمة بين خطر داعش الميداني على سورية والعراق وإنجاز مصالح واشنطن في هذين البلدين والمنطقة، فكان الرد السوري-العراقي بتغيير وقائع الميدان –بضرب داعش ومطاردتها-لإسقاط البناء السياسي الأمريكي القائم عليه، أي مصالح واشنطن ومخططاتها. * حظر الطيران، إعلان حرب، فمن يجرؤ: لفترة طويلة، سيبقى كلام الوزير "المعلم" للأخبار اللبنانية يقدم "المفاتيح" الدلالية لقراءة وتفسير خارطة المنطقة. صحيح أن هذه المرحلة تحكمها "تفاهمات الأمر الواقع"، ولكن التهيؤ للمرحلة التالية يتطلب استعدادات من نوع خاص. عندما تحدث المعلم عن صواريخ S300 وأسلحة نوعية أخرى تنتظر سورية التزود بها من روسيا، كان يعلن بأننا بتنا على أعتاب مرحلة جديدة، مفصلية في أهميتها، وخطيرة جداً في تداعياتها. مهمة لأنها ستشهد تغيرات دراماتيكية في الميدان، وخطيرة لأنها ستحمل انعكاسات حادة وكارثية على مشروع الحرب على سورية ومجمل المنطقة. قبل يومين فقط، يصرح لافروف: أن هذا التحالف خارج القانون الدولي وهدفه هو إسقاط النظام في سورية، تحت دعاوى محاربة داعش. وفق منطق التكامل والتلازم، لا يمكن قراءة تصريح لافروف إلا بأنه التتمة الروسية لتصريحات "المعلم". المعلم يقول بأننا نقف على مشارف مرحلة جديدة تحتاج استعدادات خاصة، ولافروف يرد، هذا صحيح، فالتحالف يسعى لإسقاط النظام، سنساعدكم في توفير مستلزمات الصمود والنصر. ولمن يراهن على تراجع موسكو، فليراجع كلام بوتين قبل أيام، للرئيس الإيراني روحاني، لن تستمر المفاوضات النووية بلا نهاية، سنرفع العقوبات من جانب واحد، وكان تجميد صفقة صواريخ S300 أحد أهم عناوين العقوبات الروسية على إيران. * متى ستضرب دمشق: ورد في جريدة المنار المقدسية الخبر التالي: في 12 تشرين الثاني، حطّت طائرة الرئيس العراقي فؤاد معصوم والوفد المرافق له في الرياض في زيارة بهذا المستوى التمثيلي بين البلدين، بعد قطيعة استمرت أكثر من عقدين. في اليوم الثاني، استقبل الملك السعودي الرئيس العراقي في قصره بالرياض، وكانت أجواء اللقاء أكثر من إيجابية، وفق وصف وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري المشارك في الاجتماع. تروي المصادر المطلعة على مجريات اللقاء، أن الملك عبد اهلل، الذي استفسر عن الإنجازات التي تحققها القوات العراقية، عرض على معصوم منح العراق طائرات "فانتوم" لاستخدامها في الحرب ضد تنظيم "داعش". العرض نفسه كان قد سمعه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي -وإن كان بصيغة مختلفة-لدى زيارته الأردن في 26 تشرين الأول. قال الملك عبد الله الثاني للعبادي: "بإمكاننا تزويدكم بطائرات فانتوم لضرب داعش على أن نستعيدها بعد انتهاء المعارك". العرضان السعودي والأردني نقلتهما أوساط عراقية للأميركيين، فلم ترحب واشنطن بالفكرة. ماذا يمكن لنا أن تستنتج من هذا الخبر، وبصرف النظر عن دقته: 1 -واشنطن متخوفة من انتصار العراق على داعش في فترة قصيرة، ما سيضع خطط واشنطن بإطالة أمد الحرب على داعش في مهب الريح. 2-محاربة داعش تتطلب من القيادتين السورية والعراقية، مراعاة التطورات الميدانية في كلا البلدين، أي توحيد خطط المواجهة حتى لا يكون العمل في جبهة على حساب أخرى 3-لن تشرع دمشق بمعركة حوض الفرات وشمال سورية إلا بعد الاطمئنان إلى عوامل رئيسية، منها: * فتح طريق دمشق حلب الدولي، أي تطهير أواسط البلاد، وتأمين طرق الإمداد. * حسم معركة حلب سلماً أو حرباً. *استعادة بغداد لمحافظة نينو، والجزء الأكبر من محافظ الأنبار وخصوصاً المحاذي لبغداد ونينوى؛ أي حشر داعش في الجيب الحدودي مع سورية وحوض الفرات. * الفراغ من تطهير مدينة دير الزور وريفها، والمناطق المحيطة بالحسكة والقامشلي. * توفر "مستلزمات خاصة" ميدانية-عسكرية، استخبارية، سياسية، للشروع في هذه المعركة. * كلمة أخيرة: في الوقت الذي رفض فيه استقبال سعود الفيصل –المتسلح بدوره في انهيار أسعار النفط-خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، والراغب "بإفشال" زيارة الوفد السوري، يعتبر استقبال بوتين للوفد السوري فور وصوله مؤشراً هاماً في عدة اتجاهات، منها: الأهمية التي يوليها بوتين شخصيّاً لهذه الزيارة، ورغبته بتوجيه رسالة دعم لا شك فيها لسورية، وإصراره على الاطلاع مباشرة على أفكارها واحتياجاتها، وتأكيده لنهج بات يتشكل سريعاً؛ مصالحنا الذاتية لن تسبق علاقاتنا التحالفية، وأنه لن يتراجع عن خوض مواجهة لا بد منها. ربما هذا يكون التعبير العملي الأول لتصريحات بوتين القاسية قبل أسبوع تقريباً "إنهم (أمريكا) لا يريدون إذلالنا بل يريدون إخضاعنا وحل مشاكلهم على حسابنا... لم يتمكن أحد في التاريخ من تحقيق هذا مع روسيا ولا أحد سيمكنه عمل ذلك على الاطلاق". بعد أن وصلت سورية "قاذفات الصواريخ" والرادارات، أعلن بوتين شخصيّاً في مقابلة صحفية أيلول 2013، أن روسيا "جمّدت صادراتها من أنظمة S-300 إلى سوريا". قبل أيام قليلة أعلن متحدث في وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ستواصل تعاونها العسكري مع سوريا، وفي السابق تم وصف الأنظمة الدفاعية S-300 بأنها أسلحة دفاعية، فهل ستكمل موسكو ما تبقى من الصفقة، وتدخل في تحالف سياسي-ميداني أكثر "سطوعاً “مع دمشق لمحاربة داعش ومشغليها؟ خصوصاً بعد كلام الرئيس بوتين قبل أن يجتمع بالوزير المعلم بساعات فقط عندما قال: نحن لا نهدد أحدا ولا نخطط للانجرار وراء ألعاب جيوسياسية أو مؤامرات... لكن هناك ضرورة للدفاع عن سيادة روسيا ووحدة أراضيها، وأمن حلفائنا". خطة دي مستورا الذي لم يزر تركيا حتى اللحظة، هل هي استمرار لسياسة "المصالحات" السورية في حمص القديمة وبابيلا... أم محاولة لحماية المسلحين من السقوط؟ ولماذا ظهرت داعش في درنة الليبية، أهي ولاية جديدة أم خطة للهرب من جحيم صار محققاً؟ صدقوني، لن يطول زمن انتظار الأجوبة.

الملفات