2024-04-26 01:21 م

هل أذهب طرح كيري " سكرة " حماس؟؟

2014-12-19
بقلم: محمد بكر*
يبدو أن كلام وزير الخارجية الأمريكية جون كيري قد وصلت رسالته جيداً إلى حركة حماس لجهة بناء تحالف إقليمي جديد يضم كلاً من الكيان الصهيوني ودولاً عربية لمواجهة الحركة وتنظيم داعش الإرهابي على حدٍ سواء بحسب المعيار الأمريكي في التصنيف, المطابق لنظيره الإسرائيلي الذي عذّ في السابق حركة حماس أنها فرعاً من "داعش" . على الفور سارعت الحركة في ظل الطروحات الأميركية وجديدها في استراتيجية المواجهة لتوجيه جملة من الرسائل السياسية منها والعسكرية وعلى لسان أكثر من قيادي من قياداتها , كما تسارعت الخطا باتجاه طهران بعد فترة من الجمود والركود الذي أصاب العلاقة مع الجمهورية الإسلامية, لجهة الموقف الحمساوي " غير المبرر" وانخراطه السلبي في الشأن الداخلي السوري الذي أثقل بالمواقف الخاطئة والحسابات غير الموضوعية أدارت فيها الحركة الظهر لمن ساندها وأيدها على مدى سنوات , وفي لحظة صعود لجماعة الإخوان المسلمين في مصر , تصاعد معها الحراك الحمساوي لأعلى مستوى له ,منتصراً في ذلك , لجماعة سرعان ما أصبحت محظورة و مفردة إرهابية في القاموس الدولي الأمر الذي أفل فيه "نجم التعويل" الذي كان حاضراً في الفكر الحمساوي . فهل أدركت الحركة ماهية اللعبة الحاصلة بالفعل ؟؟ ولماذا سارعت لإرسال وفد رفيع المستوى باتجاه طهران تمهيداً لزيارة قريبة لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل بحسب ما تناقلته مصادر إعلامية إيرانية ؟ وهل ثمة ترابط بين تحرك الحركة وجديد انعطافتها وبين طرح كيري الأخير؟؟ في ذكرى انطلاقتها السابعة والعشرين نظمت حركة حماس عرضاً عسكرياً أبرزت فيه إمكانات عسكرية وقدرات جيدة ولاسيما طائرة أبابيل من دون طيار التي حلقت في سماء غزة أثناء العرض إذ كانت كفيلة بتحريض نشاط أجهزة الرصد والتتبع الإسرائيلية خوفاً من أي عملية قد تقوم بها الطائرة , في إشارة إلى أن العرض, كان رسالة عسكرية واضحة للتحالف الجديد, لجهة التأثير في حساباته ,و ربما إعادتها من جديد في ظل المعروض من قدرات الحركة , إضافة إلى ذلك هو أن الحركة لم تجد حرجاً أثناء العرض العسكري في أن تجاهر بتوجيه الشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم تبخل عليها ومدتها بالمال والسلاح والصواريخ النوعية بحسب ماجاء على لسان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة , بدورها حضرت الرسائل الأخرى التي رسمت بدقة ملامح المواجهة المقبلة مع الكيان الصهيوني, وحددت بوضوح شديد استراتيجية التمدد والتأثير في العمق الإسرائيلي, ومن هنا نفهم الاندفاعة الحمساوية نحو طهران اللاعب الرئيس والمؤثر الفاعل في أي تطور نوعي للمواجهة مع الكيان الصهيوني, إذ أكدت الحركة أن القوة العسكرية لها في ازدياد وأن خيار المواجهة باللغة التي تفهمها " إسرائيل " له الصدارة, مؤكدة ً على تفعيل المقاومة في كل فلسطين وأن قضية تشديد الحصار وتعطيل إعادة الإعمار ستبقى قنبلة موقوتة في وجه الاحتلال , وأن التحالف الذي يقوده وزير الخارجية الأمريكية جون كيري سيفشل كما فشلت كل المحاولات في السنوات الماضية . في لعبة المحاور , وفي اللحظات الحاسمة التي لايمكن أن تقبل القسمة على اثنين يجب أن تدرك حركة حماس جيداً ( وهذا ما بدأ يتبدى من حراكها السياسي) أن ما تقدمه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وما توفره من دعم نوعي للمقاومة الفلسطينية لا يمكن أن توفره أي دولة أخرى في الإقليم لا تركيا ولا قطر ولاغيرهما , ولعل التجارب والمواجهات السابقة قد أثبتت ذلك للقاصي والداني ,ولاسيما أنه وبعد كل المطبات والعراقيل التي وضعتها سياسة الحركة خلال فترة ما سمي بالربيع العربي لم يؤثر قيد أنملة ولم يستحدث أي نوع من اللين في الموقف الإيراني الثابت حيال حركات المقاومة والتحرر من الكيان الصهيوني, إذ أكد مرشد الثورة الإسلامية في لقائه مؤخراً مع علماء الدين في العالم الإسلامي الذي عقد في مدينة قم, أن إيران ليست أسيرة القيود المذهبية ومستمرة في دعم حركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله على حد ٍ سواء . النقطة الأبرز في اعتقادنا التي تشكل العامل الرئيس في اندفاعة حماس نحو طهران لإعادة هيكلة العلاقات وترميم بعض التصدعات الحاصلة, هو الحديث الإيراني مؤخراً والاستراتيجية التي أعلن عنها مرشد الثورة لجهة العمل على تسليح الضفة الغربية , إذ تتلمس حركة حماس طرحاً إيرانياً جدياً يتوافق مع رؤيتها التي أعلنت عنها لجهة أن الحركة ستكرر تجربة غزة في الضفة حتى التحرير والوصول إلى كل فلسطين . لاشك في أن الطرح الإيراني فيما يتعلق بتسليح الضفة الغربية سيشكل نقطة انعطافة هامة في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني لجهة ما سيؤمنه من أعلى درجات التأثير الفاعل في سلوك "إسرائيل" المتنامي في إجرامه واعتداءاته اليومية واللحظية بحق الشعب والمقدسات والتاريخ والأرض الفلسطينية بهدف الوصول لمبتغاه في الترويج والإعلان عن دولته اليهودية المزعومة. النقطة الأخطر في سياق التوجه نحو تسليح الضفة وتفعيل وتنشيط روح المقاومة وتأجيج الكفاح المسلح على أراضي ومدن الضفة الغربية هو الطرح الحمساوي للوصول إلى ذلك المبتغى لجهة اللهجة الشديدة التي جاءت على لسان محمود الزهار القيادي البارز في الحركة لجهةتكرار تجربة غزة في الضفة وأن الأخيرة تخوض حرباً على جبهتين العدو الإسرائيلي ومن يطعنها في الظهر , ذلك الطرح الذي قد يتنامى معه محرضات لاستيلاد " اقتتال فلسطيني – فلسطيني " تراق فيه الدماء الفلسطينية في غير مهراقها ويعلو أزيز الرصاص في غير جبهته ووجهته , في إعادة مقيتة لما حصل في شهر حزيران من العام 2007 عندما سيطرت حماس على قطاع غزة , هذا المشهد الدموي الذي يخدم إذا ما حدث العدو الإسرائيلي أولا وأخيراً . مابين تحالف كيري الجديد الواضح وضوح الشمس في حيثياته وتفاصيله واستهدافاته وبين حراك حماس نقف لنسأل : هل كان يجب على كيري أن يشرح ماهية تحالفه الجديد حتى تذهب " سكرة " حماس لتبحث بدأب عن أصل نجاحاتها في الميدان وتهرول باتجاه طهران ؟ إن المرحلة الاستثنائية التي تمر بها القضية الفلسطينية اليوم والتي تتنامى فيه العربدة الإسرائيلية والإجرام الإسرائيلي إلى مستويات ٍ قياسية , تحتم على الأفرقاء الفلسطينيين توحيد الإرادات وتدعيم أواصر اللحمة الوطنية والتموضع في الدوائر الفاعلة بما يكرس ويقوي العمل الوطني الفلسطيني الذي جوهره الكفاح المسلح , ولاسيما إذا مافشل التعويل على المحافل الدولية لاسترجاع الحق الفلسطيني.
 * كاتب فلسطيني مقيم في سورية