2024-04-26 07:43 ص

الأطراف الفلسطينية المتنفذة والمستفردة بالقرار الفلسطيني في مجلس الامن

2014-12-24
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
الغموض والالتباس ما زال يحيط بما أطلق عليه " مشروع القرار الفلسطيني-العربي" والذي قدم الى مجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي (17-12-2014)وبعد يومين من اجتماع القيادة الفلسطينية في المقاطعة الذي ضم الفصائل الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. وهذا يدلل على ان هنالك طبخة يحيكها البعض الذين يقولون شيئا في العلن ويعملون على نقيضه في الخفاء. نقول الغموض والالتباس يعود الى عدم معرفة من الذي صاغ القرار ومن من هو الطرف الفلسطيني الذي وافق على تقديم مشروع القرار بصيغته الحالية؟ والاجتماع للقيادة الفلسطينية قبل تقديم مشروع القرار ألم يكن الغرض منه مناقشة التوجه الى مجلس الامن ووضع مشروع القرار الفلسطيني العربي أو مناقشة بنود القرار؟ ألم يكن هذا هو المقصود عندما أعلن الدكتور صائب عريقات "أن القيادة الفلسطينية اتخذت مجموعة قرارات، وهذه الليلة (ليلة الاجتماع الذي تم يوم الاحد 14 ديسمبر 2014 ) سوف تقرر مواعيد وآليات التنفيذ؟ نحن نفهم أن مواعيد وآليات التنفيذ يتم مناقشتها فقط عندما يتفق على القرارات التي ستؤخذ والتي سيتضمنها مشروع القرار وليس قبل ذلك. الان يخرج علينا السيد رياض المالكي "وزير الخارجية الفلسطيني" ليقول ان الفلسطينيون ادخلوا 4 تعديلات على مشروع قرار قدموه الأسبوع الماضي الى مجلس الامن الدولي، لتحديد نهاية العام 2017 سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967". هل هذا يعني ان القرار السابق لم يتضمن هذا؟ ولقد نقلت صحيفة القدس بتاريخ 22 ديسمبر 2014 أن "الوزير" قال " ان تعديلات أساسية ومهمة قد أدخلت على مشروع القرار المقدم باللون الأزرق للتصويت عليه في مجلس الامن الدولي". وفي تصريح مكتوب ذكر "الوزير" من ان التعديلات التي ادخلها الجانب الفلسطيني شملت على " توضيحات لا لبس فيها حول القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، كونها جزءا أساسيا من الأرض الفلسطينية المحتلة بحيث لا يتم الاعتراف على الاطلاق بأية تغييرات فرضت على القدس المحتلة بهدف تغيير معالمها أو فرض واقع جديد". كما أضاف "الوزير" ان التعديلات قد اكدت على سريان القانون الدولي ونفاذه على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية الى جانب التأكيد على الوقوف الكامل للنشاط الاستيطاني أيا كان وتحت أي مسمى". التعديلات التي قدمت إذا كان ما تناقلته وسائل الاعلام صحيحة ودقيقة تحمل في طياتها معان خطيرة للغاية بالنسبة للقضية الفلسطينية. وربما يزيد من خطورتها ان مثل هذا المشروع الهزيل البائس بكل المقاييس لكل من قرأه ( نص منشور في معن الإخبارية 19-12- 2014، Global research 21 21-2014 ) يتم مناقشته داخل أروقة مجلس الامن وبالتالي فانه سيكتسب نوع من الشرعية الدولية التي فقدتها القضية الفلسطينية على ايدي فلسطينية متنفذة ومستأثرة بالقرار عندما ذهبت الى اوسلو وانتجت اتفاقية وتفاهمات أوسلو سيئة الصيت. واليوم تعود هذه "القيادة السياسية" تحت عنوان ما سماه أحد منظري السلطة المرحلة الثالثة من النضال الفلسطيني وهي نقل القضية الفلسطينية الى الشرعية الدولية، وذلك بعد مرحلة الكفاح المسلح والمرحلة التفاوضية. نقول إذا كانت كل هذه التعديلات قد قدمت من الجانب الفلسطيني فما هو نص القرار الأصلي الذي قدم إذا لم يكن متضمنا على النقاط الأساسية والجوهرية الذي قدمها لنا سعادة "الوزير". والذي يبدو ان هنالك دفعة جديدة من التعديلات حتى ندخل مزيدا من الالتباس والغموض ونضيع في التعديلات على التعديلات المطروحة بحيث يصبح من المستحيل فهم ما يدور ونصل الى حالة من القرف لنكف عن متابعة الموضوع وبالتالي إعطاء الفرصة لتمرير أي شيء تحت شعار "بدنا نخلص من هذه المشكلة باي ثمن ونريح راسنا". "الوزير" مشكورا لفت الانتباه الى انه ما زال بالإمكان ادخال تعديلات على مشروع القرار لأنه ما زال باللون الأزرق قبل التصويت عليه. بمعنى ان من لديه تعديلات فليتقدم بها، وهذا طبعا لان قيادتنا ديمقراطية للغاية، ومن لم ينتهز الفرصة لا يحق له التحدث ولوم "القيادة الفلسطينية" بعد ذلك. وهذا يقودنا بالضرورة للتساءل من هي القيادة الفلسطينية التي اقرت مثل هكذا مشروع قرار؟ تحدثت احدى وسائل الاعلام نقلا عن مصادر في القيادة الفلسطينية أن " الرئيس محمود عباس، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، لم يطلعوا أعضاء القيادة على نص صيغة القرار الذي قررت القيادة تقديمه لمجلس الامن". والذي يبدو ان هذا جاء مطابقا لما جاء في البيان الذي أصدرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (دنيا الوطن 21-12-2014) حيث " أبدت رفضها لمشروع القرار الذي تم عرضه شفويا خلال اجتماع القيادة الفلسطينية، يوم الخميس الماضي (أي بعد تقديم المشروع بيوم واحد) نظرا لتعارض محتوى مشروع القرار مع مفاصل رئيسة في البرنامج الوطني المتمثل في حق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة عام 1967 ". أولا نقول من المستغرب ان يعرض مشروع القرار بشكل شفهي دون ان يوزع على الأعضاء المجتمعين ( اللهم الا اذا كانت الة التصوير والطباعة في المقاطعة قد تعطلت لسبب او لآخر وبالتالي فان السبب قد يكون فنيا ) ونحن نتكلم هنا عن مفصل تاريخي ذات أهمية كبيرة وعن قرارات سيكون لها انعكاس على مجمل القضية الفلسطينية. اما ثانيا وهو الأهم ان ما جاء في بيان الجبهة الشعبية يؤكد على ان مشروع القرار قد صيغ خارج إطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وان سياسة الهينمة والاستئثار بالقرار الفلسطيني ما زالت متواجدة وحتى ونحن نمر بمرحلة دقيقة وخطرة. وبالتالي لنا كل الحق ان نتساءل هل اختزلت منظمة التحرير الفلسطينية بالسيد الرئيس محمود عباس وهل اختزلت اللجنة التنفيذية بالدكتور صائب عريقات؟ هل بات الملف الفلسطيني بأكمله حكرا عليهما دون اشراك أي طرف آخر؟ نريد ان نعلم ما الذي يجري؟ ما يحدث هو المحاولة الأخيرة ربما لإنهاء القضية الفلسطينية بأيدي فلسطينية وعربية حرفت بوصلة الصراع في منطقتنا، واللعب أصبح على المكشوف وفوق الطاولة كما يقولون. ومن هنا فان على كل فصيل وكل قيادي وكل عنصر وفرد من أبناء شعبنا ان يقف وبصلابة ليتحمل مسؤولية تاريخية امام الهجمة التصفوية للقضية التي تجري على قدم وساق للقضية والأرض والوطن. البيان الصادر عن الجبهة الشعبية تحدث عن " خطورة التفرد في صوغ مشروع القرار الذي يتعلق بمستقبل حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله، وفرضه كأمر واقع للتداول في الأوساط الدولية بعيدا عن نقاش وإقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فصائل العمل الوطني ...". والى جانب الجبهة الشعبية فقد دعت الجبهة الديمقراطية على لسان السيد تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الى سحب مشروع القرار الذي تقدم به الجانب الفلسطيني الى مجلس الامن درء للأخطار السياسية المترتبة على الاستمرار للتداول في ظل ضغوط سياسية يتعرض لها الجانب الفلسطيني لاستيعاب تعديلات إضافية تخفض من سقف الموقف السياسي الفلسطيني المنخفض أصلا في كل ما يتصل بالقدس الشرقية واللاجئين والاستيطان والحدود والموارد الطبيعية" ( بيلست 23 -12 -2014 ). والأخطر من هذا هو ان السيد تيسير خالد اكد " ان المشروع المذكور لم يبحث أصلا في أي من الهيئات القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الامر الي يجرده من أي غطاء سياسي وطني، فضلا عن كونه ينطوي على خفض سقف المواقف والمصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية في نصوص وروح مشروع القرار" وتحدث السيد تيسير أيضا عن ضرورة " التوقف عن سياسة الانفراد والتفرد في الشأن الوطني وإعادة الاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومهماتها وفي المقدمة اللجنة التنفيذية للمنظمة...". وهذا يؤكد مرة أخرى ان المنظمة ولجنتها التنفيذية لم تكن حاضرة أو مشاركة في صياغة هذا القرار، وان الاستفراد والاقصاء والتفرد في اخذ القرار الفلسطيني هو الحالة السائدة. الى كل هذا أضف ان حزب الشعب ممثلا بأمينه العام السيد بسام الصالحي ابدى تحفظه على القرار وخاصة بالنسبة لوضع مدينة القدس والاستيطان، واشارة بعض الصحف الى مشادة كلامية بينه وبين الرئيس أبو مازن بهذا الخصوص (القدس العربي 22-12-2014). أما القيادي الفتحاوي المناضل مروان البرغوثي الذي يقبع في سجون الاحتلال فلقد ذكر بان مشروع القرار المقدم لا يلبي الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني. وقبل تقديم القرار سمعنا بتصريحات نارية للعديد من قيادي فتح حول ما تنوي القيادة والسلطة فعله على أثر الإعدام الميداني للشهيد المناضل زياد أبو عين ولكن كل ذلك يبخر في الهواء (بيلست 17-12-2014). وهذا بالمجمل يعني ان الفئة التي تبنت القرار ودفعت به من وراء ظهر منظمة التحرير وللجنة التنفيذية ومن وراء شعبنا، انما هي فئة قليلة ولكنها للأسف متنفذة ولا تجد من يقف ويتصدى لها على المستوى الجماهيري. في النهاية نود ان نؤكد على ان هنالك أطرافا عربية ودولية تعمل وبشكل دؤوب على تصفية القضية الفلسطينية ضمن مناخ إقليمي موات وضمن واقع عربي رسمي منبطح وانهزامي ومتآمر على الهوية القومية العربية ومحور المقاومة ومشارك بشكل فعال في تدمير الجيوش العربية وتصفية القضية الفلسطينية. ولكن الأخطر من ذلك هو تصميم فئة فلسطينية للمضي في هذا المخطط عن وعي أو دون وعي. ومن هنا فان كافة الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير وخارجها لديها مسؤولية التصدي لهذا التوجه واسقاط هذا الدرب، وقطع الطريق على كل المحاولات الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية بإقامة دولة منقوصة السيادة، ومقطعة الاوصال وحرمان شعبنا في حقه في العودة وتقرير المصير.