2024-04-26 04:22 م

ذهب «الملك»..بانتظار الدور..!!

2015-01-24
بقلم: علي قاسم

لم يتمكن خبر وفاة ملك السعودية أن يطغى على كل ما حوله رغم الغبار المُثار، وما كان يُخطط له أن يُثار في وقت لاحق، واحتفظت الأوراق التي كانت معدّة للاشتعال بقابلية الاحتراق ذاته، ناهيك أن العوامل الإضافية التي خلّفتها وفاته في توقيت كان يُراد له أن يكون مفصلياً على أكثر من محور، قد رفعت من منسوب الانفجار المؤجل في داخلها.
ما هو مؤكد في نهاية المطاف أن المسألة لا تتعلق بأشخاص في الواجهة السياسية، بقدر ما ترتبط بسلوك وظيفي ودور منوط لا تشير المعطيات المتوفرة إلى إمكانية إحداث تعديل جوهري في مكوناته، ولا في تراتبية حضوره على المسرح التنفيذي لخدمة المصالح الغربية الذي يشغله منذ عقود خَلَت، ولم يتعدّل بأحداث مشابهة في الماضي، وليس في وارده الآن -والتموّجات في داخله أكبر من قدرته على المغامرة- أبعد من الانصياع للرغبة الأميركية.‏
وإذا كان من الثابت أنه خطف الأضواء - لبعض الوقت على الأقل - من أحداث تتسارع وتتواتر على جبهات إقليمية عدّة، فإنه في نهاية المطاف لا يشكل أكثر من إسدال ستار على حقبة تتبدّل فيها الأسماء دون أن تتعدّل المسارات أو الاتجاهات، وفي المقدمة ما يجري من تحضير مُسبق في عواصم إقليمية ودولية، بالتوازي مع ما جرى من أجل مواجهة الاستحقاقات القادمة التي تؤشر المعطيات إلى كثافة في حضورها، ومعظمها لا يقبل التأجيل ولا يحتمل التريّث أو التردّد.‏
ورغم التباين الظاهر في الارتباط الوثيق بين مختلف اللقاءات الإقليمية والدولية، سواء المتعلقة بمكافحة الإرهاب أم تلك المرتبطة باستحقاقات مفتوحة في المدى الإقليمي، فإنه من الصعب التعويل على تحوّلات دراماتيكية في المشهد، بحكم أن خيوط التحرك وارتفاع أو انخفاض منسوب المواقف يظل مربوطاً بالأصبع الأميركي، وما تجرّه وراءها من تفسيرات واستنتاجات وقراءات، وهي تتحرك غرباً وشرقاً.. شمالاً وجنوباً، بحثاً عن إعادة تموضع تفرض نفسها في سياق ما يجري من تطورات.‏
فإذا كان اجتماع القاهرة بين ما اصطلح على تسميته بالمعارضة السورية لا يستحق الكثير من التعليق، وفي عناوينه ما يُغني عن كل التكهنات والتمنيات التي رافقته، حاله في ذلك حال اجتماع لندن لدراسة مآل التحالف الأميركي ضد داعش، فإن الارتباط العضوي بين الكينونة الإقليمية المفترضة والأدوار المطروحة من البوابة المصرية لا تختلف عن الصيغة الأميركية المعمّمة على اجتماع لندن، ولن تختلف بعد ذهاب ملك وقدوم آخر، ما يجعل أي تباعد بين المسارين مجرد افتراض وهمي، ومن البديهي أن يكون التأثير مباشراً وحتمياً، ولا يختلف عمّا يتم تداوله سراً وعلناً من إضافات على دور هنا.. واختصار لأدوار هناك.‏
قد لا يكون التزامن بين اجتماعات القاهرة ولندن متعمّداً، ولا هو مرتبط بالتأكيد بوفاة الملك، لكنه يقود إلى الممر السياسي ذاته، حين يقدم مقاربات أقرب إلى التطابق في قراءة الأشياء بالمقلوب ومن الخلف، بدليل أن ما يتسرّب هنا وما قيل هناك يتقاطع في تفسيره للأحداث والتطورات عند الزاوية ذاتها.‏
الواضح.. أن السياق السياسي والدعائي يخرج من النسق ذاته، والمماحكات كبيرها وصغيرها يتمحور حول المعضلة نفسها الناتجة عن نفاق متواصل ومستمر، حيث ما يخرج إلى العلن ليس أكثر من ادّعاء أجوف لا يحمل في نهاية المطاف إلا المزيد من التسويف والتضليل والمراوغة، وما ينضح من الإناء الأميركي هو ذاته ما يفيض عن إناء الآخرين ويزيد عن الحاجة، لمعرفة ما يدور في كواليس تلك اللقاءات وحتى ما قبلها وبالتالي حسم ما سيأتي بعدها.‏
المداورة الأميركية قائمة على قدم وساق، والمزاوجة بين افتراضين واتجاهين جارية دون أي تعديل، فغياب اسم أو تعثّر دور لا يقرر مساراً بقدر ما يخلق اشتباكاً إضافياً بين الأدوار المتنافسة على قصب السبق في نيل الرضا الأميركي، سواء قبلت أدوات الخدمة الأميركية بالقادم الجديد إلى صفوفها أم اعترضت، وهذا ما برز في الخلاصات الأولية التي تلت وفاة ملك، وفي القراءات التي جاءت بعد تنصيب ملك، حيث الفارق لا يتعدى مسألة تعود على اللفظ الجديد، ولا يحتاج سوى لوقت وجيز حتى يندرج على اللائحة ذاتها.‏
وحدها مواعيد الغرب ولقاءاته المصنّعة إقليمياً التي كانت معدّة سلفاً قد تتعدّل هواجسها ومخاوفها لبعض الوقت، وبعضها قد يُرحّلها أو يؤجّلها، وربما تشاطرها في ذلك تمنيات المشيخات وأوهام المراهنين عليها، ووحدها دون سواها موسكو تحضر قاعاتها لمن يحضر وتضع الرتوش الأخيرة على طاولة تدرك أنها محرجة للآخرين في الغياب والحضور، فيما أدوار الاستئجار للأدوات في المحظية الأميركية على سكة انتظار ستطول دون جدوى، وفي سياق مشاغبة لا طائل منها ولا مُرتجى.‏
a.ka667@yahoo.com ‏‏‏
عن صحيفة "الثورة" السورية