وفي الأيام الأخيرة صعدت الجهات المنافسة لنتنياهو من نشر الفضائح والاتهامات التي تم الكشف عنها مؤخرا، وقام الاعلام بتضخيمها في اصرار واضح من جانب خصومه والاعلام العامل في خدمتهم، على اغتيال نتنياهو سياسيا، من خلال حملات الاتهام والتشويه.
أمام هذا الوضع لفرص الفوز كان لجوء نتنياهو الى ما من شأنه التغطية على ما هو فيه، وحماية نفسه، لمواصلة مسيرته الانتخابية ، فقادته الردود الى الاعلان عن المس بالحرم الابراهيمي، في مسيرة استفزازية يتصدرها، دون أن يدرك على ما يبدو خطورة ذلك، مع أن المراقبين والمحللين، حتى الاسرائيليون منهم، يرون أن نتنياهو مدرك تماما لتبعات ذلك على ساحة الصراع في المنطقة، لكنه، التنافس الانتخابي الذي يبيح للمنافسين استخدام كل الأدوات ، وحتى المحظورات، للامساك بفرص الفوز.
نتنياهو ، يكرر بذلك تجربة اريئيل شارون في العام 2000 عشية الانتخابات الاسرائيلية عندما اقتحم مع أنصاره وغلاة المستوطنين باحة الحرم القدسي الشريف في تحدٍ وصلف واضحين، فكان أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، لذلك، تتوقع دوائر عديدة أن تشتعل ساحة الصراع في انتفاضة ثالثة قد تكون أخطر من سابقاتها في حال أقدم نتنياهو على فعلته لكسب جولة التنافس مع خصومه في انتخابات السابع عشر من اذار القادم.
وخطورة ما قد يقدم عليه نتنياهو، دفعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى تحذير دول العالم من مغبة ما يخطط له رئيس الوزراء الاسرائيلي محملا اياه مسؤولية ما قد يترتب على ذلك من أعمال عنف واشتعال خطير.
انها الساحة الفلسطينية التي دوما تدفع ثمن الصراع الانتخابي في اسرائيل، ومن خلال هذا الثمن يحاول المتنافسون ستر عوراتهم، والتباري في قمع الفلسطينيين والمس بمقدساتهم، وسرقة أراضيهم، فترتفع الغارات العنصرية والتهديدات وتأكيد انكارهم وتنكرهم للحقوق الفلسطينية ، وهذا أسلوب متبع ليس من جانب اليمين فقط، وانما من جانب اليسار أيضا.
ما بين "زيارة" اريئيل شارون الى الحرم القدسي الشريف وزيارة بنيامين نتنياهو المرتقبة الى الحرم الابراهيمي الشريف، الظروف نفسها، والاهداف نفسها، والشعارات المرفوعة ذاتها.. والارتدادات والتبعات والنتائج هذه المرة ستكون أخطر، ما دام قادة اسرائيل بعناد يصرون على اشعال المنطقة وتفجيرها، في لعبة انتخابية، تدفع الساحة الفلسطينية دوما ثمنها، دماً وقهراً وقمعاً.