2024-05-04 01:27 م

مابين "القرار التاريخي" للقمة وطلب توظيفه في إنهاء الانقسام .. اقرأ على العرب السلام

2015-03-31
بقلم : الدكتور محمد بكر*
من ما سمي بقمة شرم الشيخ , تصاعدت ألسنة التبعية بزخم , وفاحت روائح الخنوع والخضوع والتسليم للإرادات الصهيو – أمريكية , وبات الارتهان لمشاريعها واستراتيجياتها في أعلى معدل له , إذ اختتمت القمة أعمالها ببيان ٍ صاغته الأقلام الأمريكية وخُطت أحرفه بالحبر الإسرائيلي الخالص, لجهة الأهداف غير المعلنة للطروحات , وما اتفق عليه من تشكيلات , ألبست زوراً الزي العربي , وقيل أنها لمواجهة التهديدات التي تطال الأمن القومي العربي , وعلى " سيرة " العربي أطل الأمين العام للجامعة العربية المدعو نبيل العربي الذي لا يحمل من اسمه أي نصيب ولا حتى رائحة, ليؤكد على صوابية قرار تشكيل قوة عربية مشتركة واضعاً إياه في سياق الرد العربي الجماعي لما يحاك من تهديدات ضد العرب , واصفاً ذلك بالقرار التاريخي , ولم يجد أي حرج في الإعلان عن الدعم الكامل لما سمي بعاصفة الحزم التي تقودها المملكة " العتيدة" لوقف مايسميه آل سعود وحلفائهم " بالتمدد الشيعي" , هذه العاصفة التي لم تذرو إلا الأطفال والنساء والمدنيين , اشتدت ريحها الهائجة لتحصد الأحياء السكنية , وحزمت إرهابها وإجرامها تنفيذاً للاستراتيجيات الأمريكية وتطبيقاً للتعليمات الصهيونية , فكيف تمكن لنا قراءة مايسميه العربي قراراً تاريخياً ؟ وماهو المراد من كل هذا الهرج والمرج ؟ وهل ثمة رابط بين الطرح العربي وأهداف أخرى غيرمعلنة ؟ إن ما أعلنه السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير وما كشف عنه من تنسيق بين المملكة العتيدة وواشنطن منذ أشهر لجهة توجيه ضربة عسكرية إلى اليمن يدلل بما لايدع للشك مطرح و يدحض كل الادعاءات التي ترد على لسان السعودية وحلفائها بأن قرار العملية العسكرية إنما هو قرار عربي لمواجهة ما يسموه تهديداً في اليمن , بل يأتي في سياق ما يمكن أن تصوغ الولايات المتحدة من خلاله ورقة رابحة للضغظ على إيران في المفاوضات النووية التي لاتزال فيها أمريكا تماطل وتراوغ في محاولة لكسب الوقت وإعطاء فرصة للسعودية التي أريد لها أمريكياً أن تكون في " بوز المدفع " والقائدة للتحالف المشكل ضد اليمن , أن تفرغ جام حقدها عله يؤتي أكله وثماره لجهة استسلام مبكر لأنصار الله وتالياً تلمس مفاعيل ذلك في المفاوضات النووية . انطلاقاً مما عده الرئيس المنتهية ولايته والمستقيل عبد ربه منصور هادي بأن عاصفة الحزم إنما هي التطبيق العملي الأول للقوة العربية المشتركة التي أقرت في قمة شرم الشيخ , وانطلاقاً من أن أنصار الله هم جزء من الشعب اليمني وطيف أساسي واسع في النسيج الوطني اليمني , ولأن التحالف السعودي كان بقرار وتنسيق مع الأمريكي باعتراف السعودية نفسها , فإن القوة العربية المشتركة التي عدها العربي " قراراً تاريخياً " إنما استولدت في المقام الأول والأخير من أجل تثبيت " الشرعية " التي تتماشى والرضا الأمريكي وتتماهى مع استراتيجيته وهيمنته , وهنا نتذكر كيف وصّفت واشنطن وعلى لسان جون كيري ما قام به عبد الفتاح السيسي عندما أصدر قراراً بعزل الرئيس محمد مرسي العياط المنظر الأول في مدرسة الشرعية , لجهة أن الجيش المصري يستعيد العملية الديمقراطية في مصر , وكيف سارعت السعودية والإمارات لتأييد قرار السيسي ووفرت فيما بعد الدعم المطلق له حتى وصوله لسدة الرئاسة , ولم تقم حينها المملكة " العتيدة " بتشكيل تحالف للدفاع عن " الشرعية " , ما يدلل على مستوى تغلغل اليد الأمريكية في مصادرتها للقرار العربي وفقاً لمصالحها وجديد استراتيجياتها المتبدلة حسب معطيات الواقع السياسي, وما يفرضه من مستجدات , وصحيح أن التحرك السعودي والإماراتي وقتها لجهة دعم السيسي كان بسبب الموقف من الإخوان المسلمين إلا أن ذلك لم يلغ الإرادة الأمريكية في حدوث ذلك , ولعل ما تقوم به السعودية اليوم , وتنفيذاً للطلب الأمريكي من الملك الجديد , لجهة إعادة النظر في الموقف من الإخوان ولعب دور الوساطة وتقريب وجهات النظر بين الجانبين المصري المناهض لحركة الإخوان والتركي الأب الروحي لها يمثل خير دليل على الهيمنة الأمريكية الكاملة على القرار الخليجي برمته . إن أخطر ما يمكن أن يُستغل أمريكياً فيما يتعلق بقرار تشكيل قوة عربية مشتركة يمكن تلمسه على ثلاث ساحات في محاولة أمريكية للضغط والنيل من خصومها السياسيين وتحت المظلة العربية نفسها, وبما يشرعن التوجه الأمريكي عربياً . الساحة الفلسطينية : فما دعا إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لجهة تفعيل دور تلك القوة على الساحة الفلسطينية وما أعلنه صراحة لجهة الطلب منها للتدخل لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني إنما يشكل تحولا ً خطيراً لن تصب نتائجه وتداعياته إلا في الصالح الإسرائيلي وهو سيشكل فيما لو حدث خدمة للكيان الصهيوني لجهة ضرب فصائل المقاومة والإجهاز على المشروع الوطني الفلسطيني , وتصفية حقيقية للقضية برمتها, وتالياً تفصيل الحلول وفق المقاس الإسرائيلي . الساحة السورية : وهو ما يمكن تلمسه من خلال التزامن " غير البريء " بين القرار العربي والقرار الأمريكي بإعادة هيكلة الحالة المسلحة في سورية تحت مسمى الاعتدال , ولأن المجتمعين في شرم الشيخ لم يحددوا ماهية واضحة للحل السياسي في سورية , ورفض " أميرهم " السعودي ماجاء في رسالة بوتين عادا ً أن سياسة موسكو التدخلية في سورية هي من يفاقم الأزمة فيها , إضافة لما عده الملك الجديد لجهة أن الدولة السورية هي المعرقل للحل السياسي بحسب تعبيره , انطلاقاً من جملة ذلك , يمكن القول بأن القوة المشتركة المزمع تشكيلها وربطاً مع ما يجري تحضيره وتدريبه من مجاميع مسلحة على الأراضي السعودية والتركية يأتي في سياق تأمين "إيلام " مزدوج عله يغير من ميزان الميدان السوري الذي باتت فيه الكفة راجحة ووازنة للدولة السورية , وتالياً فرض الحلول السياسية وفق التفصيل الأمريكي . الساحة الإيرانية : يأتي القرار العربي في سياق الضغط على المجاميع المسلحة لتوسيع جغرافيا انتشارها ليشمل الحدود الإيرانية , وتالياً فإن ما ستباشر به هذه القوة العربية المشتركة من أعمال وتدخلات على الأرض العربية والمشرعنة عربياً , وصولا ً للجغرافية الإيرانية , سيكمله تحالف واشنطن تحت مسمى " مكافحة الإرهاب " . لقد تموضعت المخرجات السياسية لقمة شرم شيخ بشكل واضح في الخانة الأمريكية , وشكلت انحداراً عربياً منقطع النظير , ونسفاً ممنهجاً للعمل العربي المشترك, وتعزيزاً للعمالة والانقسام وما بين ذلك وذاك , اقرأ على العرب السلام . 
* كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية.