2024-04-27 07:00 ص

مراجعة لـ«حماس»: مواجهة «داعش».. وانفتاح على السعودية

2015-05-08
عمّار نعمة
هل هي مراجعة سياسية في الخيارات الاستراتيجية تلك التي اجرتها حركة «حماس» في الفترة الأخيرة؟
سؤال ملحّ على ضوء نقاش تم داخل أروقة الحركة أدى بها الى اتخاذ سلسلة من الخيارات، لا تمسّ بالطبع جوهر وجودها، أي الصراع مع إسرائيل والتحالف مع الدول والتنظيمات «في سبيل تحرير فلسطين».
أهم ما أدى اليه هذا النقاش تمثل في القرار الذي اتخذته قيادة «حماس» بمواجهة المشروع السلفي التكفيري، و «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).
لم تعلن «حماس» موقفاً حاسماً من تلك الظاهرة لدى نشوئها. وبرغم انها اعتبرتها «ظاهرة مشبوهة»، الا انها لم تعلن العداء لها ولم تدخل في مواجهة مع خلاياها، حيث تتواجد «حماس».
الجديد في الامر، تمثل في قرار المواجهة مع «داعش»، والذي بدأ، للمفارقة، في سوريا، حيث تُتهم «حماس» بالمؤامرة على النظام في دمشق، وصولا الى معقل الحركة في غزة، حيث بدأت تتسم المواجهة بالتصعيد، وتنذر بصدامات في الفترة المقبلة.
في مخيم اليرموك، حيث اتخذت الحركة قرارها بالانفتاح وحتى بالتواصل مع دمشق في سبيل تحييد المخيم عن الصراع، كان من الواضح ان «حماس»، بقرارها هذا، انما هي تدخل في عصر جديد مع النظام السوري مؤداه: لسنا أعداء ومنفتحين على المساعدة في دحر التكفيريين. وعلى ضوء هذا الموقف، دخلت الحركة، ومعها حليفها في تنظيم «أكناف بيت المقدس» المؤلف من أعضاء سابقين في الحركة وقد بلغ عديده المئات اليوم، في معركة مع «داعش» أدت الى تراجع الأخير عن مكتسباته، الذي كان قد سيطر على اكثر من ثلاثة ارباع المخيم، حتى انه قد بلغ، حسب «حماس»، 90 في المئة من المخيم، ليحتفظ اليوم بنصف المخيم.
تحالفت «حماس» بذلك مع فصائل فلسطينية حليفة لدمشق، ودفعت ثمنا لذلك دماء قياديين وعناصر. وتقول الحركة إن «داعش» هو من فتح المعركة عليها في سبيل افشال عملية تحييد المخيم التي ستودي به الى خارجه كونه مرفوض من قبل الجميع. لكن المهم ان هذا ما حصل، وباتت «حماس» في مواجهة دموية مع «داعش» ومع تنظيم «جبهة النصرة» الذي يحاول البعض تلميع صورته عبر نفي تهمة التكفير عنه واعتباره احد فصائل المعارضة السورية.
أسقط واقع اليرموك نفسه على غزة، حيث يبدو ان «حماس» قد دخلت في معركة كسر عظم مع «داعش»، وهي شرعت، فور اعلان التنظيم عن نفسه، عبر بعض المؤيدين تحت عنوان «أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس» في تظاهرات وتجمعات، في عملية اعتقالات ومنع مسيرات لـ «داعش» وتهديم مراكز، في رسالة واضحة الى التنظيم الذي اعلن العداء للحركة وارتدادها وحتى تكفيرها، فهي باتت شبيهة بـ «إسرائيل وأميركا والروافض» بالنسبة اليه!
أدركت «حماس» الخطر المتصاعد من تلك الخلايا الحديثة النشأة في غزة، وقد أعلنت ان تطويق ارهاصات تلك الظاهرة يأتي قبل استفحال الامر وتحول تلك الخلايا «المنحرفة» الى تنظيم ثابت تصعب معه المواجهة في ظل أولئك «الخوارج» الذين لا تظهر معركة تحرير فلسطين على جدول اعمالهم، حسب الحركة.
على ان المراجعة التي أجرتها الحركة لا تقتصر على مواجهة التكفيريين، بل انها اتخذت قرارا بالغ الأهمية يتصل بعلاقاتها الإقليمية، يتعلق بالانفتاح على السعودية.
ومن المفيد التذكير بأن حركة «الاخوان المسلمين»، التي تعد «حماس» أحد أذرعها، قد اتخذت مواقف حادة وعدائية تجاه الرياض على خلفية دورها الهام في ما تسميه «الانقلاب» على الحكم «الشرعي» في مصر قبل نحو عامين.. مع العلم ان الحدث المصري جاء بعد عقود من علاقات اتسمت بالريبة بين السعودية و «الاخوان».
اتخذت «حماس» قرارها ذلك بالانفتاح على السعودية، وهي ترى ان دور الرياض حيوي في الصراع مع إسرائيل، ولا داعي لمعاداتها، في ظل حكمها الجديد. وقد جرى تواصل بين رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، اثر اتصال الأول بالثاني لتهنئته بتولي العرش، مما ترك اثرا إيجابيا لدى الحركة.
وتمظهر التغير في موقف الحركة من عدم ادانة العملية العسكرية السعودية في اليمن، برغم ان «حماس» لم تؤيدها، وجاء موقفها غامضا عبر دعم «الشرعية» في اليمن، أي بمعنى آخر، الوقوف بوجه موقف إيران و«حزب الله» في هذا البلد.
وبينما تشير الحركة الى ان موقفها هذا لم يعجب طهران والرياض على حد سواء، تقول إن علاقتها مع إيران ما زالت ضمن الثوابت، اذ ان البوصلة الوحيدة للمواجهة لـ «حماس» هي إسرائيل، وهدفها كان وما زال تحرير كامل فلسطين، وهي ستعلن حلفها مع كل من يخدم هذا الهدف.
على ان زيارة مشعل الى طهران باتت من الماضي، ولا إطلالة قريبة لرئيس المكتب السياسي على طهران التي تتحفظ على أدائه، خاصة حيال الاحداث السورية. لكن، في المقابل، ثمة زيارات على مستوى مقبول من قياديي الحركة الى طهران.
الا انه، في المقابل، لا جديد على العلاقة بين «حماس» والقيادة السورية. وتقول «حماس» ان معركتها ضد التكفيريين في اليرموك لم تساعدها على تلميع صورتها لدى دمشق التي تعتبر ان معارك اليرموك قد ظهّرت جناحا عسكريا لدى الحركة لم تعلن عنه «حماس» في السابق واستمرت بنكران وجوده برغم مواجهة السلطات السورية لها بأدلة عليه!
وعلى صعيد محور المقاومة، تبقى العلاقة مع «حزب الله» ثابتة لا تتزعزع، برغم تحفظ الحزب على مواقف اتخذتها الحركة منذ اندلاع الاحداث السورية العام 2011. لكن الحزب والحركة يشتركان في ان الأولوية على الدوام يجب ان تبقى للصراع مع إسرائيل، والحزب يركن مواقفه المنتقدة جانبا، المفتوحة على النقاش مع قياديي الحركة الذين يزورونه باستمرار في لبنان، بعيدا عن الإعلام، في سبيل أولوية الصراع مع إسرائيل.
عن صحيفة "السفير" اللبنانية