2024-04-26 06:30 ص

النازحون الفلسطينيون من سوريا إلى العراء أم إلى البحر؟

2015-07-08
مادونا سمعان
وكأن خيارات الحياة بدأت تضيق أمام هؤلاء الذين خبروا اللجوء ومن بعده النزوح. وكأن هناك من يستكتر عليهم سقف التنك، ويصرّ على إحالتهم إلى العراء. هم ليسوا حتى رقماً مسجلاً على ورقة، يستخدم لجذب رؤوس الأموال، فحياتهم صعبة إلى حدّ يعيق رصدهم في مكان وزمان. وكأن هناك من يريد إسقاطهم فرداً فرداً في برّية أو في عرض البحر.
هكذا لم يعد أمام الفلسطينيين النازحين من سوريا الا واحدا من خيارين: بؤس العراء أو خطر الموج. كيف ولا؟ و «الدول الكبرى» تغضّ الطرف عن تمويل حاجاتهم الملحّة، التي في أحسن الاحوال ما جذبت يوماً أكثر من ثلث التمويل الذي صرف على دورة أولمبية هنا، أو «مونديال» هناك. وهكذا لم تثمر تحركات «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لجذب التمويل اللازم من الدول المانحة، لاستمرار تقديم هبات الإيواء للنازحين الفلسطينيين من سوريا. فحتى كتابة هذه السطور كانت الوكالة ما تزال ماضية بوقفها. ما يعني أن العائلات النازحة لن تتقاضى المئة دولار التي كانت تصلها منتصف كل شهر، وأن شهر تموز سيأفُل من دون تلك الهبة.
لا تملك الوكالة أرقاماً دقيقة حول أعداد الفلسطينيين النازحين من سوريا، أي الذين سيطالهم هذا الإجحاف، لعدم وجود ممثلين دائمين عنها على الحدود اللبنانية. لكنّ السفارة الفلسطينية تقدّر عدد من بقي منهم بأربعين ألفاً. أي أن أربعين ألفاً سوف يخبرون ظلماً وقهراً أشدّ من الذي خبروه منذ اندلاع الحرب. فبدل الإيواء الذي كانوا يتقاضونه، جمع أكثر من عائلة تحت سقف صغير وحماها من شرّ العراء. وكان يُحوّل في كثير من الأحيان لشراء دواء او أي من المستلزمات الضرورية والطارئة في أيام اللجوء الصعبة. يدرك المسؤولون في «الأونروا» ذلك، وهم يتأسفـــون لأنه «حتى الساعة لا تبديل في القرار على الرغم من أن الوكالة تبذل أقصى الجهد لجـــذب المال اللازم»، يقولون. كذلك يتأسّف سفير فلسطين في لبنان أشرف دبّور من وصــــول الوضع إلى ما هـــو عليه اليوم. يعتبره ظلماً، لا ســيما أن الفلسطينيين ممـــنوعون من العمــل في لبنان، أي ممـــنوعون من كسب قوتهم.
يقول دبّور إن عدد الفلسطينيين النازحين من سوريا وصل إلى 97 ألفاً، لكنّه تراجع إلى 40 ألفاً بسبب عودة البعض إلى سوريا، ومخاطرة البعض الآخر في الإبحار إلى دول ثالثة. وهو يتشارك والمسؤولين اللبنانيين في اعتبارهم مسؤولية الوكالة، إذ قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس خلال لقائه وفداً من «حركة فتح»، إن «الدولة اللبنانية مسؤولة عن اللاجئين لديها، الا عن اللاجئين الفلسطينيين كونهم من مسؤولية الأونروا». ودان المتحاورون اللبنانيون ضمن «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني» قرار الوكالة، مطالبين إياها العمل للعودة عنه.
حتى الساعة لا أحد يعلم إن كانت الوكالة ستتمكن من استئناف تقديماتها للايواء منتصف آب، أم أن قرار التوقف سيمتد إلى أجل غير مسمى.
المعلوم، الآن، أن قصص البؤس والحرمان بدأت تتفاقم، وما الآتي إلا غيض من فيض..
عن صحيفة "السفير" اللبنانية