2024-04-26 02:24 م

الإعلام المفخخ وبوابة الأوطان

2015-07-30
بقلم: الدكتور يحيى محمد ركاج*
دخل الإعلام العالمي ومن خلفه دبلوماسيو السياسة الدولية حرب الترهات حول سلبيات وإيجابيات الليلة النووية الإيرانية ومحددات تحقيقها وأدوات هذا الإنجاز باعتباره الحدث الرئيس الذي سوف يصنع التقويم الجديد للعالم، في الوقت الذي يقوم فيه عصبة الدول المتحكمة الرئيس بالسياسة العالمية وبمصير البشر ممن هم أقل منهم تأثيراً وفاعلية في هذه السياسة بالتحضير لرسم خطوط لعبة جديدة للدم في باقي مناطق العالم دون الاكتراث لمن انتصر أو انكسر من الشعوب والأمم على رقعة الدم، حيث يتردد المنتصر في إعلان نصره أو رسم خطواته المقبلة خوفاً من انقلاب المعادلات الدولية، وينكفئ المهزوم على نفسه أو يطلق العنان للتهديد والوعيد المبطن من أجل صرف الأنظار عن ذل الهزيمة. ومن قلب هذه الأجواء الضبابية في منطقتنا العربية انبرى الحدث السوري ليعلن النصر الحاسم الذي حققته سورية بصمود شعبها وبسالة مقاتليها وحنكة قادتها بعدة أحداث هامة تركت من الانطباعات ما يجعل المتابع العربي لتطورات الأحداث في حيرة من أمره ما يدرك الأبعاد الاستراتيجية للأفعال والأحداث التي تحققت، وما لم يتم تسليط الضوء عليها إعلامياً. فاستضافة دمشق مؤتمراً إعلامياً دوليا لمواجهة الإرهاب التكفيري أكد عزيمة وإصرار دمشق المنتصرة على قيادة جبهة عالمية لمواجهة الإرهاب ضمن إدراكها بأن حربها لم تنتهي على أخرها وأن بشارات ودلالات النصر المتحقق تحتاج منها للمزيد من الجهود من أجل تقليل الخسائر القادمة، وقد أُتبع هذا المؤتمر بظهوراً واثقاً للرئيس السوري ليعلن حدود البوابة الوطنية لسورية ومحددات الحفاظ على انتصارها، ومشيراً في الوقت عينه إلى المخاطر التي قد تهدد الحفاظ على إيجابيات هذا الانتصار. لقد حمل خطاب الرئيس الأسد دلالات النصر المبين عبر رسائل واضحة المعالم وجهها في أحد جوانبها للمكون الداخلي في سورية بأطيافه الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، رسمت ملامح جديدة للمواطنة والانتماء وخطّت بالدم السوري عنوان الشرف والكرامة وضوابط السيادة. وفي جوانب أخرى رسائل لجميع المكونات والأطياف الخارجية من إرهابيين وداعمين وممولين ودول جوار وبعض السوريين المنخرطين في عباءة الإرهاب تشير إلى قوة سورية وقدرتها على مواصلة المسيرة في مواجهة العدوان عليها بالوتيرة السابقة نفسها. لقد حمل كلام الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد رسائل إعلامية لجميع شعوب العالم وحكامها بعد أن عجز عن إيصالها الإعلام السوري والشخصيات الدولية التي اجتمعت في دمشق تحت مظلة مؤتمر دولي لمواجهة الإرهاب التكفيري. فقد كان خطابه قنبلة إعلامية بالوتيرة نفسها التي حمل معها رسائل صريحة وقوية للداخل والخارج، معلناً التفوق الإعلامي السوري عبر شخصية القائد في مواجهة آلة الإعلام الغربية المتقدمة والمال الإعلامي القذر، ومرمماً نقاط ضعف الإعلام الوطني السوري وبعض الإعلام العربي الذي استمر في صنع الشخصيات الضعيفة وجعلها نجوماً درامية في عالم السياسة المتهالك، والذي استمر أيضاً في سياسة النفاق والدجل الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام العربية على شعوبها. لقد تحدثت إحدى الشخصيات الإعلامية العالمية بمقارنة بسيطة بين هو مداخلة لأحد الشخصيات التي حضرت المؤتمر الإعلامي في دمشق والتي طالبت باعتماد أسس ومنهج الإعلام السوري في التعامل مع الحرب التي تواجهها سورية كأسس تدريس الإعلام في العالم العربي، رغم عجز الإعلام السوري –دون أن نبخس التطور والتغيير الكبير الذي طرأ عليه خلال السنوات الأربع الماضية- عن إيصال صوته لشعوب العالم المتحضرة لاعتماده على وسائله الكلاسيكية التي لم يحسن أيضاً استثمارها بكفاية كبيرة، في حين كانت الشخصية الأولى في سورية جريئةً وصريحةً في تحيد نقاط ضعف الدولة ككل ومدى قدرة هذه الدولة على مواجهتها. لقد رسم خطاب الرئيس السوري بمجمله استراتيجية دولة واضحة المعالم والخطوات بلغة بسيطة شعبية ضمن قذيفة إعلامية عالمية، مستبقاً الأنفاس الأخيرة للإرهابيين وداعميهم في تحقيق نقاط قوة للتفاوض عليها مع سورية محور اللاقطبية في العالم الجديد، ومعلناً تكامل منظومة (قائد - شعب – قائد) في مواجهة أفخاخ إعلامية قد تتعرض لها البلاد في حربها القائمة نتيجة نفاق ورياء وجهل بعض الطفلاء على عالم البولوميديا. إنه خطاب زعيم الوطن لأبناء الوطن دون رياء أو تجميل يبدي ما لنا وما علينا وما يجب على الجميع أن يفعله دون الالتفات إلى الأخرين.
*باحث في السياسة والاقتصاد – سورية 

الملفات