2024-04-26 03:26 م

ترقب وإنتظار...هل تتحقق المعجزة السورية؟

2015-08-10
كتب: الدكتور خيام الزعبي
مبروك للشعب السوري إعتراف خصومه وأعدائه بأن دولتهم دولة محورية في الإقليم, ورقماً صعباً يفرض على الآخرين طبيعة الإهتمام بها ووضعها في حساباتهم السياسية كونها مفتاح السلام والإستقرار الإقليمي في المنطقة، اليوم سورية بدأت بالحصاد السياسي نتيجة صمود شعبها وبطولات جيشها في الحرب ضد الإرهاب ودعم الأصدقاء الذين ساهموا في تعزيز هذا الصمود، فالعالم بدأ يراجع مواقفه ويدرك أن الهجوم الإرهابي الذي تتعرض له سورية سينتقل إلى دول أخرى وبدأت تتبلور هذه الأمور مؤخرا في الهجمات التي حدثت في الكويت والسعودية ومصر والتفجيرات التي تحدث اليوم في تركيا والتي تبنت العمل الإرهابي كوسيلة لتحقيق أغراضها السياسية. أظهرت الآونة الأخيرة إرتفاع أسهم الحل السياسي، وبدأت المبادرات والتسريبات، وثمة إحساس بأن القوى المتآمرة على سورية وداعميها، قد أنهكت وإنها باتت أكثر إستعداداً للذهاب لخيار التسويات، بعد أن أنهكت الحرب قواها وأثقلت كاهلها، وبدا لها أن الحسم العسكري غير ممكن، وأن إستمرار الحال على حاله، لن يفيد إلا القوى المتطرفة، ومن هذا المنطلق يرى الكثير أن الأزمة السورية رغم التعقيدات الحاصلة في المشهد السياسي بأنها ذاهبة باتجاه الحل السياسي. في الأمس القريب شهدت الساحة الإقليمية تحولاً أساسياً وهو الإتفاق حول الملف النووي الإيراني، الذي سيخدم الإقليم والعالم برمته لأنه يمثل توجهاً نحو الحوار والحلول السلمية والتعامل مع الدول بعيداً عن العقوبات ويعبر عن قدرة إيران على الدخول في حوار مع الغرب والحصول على نتائج مهمة لها وللإقليم، وبالتالي إنعكاسه ايجابياً على دول المنطقة وخاصة سورية. في سياق متصل بدأ الموقف الغربي والعربي المعادي لنظام الأسد يتراجع خطوات للخلف، فيما يؤشر إلى وجود علاقات خلف الستار قد تظهر إلى السطح فى الأيام المقبلة، إلا أن ظهور الإرهاب، دفع عدد من هذه الدول باتجاه تشجيع التسوية في سورية حتى تتمكّن مجتمعة من مواجهة هذا الخطر العابر لكل الحدود والذي يطال المنطقة بأكملها، والى مراجعة حساباتها تجاه مقاطعتها للنظام السوري، هذا مما عجل التقارب السوري والعديد من الدول الغربية والأوروبية والعربية، فدخول تركيا رسميا التحالف الدولي ضد داعش نقطة تحول كبرى جاء خوفاً من القضية الكردية وإمتدادها إلى الداخل التركي الأمر الذي تراه تركيا أنه من الضروري إيجاد حل جذري وسريع للأزمة السورية، بالمقابل هناك بوادر تقارب سوري- خليجي حيال تطورات الأوضاع في سورية، فالرياض التي إنتهجت خطاً متشدداً يقوم على ضرورة الإطاحة بنظام الأسد كمدخل ضروري لحل الأزمة المعقدة باتت تتكلم اليوم بلهجة مختلفة، وفي آخر التسريبات، زيارة ثانية لوفد أمني سوري للسعودية، تتزامن مع زيارة مهمة للوزير وليد المعلم لمسقط، وما حدث بعيداً عن التصريحات الإعلامية خلال هذه الزيارة يشير تماما إلى أن آل سعود، ومن خلفهم الخليجيين يذهبون نحو تسوية سياسية في سورية تستند إلى مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إنشاء تحالف ضد الإرهاب، تكون فيه السعودية واحدة من الأقطاب المشاركة، كما إن توجيه أمر من المخابرات السعودية إلى زهران علوش متزعم جيش الإسلام، بضرورة المهادنة مع الدولة السورية خلال المرحلة القادمة، خير دليل على إن السعوديين بدؤوا بتبديل جلودهم فيما يخص الأزمة السورية، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يلتقي المعلم بنظيره السعودي عادل الجبير في الرياض؟ ربما، كل شيء أصبح وارداً بعد أن تحققت المعجزة. إيران وبعد صفقة النووي مع الغرب، أصبحت على قناعة بأن قطار التسويات يقترب من كل المحطات، ولا بد أن تكون طهران حاضرة في المحطة السورية، إذ ألقت مبادرة معدلة على الطاولة تتألف من أربع بنود لحل الأزمة في محاولة لوضع حد للحرب في سورية، إن ما سيساعد هذه المبادرة أن هناك تحولاً إستراتيجياً في نظرة اللاعبين الإقليميين حيال سورية، كما أن إعلان هذه المبادرة التي تأتي في زمن الحروب الإقليمية المتفرقة ضد تنظيمات إرهابية، تعبر عن شعور دول المنطقة بخطر داعش والمجموعات المسلحة الأخرى، وبالتزامن مع المبادرة الإيرانية برزت مبادرة روسية تحمل المضمون نفسه، وتدعو إلى تشكيل حلف إقليمي يجمع دول الخليج وتركيا مع نظام الرئيس الأسد، في مواجهة المجموعات المتشددة بذلك يكون مضمون المبادرتين الإيرانية والروسية هو الحرب على الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، لذلك فإن الإدارة الأميركية ولأول مرة تبدي قدرا من التفاؤل بحل سياسي في سورية، ومن البوابة الروسية، و الرئيس باراك أوباما قال صراحة إن الإتصالات الروسية الإيرانية حول سورية بارقة أمل لحلحلة الأزمة. وإنطلاقاً من ذلك تبدو جميع الأطراف الإقليمية والدولية المشاركة، بدرجة أو بأخرى، في الصراع حول سورية، موافقة حالياً على مبدأ الحل السياسي كحل لا بديل عنه للأزمة، ولكن هذا كما نعلم، لا يقلّل من سخونة المعارك الدائرة على الأرض السورية، ونلاحظ، على العكس من ذلك، أن هذه المعارك تزداد حدّتها وضراوتها، ربما تمهيداً للحظة الحسم في المفاوضات والمقاربات المتعدّدة حول سورية. مجملاً... في الملف السوري، الوضع معقد، لكن قطار التسوية إنطلق بالفعل في مواجهة خطر الإرهاب المحدق بدول المنطقة وهذا يشكل نقطة البداية في مسار طويل، بات من الواضح أن البيت الأبيض وحلفاؤه إرتكب حماقة كبيرة، وأوقع نفسه في دوّامة لن تنتهي بسهولة، فالرئيس الأمريكي هو من بدأ الحرب على سورية بيده، لكن لا يمكن أن ينهيها بيده، فلم يعد يبحث عن صورة إنتصار في الحرب على سورية، وإنما عن صورة خروج، أو صورة إنهاء تسمح له أن يدعي أمام الجمهور الأمريكي بأنه إنتصر، ومن هنا بقي علينا أن نترقب إعلان الإنتصار الكامل للشعب السوري في مراحل لم تعد ببعيدة، وبعد هذه السنوات تستحقّ دمشق تحية احترام وتقدير وهي تخوض المعركة عن كلّ الأمة العربية والذي ستنعكس آثارها بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وربما على الحالة الدولية بأكملها، وباختصار شديد إن الجميع أمام فرصة حقيقية للسلام والحل بين الأطراف المتنازعة من خلال تبني هذه المبادرات التي قد تكون بارقة ضوء وأمل في نهاية النفق الذي نأمل أن ينتهي بأسرع وقت ممكن .. لكننا نتساءل: هل ستستجيب الدول لهذه المبادرات وتمضي قدما بشكل إيجابي ومثمر فتتحقق المعجزة؟ لكن الترقب سيد الموقف. khaym1979@yahoo.com