2024-04-26 10:51 م

رسائل ومغزى زيارة بوتين لطهران

2015-11-13
كتب الدكتور خيام الزعبي*
*كاتب سياسي هل يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الإيراني حسن روحاني في طهران؟ تساؤل أصبح هاجساً لدى الكثير من صُناع السياسة في ظل دعوة وجهت إلى بوتين للمشاركة بإجتماع منظمة الدول المصدرة للغاز "GECF" الذى سينعقد في 23 نوفمبر فى طهران وسط كل الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، هذا الإجتماع يحتل أهمية كبيرة ليس على مستوى العلاقات الثنائية، بل من أهمية دولة مثل إيران ومكانتها الكبيرة والمؤثرة فى الإقليم، وروسيا التى تعد أهم أحد أقطاب القوى السياسية على مستوى العالم. لا شك أن زيارة الرئيس بوتين لطهران تمثل التحدي الأكبر للأنظمة المعادية لسورية وضربة سياسية روسية كبيرة تعكس جدية المواقف الروسية تجاه سورية، ورسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن موسكو وإيران ثابتتان في مواقفهما بالنسبة لدمشق، وأن الخلاف الظاهري بين إيران وروسيا في الأساس غير موجود، وليس هناك تباين في الموقف الإستراتيجي الروسي أو الإيراني حيال الأزمة السورية، خاصة وأن التدخل العسكري الروسي أصبح مباشرا في سورية لدعم الجيش السوري والحفاظ على مؤسسات الدولة، كما أن روسيا بحاجة لتواجد عسكري على الأرض وهو ما يتوفر عبر إيران وحزب الله بجانب الجيش السوري، لذلك يمكن القول إن زيارة الرئيس بوتين إلى طهران تؤكد أن هناك تفاهمات تصل إلى حد التطابق بين روسيا وإيران وأن روسيا مع طهران في خندق واحد. في سياق متصل إن توقيت زيارة بوتين لطهران مهم جدا فى ظل هذه الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بالإنتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين روسيا وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات، ولا يمكن أن يعكر صفوها إزدياد حجم التحديات، في وقت تأمل روسيا في تعزيز علاقاتها التجارية مع طهران بعدما لعبت دوراً حاسماً في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني الذي وقع في يوليو الماضي. في هذا الإطار عكست مواقف البلدين من الأزمة السورية مدى تقارب الرؤى والسياسات بينهما حول قضايا المنطقة، إذ ترى كل من موسكو وطهران أن واشنطن تسعى إلى إحكام قبضتها على المنطقة، وقيادتها، كما تريان أن التدخل الأمريكي في سورية قد يكون مقدمة لتفتيتها  وتقسيمها، الأمر الذي يخرج سورية كما خرج العراق من المعادلة الإقليمية، بعد أن كانت فاعلا مؤثراً في المنطقة، لذلك رفضت الدولتان بشكل قاطع أي تدخل خارجي في الأزمة السورية، واستخدمت موسكو الفيتو داخل مجلس الأمن للحيلولة دون ذلك، وأكدت حتمية الحل السلمي وجلوس كل الأطراف المعنية على طاولة المفاوضات وأكدت على أهمية مشاركة إيران، في مؤتمر جنيف الدولي حول سورية كونها فاعل مؤثر بين مختلف أطراف الأزمة في سورية. في ظل التغيرات الميدانية التي تجري فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، فإن السوريين باتوا اليوم على مقربة من إعلان نصر استراتيجي لا سيما بعد تحرير مطار كويرس والقرى المحيطة به، هذا الانتصار سيكون نكسة للقوى المتطرفة وللسياسة الأمريكية في المنطقة، فواشنطن التي لم تتأخر يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها اليوم أمام واقع مُغاير رسخه الدور الروسي الإيراني في سورية والمنطقة بأكملها، فالتدخل العسكري الروسي في سورية بالتنسيق مع ايران، قلب المعادلة في سورية، و استطاع الجيش السوري استعادة واسترداد المناطق القابعة تحت سيطرة داعش والقوى المتطرفة الأخرى، بالإضافة الى دفع أمريكا إلى السعي للتوصل لحل سلمي للأزمة لأنهم أدركوا بعدم قدرة حلفاؤهم من المسلحين داخل سورية على حسم المعركة لصالحهم بسبب الدعم العسكري الروسي الإيراني لدمشق. مجملاً...إن التحرك الروسي والإيراني لحل الأزمة في سورية هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية، وانطلاقا من ذلك فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح الروسي لحل الملف السوري يدعمه التوافق الإيراني والدول الصديقة المختلفة.