2024-04-27 01:12 ص

توتر القرن وخيار الضرورة بين الرياض وطهران

2016-01-09
بقلم: المحامي محمد احمد الروسان*
الفكفكة للمنطقة واعادة التركيب والأمركة نكايةً بالروسي والصيني والأيراني، هو ما يميز سمة الصراع في المنطقة بمعناه العامودي والعرضي، لذا نجد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مدى وعمق، خطوط علاقاتها العرضية والرأسية، مع حلفائها(المستهدفون لاحقاً من قبلها عبر شطبهم واعادة تشكيل ورسم الدور الوظيفي الجديد لهم مجتمعين، في صراعها مع الروسي والصيني)في المنطقة الشرق الأوسطية الملتهبة والمضطربة بفعل الأرهاب المنتج والمصنّع والمدخل الى الداخل السوري واللبناني والعراقي، وملاذاته الآمنة وحواضنه في جلّ دول الجوار السوري والمنطقة ككل، وما يحاك للأردن، كنسق سياسي وجغرافيا وديمغرافيا من سيناريوهات جديدة تقترب من الواقع، ويعمل الآخر على طمأنتنا وتهدئة روعنا، والمصيبة الكبرى أنّنا نصدّق قوله ورؤيته، وبفعل نفوذ وضغوط جماعات المحافظين الجدد والأيباك، في مفاصل صناعة القرارات السياسية والدبلوماسية العدوانية التدخلية والمخابراتية والعسكرية، داخل مؤسسات الدولة الولاياتية الاتحادية الأمريكية. تسعى من أجل اعتماد مذهبية أجندة سياسية خارجية أمريكية شرق أوسطية، تدخليه عدوانية تصعيديه، لجهة توظيف فرصة الأحداث الأرهابية ومحاربتها، عبر تحالف الخراب الدولي، بجانب الاحتجاجات الأخرى الجارية في معظم ساحات المنطقة، من أجل بناء مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي أفشلته المقاومة الإسلامية في لبنان في حرب تموز 2006 م والمقاومة العراقية، وصمود الدولة الوطنية السورية ونسقها السياسي والجيش العربي السوري، ومجتمع المقاومة في غزّة المحتلة وباقي الوطن الفلسطيني المحتل، شرق أوسط جديد سوف يحقق استقرار وسلام وأمن في المنطقة من زاويتها ووجهة نظرها، لأنّه سوف يترتب على هذا الشرق الأوسطي الجديد، إعادة ترتيب جغرافياته وما عليها من ديموغرافيات سكّانية، وفقاً لمواصفات جيوسياسية تقسيميه مستحدثة جديدة، وإدماج " إسرائيل" في بيئة المنطقة وضمان أمن المصالح الأمريكية، لأنّ قوى الشر من زاوية محور واشنطن – تل أبيب ومن ارتبط به، والمتمثلة(أي قوى الشر)في سورية، وحزب الله، وحماس الداخل الجناح العسكري، والجهاد الإسلامي، والمقاومات الشعبوية الأخرى، وفي الدولة الإيرانية، وكوريا الشمالية، سوف تذهب وتبقى قوى الخير. اسم مايكل ليدن لا يخفى علينا وعلى المختصين والمتابعين للشؤون الأستخباراتية الدولية، فهو مختص بالشأن الأيراني لدى إدارة أوباما وما زال في الخدمة، وتحديداً في مجلس الأمن القومي الأميركي، وهو الخبير في كيفية تحريك وتحفيز الفتن، والصراعات العرقية والمذهبية، داخل النسيج الاجتماعي الأيراني، وارتباطاته بالمجتمعات العربية في الساحات الخليجية وبعض المجتمعات العربية والأسلامية الأخرى، وهو خبير في تشويه المقاومات، ويساعده سرّاً الأمين العام المساعد للشؤون السياسية الحالي لبان كي مون السيد جيفري فيلتمان، والأخير صديق حميم لمجتمع الاستخبارات السعودي. ومايكل هذا هوّ مهندس وواضع مخططات العمليات الإرهابية السابقة في بعض الساحات بجانب الداخل الأيراني، ويعد لشيء جديد هذا المايكل ليدن في الداخل الأيراني لخلط الأوراق وبعد اعمال حد الحرابة برجل الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر، ومايكل ليدن هذا كان يعمل في السابق في دائرة إيران، في معهد واشنطن للشرق الأدنى وقت رئاسة بوش الأبن، حيث شبكات المخابرات الإسرائيلية والأميركية، تشرف على عمل هذا المعهد في العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، وهو أيضاً ضابط التوجيه السياسي والأمني المخابراتي، لقوّات الوحدات الخاصة في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، حيث تعمل الأخيرة ومنذ سنوات خلت على تدريب مجموعات إرهابية، سواءً لجهة امتداد الحدود الباكستانية الأيرانية، وإرسالها للداخل الأيراني، وان لجهة امتداد الحدود العراقية الأيرانية، وإرسالها إلى المدن الكردية السنيّة الأيرانية في مناطق شمال غرب إيران، والى القرى العربية الشيعية الأيرانية، جنوب غرب إيران بالتنسيق مع مجتمع الأستخبارات السعودي وتوظيفات الفكر الوهابي المتطرف، والذي يعتبر أنّ حربه مع ايران حرب سنّه وشيعه، كل ذلك بجانب أهداف أخرى يطول شرحها هنا، تهدف فيما تهدف اليه بعرقلة تطبيق الأتفاق النووي مع ايران أو جعله صعباً للغاية عبر تأزيم العلاقات السعودية الأيرانية، ودفع الرياض الى فخ آخر بعد فخ اليمن ليستنزفها ماديّاً بشكل متسارع، وينشّط مبيعات المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي لكافة الأطراف المتصارعة، ليصار الى تقسيمها من جديد واعادة تشكيلها بما يتلائم مع استراتيجيات الأستدارات للبلدربيرغ الأمريكي جنيين الحكومة الدولية، خاصةً اذا عاد الفيل الجمهوري الى الحكم بدلاً من الحمار الديمقراطي، كما تهدف الى تقويض استقرار إيران الداخلي، وإضعاف الجبهة الداخلية، وبالتالي إضعاف الدولة المركزية وإرباكها. من ناحية أخرى، تقوم شبكات المخابرات الإسرائيلية مجتمع المخابرات الصهيوني(وحدة آمان، الموساد برئاسة يوسي كوهين ذو العلاقات العميقة مع بعض المشيخات العربية والتي لا ترتبط بمعاهدات سلام مع ثكنة المرتزقة "اسرائيل"، الشاباك، مخابرات وزارة الخارجية، والوحدات الفرعية الأخرى)، إلى تقديم الدعم المطلوب واللازم منها إلى جماعة جند الله الأيرانية مثلاً، وحزب بيجاك الكردي، ومجاهدي خلق، وأخريات العمل جاري على خلقها كأدوات في الداخل الأيراني، حيث كانت في البداية عبر غطاء المخابرات الأميركية، ثم سعت وبشكل مستقل إلى بناء المزيد من الروابط، وعرى التعاون والتنسيق الأمني الحثيث المباشر، مع زعيم التنظيم الذي أعدم من سنوات، والآن تقول المعلومات الأستخبارية ذات المصداقية، أنّ مجتمع المخابرات الإسرائيلية وعبر جهاز الموساد بمساعدة جهاز استخبارات دولة اقليمية على خصومة شديدة مع ايران، يعمل على تعزيز الروابط السابقة وبناء الجديد المباشر منها، مع مجاميع بشرية من عائلة ريفي الأيرانية وغيرها، من أجل إعادة بناء التنظيم وفق أسس عمليات مخابراتية متطورة، مع تعميق و"حدثنة" في عقيدة بنائه وعمله، مع دعم وتفعيل وحدة الاستطلاعات المخابراتية، التي تم إنشاؤها داخل هياكل هذا التنظيم السلفي المتشدد، لجعله يعمل وفق أجندات محور واشنطن – تل أبيب في المنطقة، وخاصةً لجهة الداخل الأيراني المتماسك حتّى اللحظة، مع استنساخات أخرى من جماعة جند الله الأيرانية، للعمل في الداخل السوري والداخل اللبناني. ومن أهداف دعم منظمة جند الله أيضاً، بجانب تقويض استقرار إيران الداخلي، واستيلاد نسخ منها لتعمل في الداخل السوري والداخل اللبناني لتأجيج الفتن والصراعات السنيّه الشيعيه، وفي بعض ساحات دول أسيا الوسطى والتي صارت في عمل وفكر مراكز الثنك تانك الأمريكية والغربية أسيا الكبرى، هناك هدف آخر يتموضع بضرب حركة التجارة الأيرانية مع الباكستان، عبر بحر العرب، ومن أجل أن تكون هذه المنظمة الإرهابية بمثابة، قاعدة عسكرية مخابراتية متقدمة، ذات أدوات شعبوية عميقة، لأي قوى عسكرية خارجية، في حال استهداف إيران الدولة الإسلامية الجارة، بسبب تداعيات برنامجها النووي والذي هو بمرحلة التطبيق، والتي ستعاني من صعوبات جمّة بسبب حادثة اعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، ان قادت الأخيرة الى مزيد من التأزيم السياسي والذي قد يفضي الى عمل عسكري محدود لا قدّر الله، باستهداف مستمر لأيران ودورها الاستراتيجي، ومجالها الحيوي، وصراعها مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، على أسيا الوسطى – القوقاز الجنوبي. ثمة معلومات ومعطيات وقرائن سعودية في مسارات ومعطيات ضعف دولية، دفعت الرياض الى اعمال حد الحرابة بالشيخ النمر بعد توشيح الأمر القضائي بارادة الملك. ففي الوقت الذي تعيد واشنطن اعادة انتشار تواجدها العسكري بالمنطقة والذي قد يصل الى مرحلة شبه مغادرة للمنطقة، نتج عن ذلك فراغ سياسي واستراتيجي عميق، يحاول الروس ومن ورائهم الصينيين ملئه، فهي أي الرياض لم تحصد من الناحية العملية على أي ثمار سياسية ان في سورية وان في اليمن وان في لبنان وان في العراق وان في فلسطين المحتلة في رعاية المقدسات عبر العباءة التركية(التقارب التركي السعودي قد يتموضع هنا في هذه النقطة)، كما لم تنجح الرياض في بتر أي من الأصابع أو الآيادي الأيرانية كما تراها هي، وأيضاً ان في ليبيا والتي ستكون نقطة انطلاق عسكري عميق للولايات المتحدة الأمريكية في صراعها مع الروس والصينيين، عبر ما أعلنه مؤخراً البنتاغون على لسان رودريغاز عن أدوار عسكرية لأفريكوم انطلاقاً من ليبيا لمدة خمس سنوات قادمة، بحجة محاربة داعش والأرهاب الذي صنعته في شمال أفريقيا، وفي مالي عبر التعاون مع الفرنسيين والبريطانيين والأيطاليين، ليجعلوا من مصر سورية ثانية، ومن أجل استهداف الجزائر ومحاصرتها بالدرجة الأولى لضرب خطوط العلاقات الجزائرية الروسية، والجزائرية الصينية، والجزائرية الأيرانية، حيث تتحدث المعلومات، أنّ العمل يجري على تغير للمشهد في الجزائر واعادته الى سيرته الأولى مطلع تسعينيات القرن الماضي، ليكون مشابهاً لما يجري في المشاهد السورية والليبية والعراقية واليمنية، ولكن ما يطمئن النفس أنّ وعي الشعب الجزائري وقيادته وتساوق وتماهي هذا الوعي، مع عمل دؤوب ومستمر لمجتمع المخابرات الجزائرية وتنسيقاته مع الحلفاء والأصدقاء، وخاصة مع الروس والصينيين والأيرانيين، سيحبط مخططات محور واشنطن تل أبيب، ومن ارتبط به من بعض العرب والغرب. تقديرات المخابرات الجزائرية، وحول النظام الليبي الجديد كانت في مكانها، رغم تفوق نسبي لليبراليين الليبيين الجدد على الإسلاميين، لكنه تفوق نسبي غير حقيقي، مع سيطرة عناصر أسلامية مسلّحة، على كل فعاليات العمل العسكري، وهذا من شأنه أن يدعم، جهود العناصر الإسلامية المسلّحة في طرابلس، كما تذهب المعلومات، أنّ هناك جهود تبذل من المخابرات الأمريكية، والبريطانية، والفرنسية، وبالتنسيق مع عناصر ليبية جهادية مسلّحة، سلفية وهّابية من القاعدة وغيرها، لنقل فعاليات الصراع، إلى جل المسرح الجزائري، خاصةً مع وجود العناصر الإسلامية الجزائرية، كبيرة العدد والعدّة، قاتلت إلى جانب المعارضة الليبية المسلّحة ضد النظام السابق، فهي تريد مواصلة القتال والجهاد، في الجزائر، بدفع من السي أي إيه، والأم أي سكس، والمخابرات الفرنسية. وفي ظل ما أعلنه البنتاغون الأمريكي عبر قيادة قوّات أفريكوم، حيث يجيء هذا الكشف الأمريكي في ظل التوترات والأحتقانات الأيرانية السعودية على طول خطوط ومفاعيل وتفاعلات العلاقات الثنائية والأقليمية، عن خطة خمسية لمحاربة داعش والأرهاب في شمال أفريقيا، ومع توالي الهجمات الإرهابية التي يتبناها تنظيم داعش في ليبيا ومالي، وبوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب المسلم في الصومال، بات التساؤل عن خلفيات هذه الهجمات وإمكانية وقوف جهات بعينها وراء هذه الأحداث من قبيل الهوس بنظرية المؤامرة، ونتساءل هنا تحديداً حول خلفيات الهجمات على فندق(راديسون بلو)بقلب العاصمة المالية باماكو، خصوصا وأن ثلث الضحايا هم صينيون وروس ولهم مواقع حساسة داخل مؤسسات عملاقة وهنا العقدة في محاولة الفهم هذه. وبحسب المعلومات، فإن عدد القتلى من الصينيين بلغ ستة أشخاص، من بينهم ثلاثة ينتمون لشركة "شاينارايل واي"، بالإضافة إلى القتلى الروس الذي يشتغلون في الشركة الروسية "Volga-Dnepr"، وهي شركة عملاقة متخصصة في النقل الجوي للمعدات الضخمة وحتى الأسلحة، وفي الواقع كما أحسب، أن الهجوم يأتي في سياق التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين، وهو ما يفتح الباب أمام تفسير الهجوم بكونه خطة مدروسة الملامح ورسالة واضحة المعالم لكل من روسيا والصين ازاء مالي وازاء الجزائر أيضاً، وتضيف المعلومات، أنّ المسؤولين الصينيين الذين قتلوا هم المدير العام لشركة(شاينارايل واي)والمدير المساعد له والمدير المسؤول عن غرب إفريقيا، وهؤلاء يعتبرون صلة الوصل بين الحكومة المالية والصينية في ما يتعلق بمشاريع البنيات التحتية، خصوصا مشروع تجهيز السكة الحديدية في مالي. في عام 2014 م قام الرئيس المالي بزيارة إلى الصين للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، وعلى هامش هذا اللقاء وقَّع على العديد من الصفقات الضخمة مع الحكومة الصينية، أهمها مشروع تشييد السكة الحديدية بين باماكو والعاصمة الغينية بقيمة 8 مليارات دولار، وهو المشروع الذي تراهن عليه مالي حتى تتمكن من تصدير ثرواتها الطبيعية عبر ميناء غينيا، بالإضافة إلى مشروع آخر لتشييد سكة حديدية بين باماكو والعاصمة السنغالية داكار، تبلغ قيمة صفقته حوالي 1.5 مليار درهم. بالإضافة إلى هذين المشروعين البالغة قيمتهما حوالي 10 مليارات دولار، هناك مشاريع أخرى تشرف عليها الشركة الصينية نفسها تهم تشييد الطرق في شمال البلاد، وتشييد قنطرة في العاصمة باماكو، ليصل حجم الاستثمارات الصينية في مالي إلى 12 مليار دولار، الأمر الذي جعل من الصين المستثمر الأكثر هيمنة في مالي، وهو أمر لا يمكن أن ترضى عنه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وأعتقد أن قتل المسؤولين الصينيين لا يمكن أن يكون بريئا خصوصاً، وأنه يمكن اعتبارهم أهم ثلاثة أشخاص كانوا متواجدين في مالي خلال تلك الفترة. وفي ما يتعلق بالقتلى الروس، البالغ عددهم ستة، فهم أيضا أطراف في الشركة الروسية "Volga-Dnepr"، التي تعتبر رائدة عالميا في مجال النقل الجوي للشحنات الكبيرة، حيت تقوم بنقل أجزاء الطائرات ومعدات البناء الكبيرة وحتى المروحيات، وكانت الشركة الروسية هي المكلفة بنقل معدات الشركة الصينية التي ستحتاجها في مشاريعها بمالي، وكانت بين الشركة الصينية والروسية شراكة على هذا الأساس، وهو ما يحمل أكثر من دلالة على أن العملية كانت من أجل ضرب الاستثمارات الروسية والصينية في البلد، تمهيداً لضرب الروسية نحدياً في الجزائر وكذلك الصينية. وتتحدث المعلومات أنّه ثمة شراكات تجمع بين الصين ومالي مؤخراً، من بينها أن الصين قدمت دعما لمالي قيمته 30 مليون دولار، وقرضا بدون فوائد قيمته 13 مليون دولار، بالإضافة إلى منحة لفائدة 6000 طالب مالي للتعلم في الصين خلال الفترة ما بين 2015 و2017، كما أعلنت الصين عن افتتاح مركز للتكوين في مجال الهندسة لفائدة الطلبة الماليين، إضافة إلى الصفقة التي حصلت عليها الصين لتشييد 24 ألف سكن اقتصادي بمالي. أمّا بالنسبة لروسيّا، فقد وقَّعت خلال العامين الماضيين على صفقات أسلحة مع الحكومة المالية بأكثر من مليار ونصف من الدولارات الأمريكية، وعليه عبر الهجوم الذي تم على فندق راديسون بلو ونتائج الهجوم، فانّ الأمر الأكيد أن روسيا والصين قد توصلتا الى النتيجة والرسالة الأمريكية والفرنسية، ليبقى السؤال هو حول الطريقة التي سيرد بها البلدان معاً، في ظل اعلان أفريكوم(القوّات الأمريكية في أفريقيا)لخطة خمسية من ليبيا بذريعة مقاتلة الأرهاب في شمال أفريقيا حيث المعني الجزائر ومالي وبجانبهما مصر وباقي دول المغرب العربي. وسيناريو العدوى الليبية، يتضمن نقل الصراع والقتال، إلى الجزائر، ثم إلى المغرب وموريتانيا، حيث هناك إسلام سياسي في ليبيا، جاء نتيجة وبسبب الإسلام السياسي الجزائري، الذي هو أشد تطرفاً بالأصل، وعبر استراتيجيات الأستدارة واشعال حروب مذهبية وطائفيه وأثنية، وجعل السعودية تستنهض القومية العربية السنيّة وبعض الشيعة العرب القوميون في مواجهة القوميّة الفارسية الشيعيّة، ومن شأن كل ذلك أن يغطي على المدى القصير على الأقل على مجمل منحنيات الوضع الداخلي المأزوم سياسيّاً واقتصاديّاً، وصراع داخل توليفة الحكم، وهروب الى الأمام نحو الكارثة بسبب المتاهة اليمنية والتي تّوجت باعمال حد الحرابة برجل الدينى الشيعي السعودي نمر باقر النمر. والاّ كيف يقرأ اعلان ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن خصخصة عدد من المؤسسات الحكومية الأقتصادية السعودية الناجحة، وبعد عشر أشهر وأزيد من الحرب والعدوان على اليمن العربي الشقيق؟ فما أعلنه هذا الأمير الشاب المتحمّس من الجيل الثالث لتوليفة الحكم في السعودية، يثير مروحة واسعة بالمعنى العرضي والرأسي من التساؤلات، على أعتاب تغير اقتصادي يجعل أفواه البعض مفتوحة من وجل لقادم من الأيام والشهور والسنوات!. بجانب فشل الرياض في جلّ الساحات الساخنة والتي ذكرناها سابقاً، ثمة رأي عام دولي صار يذهب الى اتهام الرياض برعاية فكر اسلامي متطرف، انظروا الى الصحافة الأوروبية كيف تتحدث عن حواضن الأرهاب في الداخل السعودي، كل ذلك جعل الرياض ترى أنّها تردد شعاراتها من دون صدى أممي واقليمي، وفوق ذلك تم تصفية رجلها الأول في الداخل السوري زهران علوش، عبر عملية سورية روسية مشتركة، بمساعدة فاعلة ونوعية من جهاز مخابرات دولة عربية، تتعاطى مع المخابرات الأمريكية والروسية والبريطانية، لأبعادها(أي الرياض)عن الحصص الأقليمية القادمة، اذا كتب الجلوس لكافة الأطراف على مائدة الحوار وتقاسم الأدوار والنفوذ بفعل الحدث السياسي السوري. وبجانب المعطيات السابقة التي دفعت الرياض الى اعمال حد الحرابه بالشيخ النمر، نجد أنّه ثمة تسارع انخفاض في أسعار النفط، أفقد السعودية بعض أسلحتها الداخلية للحفاظ على تماسك حكمها، وهو المال وما أدراك ما المال، وهنا نتساءل السؤال التالي: مؤخراً واشنطن وقبل أسبوعين قام الكونغرس باقرار قانون برفع حظر تصدير النفط الأمريكي للخارج، بعبارة أخرى في حال بدا العملاق الأمريكي بتصدير نفطه الى الخارج، كما سيصبح سعر برميل النفط أيتها الحكومة الأردنية مثلاً؟ ستصبح العربية السعودية أكبر مستهلك للنفط وأحد كبار المصدرين، من هنا نفهم ما أعلنه ولي ولي العهد السعودي في البدء بمشاريع الخصخصة لبعض القطاعات الحكومية السعودية الناجحة، لسد عجوزات الميزانيات القادمة، وقد تكون هذه مشورات أحد الأقتصاديين الأردنيين للرياض، والذي كان له دوراً واضحاً في خصخصة بعض المؤسسات الأقتصادية للدولة الأردنية اقتصادياً في مرحلة سابقة، وهو مقرب بعمق من العائلة المالكة السعودية، ويتموضع الآن في منصب الموفد الخاص للملك اليها. وصحيح أنّ الرياض في السابق استخدمت الفائض المالي النفطي الهائل لها في ترسيخ منظومة حكمها في الداخل عبر سلاح المال، ولكن مع تدني أسعار النفط وتراجع العائدات، وتآكل المدخرات وارتفاع المديونية وبيع لبعض الأستثمارات السعودية في محفظة الأستثمار الخارجية للرياض، مع عجوزات هائلة في الميزانية، ظهرت الحاجة الملّحة لتوليفة الحكم السعودية لتعويض دور المال في تماسك منظومة الحكم، فتمّ دفع الرياض عبر الأمريكان بايعاز من بلدربيرغهم، بفخ جديد الى سلاح الفتنة المذهبية والتجييش الطائفي الأثني بأقصى درجاته، فأعملوا حد الحرابة بالشيخ السعودي الشيعي نمر النمر من حيث يعلموا أو لا يعلمون. فجاءت عملية اعدامه بالحد رسائل الى الداخل من أجل التكيف مع شح المال، وبالتالي التنازل عن حياة الرفاه السابقة، ولكم في الأردن تجربة كيف يتكيف الشعب الآن اقتصادياً ومنذ سنوات، وفي حالة الرفض لنهجنا المصير سيكون مصير أخيكم النمر رحمه الله، فمن يتبع نهجنا ينال التمر وملحقاته من لبن سائغ شرابه، ومن يعارضنا وينحرف نحو الأرهاب وغيره، جزاؤه السيف يرحمنا ويرحمكم الله. ونلحظ قبل اعدام النمر بشهور تواتر استخدام العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي لمصطلحات السنّة والشيعة في أدبياتها السياسية، وهناك معلومات تقول أنّ أمريكا في السابق ناقشت فكرة تقسيم المملكة السعودية مع أطراف شيعية وتحديداً مع مكون الشيخ النمر، ومع أطراف سنيّة أخرى أمسك عن ذكرها، ولكن الشيخ النمر رفض العرض الأمريكي واستمر في نضاله وتظاهره السلمي ومجموعته، ثم تمّ تسريب معلومات مدروسة أمريكية منذ تورط السعودية في فخ اليمن، من قبل أحد الأطراف الأمريكية المتصهينة بايعاز من البلدربيرغ الأمريكي بما تم مناقشته مع الشيخ النمر، ورفضه الأخير جملةّ وتفصيلاً(أي الشيخ النمر). فما كان من توليفة الحكم السعودي الاّ بالرد على المشروع الأمريكي برد غير مدروس وغير حكيم وفي لحظة غضب باعدام نمر النمر(أعتقد أنّه تمّ دفعهم الى فعل ذلك بصورة غير مباشرة، وبطريقة لا تبقي أمامهم الا هذا الخيار)، ظنّاً منهم أنّهم قد نجحوا بوأد المشروع الأمريكي مشروع البلدربيرغ، والأمريكان يمتازون بالصفاقة السياسية أي الوقاحة بعمق، وهؤلاء السفلة الأمريكان يضعون السعودية على رادار البلدربيرغ الأمريكي، كما يضعون الجزائر الآن ومصر عبر جغرافية ليبيا على رادار حروبهم وفتنهم بجانب السودان عبر اقليم دارفور، وما أعلنه البنتاغون مؤخراً على لسان رودريغاز عن أدوار لخطة خمسية أمريكية في شمال أفريقيا، تحت ذريعة محاربة الأرهاب الذي صنعوه هم أنفسهم عبر وكلائهم من دول وحركات ارهابية، على شاكلة دامس في دول الشمال الأفريقي الآن وعبر مالي لأستهداف الجزائر وغيرها، وعلى شاكلة داعش في العراق والشام وأي مستنسخات أخرى، كلّها تجيء في سياقات ومنحنيات وتعرجات الأستراتيجيات الأمريكية البديلة. وأعتقد أنّ إيران لن تستخدم قوتها العسكرية في حرب مباشرة ضد السعودية، على خلفية قضية اعدام الشيخ نمر باقر النمر، فايران تعرف انّ اعدام نمر النمر قد يكون فخ لتوريطها في حرب مذهبية، كما جرى لها من نصب ذلك الفخ في العراق عندما وصل داعش الى الموصل، فانتبهت ايران ولم تتورط بقتال مباشر ولم تترك العراق، فاعدام النمر وقبله حادثة منى بالحج استكمالاً لأفخاخ قادمة، والسعودية نكرر تهرب الى الأمام نحو الكارثة مسرعة، وتستنهض القومية العربية السنيّة والشيعيّة ضد القومية الفارسيّة الشيعية بحرب مذهبية طاحنة، بسبب وقاحة الأمريكان، ولحاجتهم للتغطية على الأزمة الداخلية وصراع الأجنحة داخل العائلة المالكة، وخاصةً بعد توسع نفوذ القاعدة في اليمن ونفوذ داعش بسبب فخ الحرب السعودية عليه، من شأن ذلك أن يقود القاعدة على العمل والرد في الداخل السعودي متجاوزةً استهداف رجال أمن أو أهداف مدنية سواء سعودية أوغربية، الى استهداف افراد من العائلة الحاكمة نفسها، لأن مثل هذا الهدف قد يربك التوزان في العائلة، وربما يحظى بتعاطف شعبي بعد تململ الناس بسبب تردي الأوضاع الأقتصادية. كما تخشى الرياض بأن تستهدف القاعدة المنشآت النفطية، وهذا من شأنه أن يحرج السلطة، كونها لم تتمكن من تأمين تدفق النفط، وهي المهمة الأساس في رضا القوى الكبرى عن هذه السلطة مثلاً، فالأستخبارات السعودية وبعد حفلة الأعدامات الأخيرة وكان من ضمنها عناصر ارهابية من القاعدة، توفر لديها معلومات عن رغبة القاعدة في الانتقام، وأن قدراتهم التنفيذية تحسّنت بعد حرب العدوان على اليمن، لكن لم تتوفر معلومات عن التفاصيل ولذلك أخذت الأستخبارات السعودية وقوى الأمن الداخلي احتياطات عامة. اذاً من المستبعد أن تستخدم إيران قوتها العسكرية في حرب مباشرة، لكن لديها أوراق تسرب بطريقة أو بأخرى منها، ما يدل على أنّها تريد تحريكها ضد السعودية، ويستنتج أنّه لهذا السبب لم تكن إيران متهيئة ديبلوماسياً وسياسياً واستخباراتياً بشكل جيد للتعامل مع الحدث، وتصرفت بعجلة وارتباك بتصرفات منها حرق السفارة السعودية، ويعتقد أنّ ايران متحسرة كونها ظهرت بمظهر العاجز الذي خرق قوانين دولية بسبب غضب مستعجل، ويجري مجتمع المخابرات الأيرانية تحقيقات معمّقة، في أن يكون هناك مجموعات أو أفراد كعملاء للخارج تقف خلف حادث احراق السفارة السعودية والقنصلية، خدمةً للحرب المذهبية كما يريدها البلدربيرغ الأمريكي، عبر خطوط العلاقات السعودية الأيرانية وتعرجاتها ومنحنياتها. وهنا لتفكيك المركب وتركيب المفكك في حادثة احراق السفارة السعودية، ثمة تساؤلات تحفّز العقل على التفكير للوصول الى مؤشرات، وسأصيغ هذه التساؤلات عبر ما توفر من معلومات من تغريدات المغرّد السعودي مجتهد، والتي غرّد وأبحر فيها بعد حادثة اعدام الشيخ نمر النمر،على شاكلة التالي: هل هذا التصرف صدرعن جناح انفعالي في المؤسسة الإيرانية، له نفوذ وحصانة؟ وهل الخطورة تأتي من هذا الجناح المتشنج؟ أم من الجناح الأقوى والأكثر نفوذاً والذي يعمل بطريقة استراتيجية هادئة ويعرف كيف يستخدم أدواته ضد الخصم؟ وهل فعلا تخشى السعودية، هم وخطورة الجناح المتشنج(في ايران)؟ هل تعتبره أنّه ضر ويضر بإيران أكثر مما ينفعها؟ أم أنّ كل تركيز السعودية كان ولا يزال منصباً على حساب ردة فعل الجناح الآخر؟ وهل الجناح(الهاديء)في المؤسسة الأيرانية لا يريد أن يربك التعاون غير المباشر بين السعودية وإيران في محاربة عصابة داعش؟ هل اعتقدت السعودية أن النمر ليس غالياً على إيران، لأنه عارض بعض سياساتها؟ وهل فعلاً أنّه أبعد من ايران بعد أن كان فيها لدراسة العلوم الشيعية؟ أم أنّ السعودية لم تدرك أن إيران لاتنظر له بصفته مؤيداً أو معارضاً لسياستها، بل بصفتها مدافعة عن الرموز الشيعية في السعودية حتى لا يتجرأوا على غيره؟ وهل ستحرك ايران بعض تياراتها الشيعية المختلفة في الداخل السعودي؟ وكما يقول المغرّد مجتهد "صحيح أن إيران لا تؤثر إلا على جزء من هذه التيارات، لكن الجزء المنظم والمدعوم دائماً أكثر قدرة على صناعة الحدث من التيار غير المدعوم، التيارات المتأثرة بإيران فيها السلمي وفيها المسلح، والمسلح عدده ليس بقليل، ولديه من التدريب والتسليح ما يكفي لمواجهة خطره في بعض مدن الشرقية. وكانت إيران(على مدى سنين)قد أقنعت التيارات المتأثرة بها بكبح جماح غضبها، لأن السعودية تقوم بدور جيد في تمكين إيران من العراق ومحاصرة السنة". ويضيف المغرّد السعودي الشهير مجتهد: "من المفارقات أن إيران لم تكن متحمسة للتظاهرات والتجمعات التي حصلت قبل سنتين، رغم تغطيتها بوسائل إعلامها والتعاطف معها في سياق المجاملة. لكن إيران لم تقف مكتوفة اليدين بل تهيأت للمستقبل ونظمت ودربت عدداً من الشيعة السعوديين في سورية ولبنان والعراق لتحريكهم عسكرياً عند اللزوم". ويشير مجتهد الى أن "الداخلية السعودية لديها علم بوجود متدربين شيعة داخل السعودية بسلاحهم وعتادهم، لكنها لا تستطيع تحديد هوياتهم وانتشارهم ولا تقدير حقيقي لقوتهم". ويكشف "أن الأميركيين أوصلوا للحكومة السعودية حديثاً أن عدد الشيعة القادرين على التحرك عسكرياً يكفي لخلخلة الوضع، بل ربما فوضى في أجزاء من المنطقة الشرقية". ويضيف أن واشنطن نصحت الرياض "أن تخفف التصعيد وتسحب التوتر ولا تراهن على احتياطاتها الأمنية، لكن السعودية أكدت أنها قادرة على احتواء الموقف أمنياً". ويتابع أن "الداخلية السعودية تراهن على أن التحدي الشيعي المسلّح محدود وقابل للاحتواء، لكن دوائر المباحث تعترف أن هناك قلق حقيقي من خطأ في التقدير وخوف من مفاجآت". وهل بالغ الأميركان في تحذير السعودية لتحقيق أجندة أميركية أو أن نصيحتهم صادقة؟ لم تتوفر حتى الآن معلومات والوقت كفيل بالإجابة كما يقول مجتهد، بل ويلفت المغرّد السعودي الانتباه الى أن "الورقة الثانية التي يستطيع الإيرانيون تحريكها هي اليمن، حيث كانت استراتيجيتهم أن يتمكن الحوثيون داخل اليمن، من دون حاجة لاجتياح مدن سعودية. وعملاً بذلك، اكتفى الحوثيون في مناوشاتهم الحدودية باختراقات محدودة لأجل تقوية موقفهم في المفاوضات، وليس بهدف التقدم في اتجاه جيزان أو نجران. لكن يبدو أن الوضع تغير الآن، وقد أبلغت أميركا السعودية أن إيران ربما تضغط على الحوثيين لشن هجوم واسع وتحديداً في اتجاه جيزان وليس نجران. ولا نريد الإرجاف(التخويف)بأحد لكن من المصلحة أن نعترف أن الاستعداد العسكري والمعنوي والفني والتنسيقي لايضمن إيقاف اجتياح حوثي قد يصل إلى جيزان". كما ويرى مجتهد أن "إيران لا تريد من هذا الاجتياح تشبث الحوثيين بجيزان والبقاء عليها محتلة، بل تريد استخدامها كوسيلة تركيع للسعودية للقبول بالمطالب الإيرانية، موضحاً ان سبب القلق على جيزان تحديداً لأن بين مدينة جيزان والحدود سواتر تحمي الحوثيين من الطيران من قرى ومزارع وأدغال وتضاريس غير موجودة في جبهة نجران. ويخلص الى ان " أميركا لهذه الِأسباب قلقة من التصعيد، وتخشى فقدان التركيبة الهشة التي حققت لها قدرة في جمع السعودية وإيران في خندق واحد ضد داعش والقاعدة. وتقدير أميركا صحيح، فلولا مشاركة السعودية في التحالف العالمي عسكرياً وسياسياً وإعلامياً واستخباراتياً ودعمها للثورات المضادة لسقطت بغداد بيد داعش". ويخلص الى أن "أميركا لا تلام على هذا القلق، فإنه لولا التفاهم السعودي الإيراني غير المباشر، لاجتاحت داعش العراق والخليج ولاجتاحت القاعدة اليمن". وبالنتيجة هناك خياران لا ثالث لهما، أمام ما نصب وينصب من فخاخ أمام خطوط العلاقات الأيرانية السعودية، امّا الدخول في حروب مفتوحة سوف تتخذ طابعاً وجوديّاً، وستكون السعودية في مرمى الخصوم، حول نظام سياسي جديد وطريقة حكم ودستور سعودي جديد، وفي حالة الحرب سوف تتفكك المنطقة ككل، فالسعودية لديها وحديثاً صواريخ بالستية تطول العمق الأيراني، وايران لديها قوّة عسكرية صاروخية رهيبة وبحرية كبيرة، وصحيح انّ طيرانها قد يكون محدود بالنسبة للطيران السعودي الذي يملك أكثر من اربعمائة طائرة مقاتلة وهجومية، فهناك فائض قوّة في عدد الطائرات السعودية، فعلاً انّه توتر القرن الحادي والعشرين. فباعدام الشيخ النمر استهدف كل من سعى لتقريب المسافات وتقليل الفجوات والتغلب على المنعرجات على طول خطوط العلاقات السعودية الأيرانيةوكما استهدف كل من حاول فرض حلول تسووية، وهنا في حالة عدم الحرب وهذا ما هو راجح، وكونه في السياسة لا خصومة دائمة ستضطر الرياض وطهران للتفاوض من جديد كونها استراتيجية خيار الضرورة على طول خطوط العلاقات الأيرانية السعودية فمن يعلق الجرس؟ من يزرع الريح لا بدّ من أن يحصد العاصفة، والمستفيد الوحيد من كل ما يجري في المنطقة هي ثكنة المرتزقة "اسرائيل". والعرب كأصول سامية انغمسوا في هاجس اللحظة، في حين الأصل السامي الآخر(اليهود)انغمسوا في هاجس الزمن، بعبارة أخرى العرب الآن يعيشون اللحظة ويلعبون فيها وردودهم انفعالية ويحكمهم منطق قبلي، واليهود يعيشون الزمن ويلعبون فيه ويحكمهم منطق الأمبراطورية. كلانا عرب ويهود ننحدر من أصول سامية لا جدال في ذلك، ومن يقول من اليهود ومن تحالف معهم: أنّ العرب ضد السامية هو جاهل بامتياز، لأنّه لا يمكن للأنسان أن يكون ضد نفسه فنحن ساميون حتّى العظم، لكن المفارقة العجيبة والغريبة تكمن في الفارق في الرؤى والأستراتيجيات بين العرب واليهود، وكلانا ساميون حتّى النخاع. اليهود ضاربون وموغيلون في علم الخرافة، ولكنّهم شغّلوا أدمغتهم في حدودها القصوى، فأنتجوا أشياء وأشياء وصنعوا، في حين العرب ضاربون وموغيلون في علم الكلام والنحو والمنطق والفلسفة، شغّلوا أدمغتهم في حدودها الدنيا، فأنظر الى حالنا وكيف يستخدمنا الآخر لمحاربة بعضنا البعض، ضمن استراتيجيات الخداع الأستراتيجي(حروب عربية عربية)ولاحقاً عربية فارسية، كنهج ولاياتي أمريكي وهي انعكاس لأستراتيجية الصبر الأستراتيجي، التي تحدث عنها الجنرال ديمبسي من بغداد لصناعة حروب متنقلة(عربية عربية)والبدء من اليمن، وكلا الأستراتيجيتين وفّرتا الغطاء للعملية العسكرية على اليمن الطيب والفقير، حيث لعنة الجغرافيا تلاحقه فما ذنبه؟. الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تشكيل بازارات من الحروب الطائفية والمذهبية، والتي يجري انضاجها على نار حامية في جلّ المنطقة العربية وفخ اعدام الشيخ نمر النمر قد يكون بدايته، وتجعل اسرائيل تتموضع في خارطة العمل العسكري الحالي على اليمن في الظل، حيث تتقاطع مصالحها(أي اسرائيل الصهيونية)مع البعض العربي الآخر، والذي بلع الطعم اليمني حتّى اللحظة بنهم، حيث آعاد التاريخ نفسه ولكن بالمقلوب في الحالة اليمنية الآن، حيث شعبها طيب وفقير وخطيئته الوحيدة هي الجغرافيا ولغتها، ومشاركة البعض العربي في هذه العملية العسكرية غير مقنعة لأحد ولكثير من الناس في الدواخل العربية، وهنا أتساءل: هل يراهن هذا البعض العربي على انزياحات تحققها خرائط التقسيم القادمة، والتي تحدث عنها الجنرال العجوز ديمبسي في بغداد وعبر استراتجية الصبر؟ أمريكا تحارب العرب بالعرب عبر حلف ناتو عربي بدافع الرجولة الوهمية مع كل أسف، لأشعال حرب بسوس القرن الحادي والعشرين، ولمحاربة كل من لا يسير في الفلك الصهيوني والأمريكي من العرب، ولتشجيع تركيا بعاصفة حزم أخرى في سورية، ودفع مصر لتكرارها في ليبيا والسؤال هنا: هل استيقظ الرجل العربي المريض على ايقاعات بدء تطبيق الأتفاق النووي خلال المرحلة القادمة(أيام قادمة) كما أعلن جون كيري مؤخراً؟! ولأنّه لا عفوية بالعمل السياسي، تم القيام بحملات اعلامية مبرمجة لتشويه صورة المقاومة، وتصوير ما يجري في بلدة مضايا السورية أنّه تجويع وهذا كذب صارخ، من قبل وسائل ميديا المحور الخصم لمحور المقاومة، وهذا ما أعلنه الصليب الأحمر الدولي بصريح العبارة والأمم المتحدة، أنّه لا مجاعة في مضايا السورية والصور غير حقيقية، والسؤال هنا: لماذا تزامن ذلك مع التوتر على خطوط العلاقات السعودية الأيرانية؟ انّه تزامن مقصود ومدروس مع غرف موك اعلامية لتكذب وتكذب وتصنع رأياً دولياً مضاداً، للدولة الوطنية السورية والمقاومات في المنطقة، حيث المجاعة الحقيقية والتجويع تكمن ويكمن في اليمن العربي، بفعل الحصار والعدوان السعودي والبعض العربي عليه، واستخدام القنابل العنقودية التي انتقدها البان كي مون القلق دوماً.  
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
mohd_ahamd2003@yahoo.com