2024-04-26 11:29 م

الطريق الى حلب .. الحرة .. رغم دموع الثعابين

2016-02-13
بقلم: نارام سرجون
عندما يسمع بكاء الغرب والأمم المتحدة على المدنيين في أي مكان في العالم فاعلموا أن هناك تفسيرين اثنين لاثالث لهما: الأول هو التحضير لغزو بلد واسقاط حكومته الوطنية كما فعلوا في ليبيا .. والثاني هو العجز المطلق عن تحقيق نصر عسكري والخوف من هزيمة عسكرية مجلجلة .. فيتم تحضير حفلات الدموع والبكاء لايجاد مناخ من الاحراج والضغط النفسي والاخلاقي على القوى المنتصرة فتتوقف وتلجم اندفاعتها العسكرية ..

المدنيون هم دوما الخاصرة الرخوة التي تدخل منها دول الغرب الى بلدان العالم .. فالمدني هو المستهدف في الحروب الاستعمارية .. وفي كل حروب الغرب فان استهداف المدنيين هو أكثر الأسلحة فعالية في النصر على الخصوم وفق العقيدة العسكرية الغربية .. فضرب المدنيين بالقنابل الذرية في اليابان أرغم اليابان على الاستسلام .. كما أن قصف المدن الالمانية وابادتها كانت عاملا حاسما في هزيمة الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية .. وكانت عمليات الانتقام من المدنيين أساس العمليات العسكرية الاميريكية في فييتنام وكوريا التي قتل فيها ملايين المدنيين .. وفي فلسطين كانت المجازر ضد المدنيين سببا رئيسا في نجاح تأسيس دولة اسرائيل .. وفي العراق دفع المدنيون العراقيون ثمنا باهظا جدا في الطريق الى اسقاط الحكم الوطني في العراق .. وتكرر الأمر في ليبيا بشكل كارثي.. 

واليوم لايزال المدنيون السوريون احدى أهم الأوراق التي يتاجر بها الغرب .. فمنذ بداية الحرب الارهابية على سورية كان شعار الغرب هو الدفاع عن المدنيين السوريين الذين يقتلهم نظام متوحش لارحمة في قلبه .. واعتمدت الدعاية مبدأ نصرة المدنيين السوريين على نفس نهج جبهة النصرة الارهابية التي جاءت لتنصر المدنيين من أهل السنة فقط فقتلت منهم الآلاف دون تردد .. وعندما شمّر أوباما عن ساعديه وأرسل الاساطيل كانت الحجة هي أن ضميره لم يتحمل مذابح المدنيين الكيماوية .. وعندما حدثت موجات الهجرة التي صنعتها المخابرات التركية نحو الغرب كان المقصود منها استثمار صور اللاجئين لتبرير حرب على سورية لاعادة الاستقرار اليها بدل استقبال اللاجئين منها .. ولكن هذه الذرائع لاستعمال البكاء على المدنيين لتبرير الحرب فشلت فشلا ذريعا .. 

وهاهي اليوم موجة جديدة من البكاء والنحيب الأممي والغربي على المدنيين السوريين .. ولكن هذه المرة من أجل سبب مغاير وهو حماية الارهابيين والحيلولة دون سقوط معاقل الارهاب بيد الجيش السوري .. الارهابيون اليوم يتسترون بالمدنيين .. وتبدو خيارات الغرب محدودة جدا لحماية المرتزقة والارهابيين .. لأن المواجهة العسكرية ليست خيارا غربيا بوجود القوات الروسية المتفوقة .. ويحاول الغرب ايقاف البلدوزر السوري الروسي عبر احراجه ومحاصرته بالقضايا الانسانية العاجلة والملحة ومعاناة المدنيين .. 

المندوبان الروسي والسوري في الأمم المتحدة يعقدان مؤتمرا صحفيا منسقا .. يشن فيه المندوب الروسي هجوما لاذعا على الدول الغربية التي لاتكترث بالملف الانساني في اليمن وكأنه ملف للحيوانات وليس للبشر .. ولاتعرف شيئا عن الملف الانساني في ليبيا وكأن ليبيا ليست على الخارطة الانسانية .. لكنها تركز على ملف واحد هو ماتسميه الملف الانساني السوري العاجل المبلل بدموع التماسيح الغربية والتركية .. ويقول المندوب الروسي كلاما ديبلوماسيا قاسيا من أنه لايجوز استعمال الملفات الانسانية وتسييسها للضغط النفسي والمعنوي على الدول وايقاف الحرب الحقيقية على الارهاب .. ولكن أهم مايقول هو: ان استعمال هذا الملف كذريعة لن يردع روسيا عن أداء واجباتها تجاه مكافحة الارهاب .. 

ويستكمل المندوب السوري (في الدقيقة 12 من الرابط) مضيفا بأن مايروج له الغرب عن حصار الجيش السوري للمدنيين هو أكبر كذبة لأن الشعب السوري كله هو الذي تحت الحصار الغربي والتركي .. 23 مليون سوري محاصرون .. والغرب يبكي اليوم على فك الحصار عن بعض البلدات التي كان الارهابيون يحاصرونها .. بل ان الارهابيين هم الذين يطبقون حصارا داخليا على المدنيين الذين تحت سيطرتهم ويمنعون المساعدات الانسانية .. والسوريون هم ضحايا المناورات السياسية لأعضاء مجلس الأمن .. الذي لم يكترث بكل الملفات الانسانية والكوارث الكبرى التي تسبب بها الغرب نفسه واسرائيل طوال عقود .. 

الغرب يبدو جليا أنه يحس اليوم بعجز شديد أمام التقدم العسكري المذهل للسوررين وحلفائهم ولم يتوقع هذا الانهيار في صفوف المسلحين المدججين بكل أنواع السلاح والخبرات الاستخبارية والاتصالات وخيرة خبرات التجسس والتنصت وحتى الخدمات الاستطلاعية عبر الأقمار الصناعية .. والغرب لايريد في هذه الأيام الصعبة سوى شيء واحد .. هو الهدنة ليلتقط الارهابيون الأنفاس .. فاستل فورا ملف المعاناة الانسانية لاحراج الحكومتين السورية والروسية .. 

مشكلة الغرب اليوم أنه يتعامل مع مجموعة من الدول الحرة التي لاتنطلي عليها هذه الألاعيب وهي تمارس السياسة ببراعة .. والتي تعرف تماما أن أكثر مايحتقره الغرب هو الملفات الانسانية وخاصة مايتعلق بانسان الشرق الأوسط .. وهي ملفات مثل كل وسائل السيطرة والتحكم .. مثلها مثل الديمقراطية والحرية .. كلام حق يراد به باطل .. ولذلك فان العمليات العسكرية السورية الروسية مستمرة رغم التفاوض وستطرح أفكار سيستمع لها السوريون والروس .. والمعركة ستستمر الى آخر سنتيمتر من الأراضي السورية حتى نرتطم بخط الحدود التركية .. 

انه الطريق الى حلب .. سيذرف فيه الغرب الدموع على طول الطريق .. وسيكون البكاء في آخره بلاحدود .. وسنرى فيه دموع المهزومين .. ودموع المنتصرين بعودة حلب .. حرة ..