2024-05-02 12:41 ص

ثقافة المسئولية ...وحياتنا السياسية !!

2016-05-01
بقلم: وفيق زنداح
المسئولية تكليف عظيم ..ومقدر بحكم عوامل عديدة ....بضوابطها وأحكامها ... ..ذات أهمية بالغة..... يشكر عليها من يتحملها ....ونعذر بعضنا البعض لمن يرفض تحملها ....ولا مانع لدي البعض من أن يشن هجماته على من يتحملها ....ولمن يفشل في بعض أو كل مهامها ...وكأن من يتولى المسئولية ليس أمامه الا النجاح الكامل ...والتنفيذ الشامل ...والارضاء الكامل لكل من حوله ...ومن يستمع اليه ويشاهده ..ولا مجال للفشل الجزئي أو الكلي ...أو حتي الاخفاق في بعض المراحل ...ومهما كانت الاسباب ....وتعددت الذرائع بموضوعيتها وذاتيتها . هناك اخفاق ما ....أو فشل ما ....أو حكم بالفشل الكامل ...والشامل ...وانهاء حقبة زمنية . مساعي حثيثة ...وجهود جبارة ...وطاقات تبذل ...لإنهاء مسئولية فلان أو علان ...ولا نبذل أدني الجهود لأجل انجاح هذا الفلان أو العلان ....وكأن المهمة والاختصاص بالمساعدة على الاخفاق ....واكمال فصول الفشل ....وليس العكس ...وعندها ترتاح القلوب ...والضمائر ..وتصبح المهمة..... قد انجزت على أكمل وجه ...ولم يعد مجال الا أن نعبد الطريق لهذا المسئول أو ذاك .....بديلا عن من أخفق أو فشل . مهمتين أساسيتين ....يقضي البعض منا من ذوي الاختصاص ...والكفاءة النادرة ..جهود جبارة من أجل افشال من يعمل ....أو التأكيد على نجاح من تولي المسئولية ....في ظل البعض الاخر الذي يمسك بالقضايا ويوازن بينها.... ليحدد بالميزان مقدار الفشل ...كما مقدار النجاح . لا مهمة ثالثة ولا خيار ثالث يمكن أن يكون في اطار تحليل مهمة محددة ...أو مسئولية معينة ومدي فرص نجاحها أو فشلها ...وما يعتري هذه المسئولية من مصاعب وتحديات... ومناخ عمل لا يمكن أن يوصف بالمناخ الطبيعي والملائم وذات الاليات المحددة ....والسياسات الواضحة ....التي تحاسب من يتولى المسئولية بقدر تحمله للمسئوليات المحددة ببنود واضحة ...ووفق اليات محددة ...وامكانيات واضحة ....وبطواقم وادارات منظمة . المسئولية ليس كلمة تطلق ...أو تكليف بقرار ....أو تعبطا شخصيا ...للمسئولية دون ادراك ومعرفة ومناخ مناسب ..وارادة قادرة على العمل في ظل ظروف داخلية ..وامكانيات متوفرة ....لا يتوفر فيها الحد الأدنى من متطلبات النجاح والانجاز . ليس في هذا القول محاولة لتبرير الفشل ....أو الاخفاق ...ولكنها محاولة تأكيد على أن من يعمل يخطئ ...ومن لا يعمل لا يخطئ....والاموات وحدهم لا يخطئون . هذا لا يعني بالمطلق أن لا نوجه النقد لأي مسئول أخفق أو فشل في مهامه ومسئولياته ...بل على العكس تماما ....فالنقد وثقافة النقد يجب أن نرسخها في سلوكياتنا..... ومنهجية فكرنا ....واساليب عملنا الاداري ...باعتبارها مسألة هامة ...حتي يشعر كل مسئول أن وراءه رقابة جادة ...وانتقادات حادة ....ومحاسبة علمية وشفافة ...وعليه ان يعمل بقدر استطاعته ....وبما يمتلك من قدرات وامكانيات لتحقيق المهام والمسئوليات التي أوكل على أساسها ....فإما النجاح الكامل ....واما جزء من النجاح .....واما الفشل الكامل ....واما جزء من الفشل ...فلا نجاح كامل ..ولا فشل شامل ....وعليه يجب أن نرسخ ثقافة التقييم والمحاسبة ....بصورة علمية ...وليس بصورة شخصية ...وعبر وسائل الاعلام ...وبما يمتهن من شخصية وكرامة المسئول لم نعود أنفسنا على تعزيز ثقافة المسئولية ....بكافة جوانبها ....ثقافة واعية وقادرة على الايضاح والتعبير والتوضيح ...قادرة على التحديد والتصويب ....وليست سلوكيات ضبابية قائمة على التضليل والخداع ....واطلاق الاوهام ...ومحاولة الايحاء باستحالة تحقيق النجاح ...واستمرار اطلاق المبررات والذرائع ....حول حتميه الفشل ...وتحميل الاخرين مسئولية فشل فلان أو علان . التربية على المسئولية ....منهاج حياة ...يجب أن يتحملها ...ويعمل عليها ...ويشييد بها .... كل من وجد نفسه مسئول .....مهما كان قدر المسئولية ...على أساس ان التربية الاساسية في اطار العائلة ....ومكان العمل ..ومسيرة الحياة منهجا تربويا ....مجتمعيا ....ثقافيا ......وطنيا وسياسيا ..... حتي نتمكن من بناء الانسان القادر على صناعة حاضره ....وبناء مستقبله ...الانسان الملتزم ....والمتمكن من مسيرة حياته ومتطلباتها ...ومستلزماتها ....أن نعمل على بناء الانسان القوي ...القادر على النجاح ...والذي لا يقبل بالفشل ....القادر على الصعود ..واثبات الذات ...والذي لا يقبل بالهبوط والخنوع والتراجع . نتائج مهمة نسعي لتحقيقها ....من خلال كافة الوسائل التربوية ....الثقافية والاعلامية .....كما نسعي اليها من خلال التعبئة التنظيمية .....وقوانا السياسية التي تعمل على بناء الانسان القوي والقادر على صناعة مستقبل وطن ..وتطوير واقع مجتمع ...هذا الانسان الذي يشكل الوسيلة والهدف للجميع منا ...يحتاج الي جهود وطاقات الجميع منا ...ودون استثناء . أجيالنا وأبنائنا ...والاهتمام بهم ...وتربيتهم على ثقافة المسئولية منذ الصغر ...سيسهل علينا تحميلهم للمسئوليات عند الكبر ...هذه حقيقة تربوية ...اجتماعية ...ثقافية ....ستسهل علينا تعزيز ثقافتنا داخل حياتنا السياسية ....والادارية ...والمؤسساتية . ان الاجيال التي تربت على روح المسئولية .....والتي اعتمدت المحاسبة على أخطاءها ...والمكافئة على انجازاتها .....كما الرقابة على أداءها ...وقياس نتائج عملها ....والاشادة بما تحقق من نجاح ..والاشارة بما تحقق من اخفاقات ..... مسألة هامة ومنهاج حياة يجب أن يرسخ داخل الاجيال . حياتنا السياسية ....فصائلنا وقوانا ...لا نسمع منها ....ما يشير الي مسئوليات ناجحة ....أو مسئوليات فاشلة ....او حتي الي أي تقييمات يمكن الاستفادة منها ...والبناء عليها ....كل ما نشاهده ...ونستمع اليه تعدد للإنجازات ...كما تعدد للشعارات والبرامج النظرية ....واطلاق التصريحات النارية .....وتعداد الانتصارات .....ونحن لسنا بموقف التقليل من أهمية ما ينجز ...أو يتحقق ...ولكننا أمام منهاج عمل ...وفكر مستنير..... وخطوات علمية وعملية ...لبناء أجيال ناشئة ...تعتمد على تحمل المسئولية ...والابقاء عليها بكافة ضوابطها وأحكامها .....والياتها وأهدافها ....وكأنها منهاج حياة ....ومسيرة انسانية ....لا يستطيع الفرد ان يعيش دونها ....لأن المسئولية والشعور بها ....والعمل من خلالها ....يشعر الانسان بأهميته ...كما يؤكد له قدراته وامكانياته ....مما يزيد من ثقته وخبراته ...ويعزز من سلوكه الايجابي . المسئولية مسألة فطرية ...ايمانية ...انسانية لم يدرسها الكثير من قادتنا .....ولا حتي من صحابة رسولنا الكريم ...لكنهم أجازوها بأخلاقياتهم وسلوكياتهم ....بإيمانهم وقلوبهم ....والتي جعلت منهم قدوة حسنة ..ومثال يذكر ...حول عدلهم ....وروح مسئوليتهم ...وحسن خلقهم ....والذي جعلنا نحبهم دون أن نراهم ...وأن نتمسك بهم دون أن نعيش بمرحلتهم . فصائلنا السياسية ....احزابنا و حركاتنا ....وحتي مؤسساتنا المجتمعية ونقاباتنا وغيرها من التجمعات الثقافية والعلمية والمهنية .... بحاجة الي تعزيز ثقافة المسئولية ....وانهاء ثقافة الاتكالية ...والارتجال ....انهاء ثقافة التحكم ...وتعزيز الديموقراطية... والبناء القانوني الذي يحدد الحقوق والواجبات ....كما ويحدد المسارات والخيارات ...حتي يمكن لنا ان نواجه حالة الافراط بالأنانية والذاتية ....والعشق الابدي ....والتحكم بكرسي المسئولية ....على اعتبار أن المسئولية تكليف .....وليس تشريف .....عمل وجهد وفق التزامات واضحة ....ونتائج يجب السعي لتحقيقها ..... المسئولية والمحافظة عليها ....باعتبارها حق فطري للجميع ....لا يعني بالمطلق أن الجميع قادر عليها ....ويستطيع أن يتحمل مسئوليتها ....وهذا ما يجب أن يكون واضحا ومعلوما حتي لا تختلط الامور ..وتصبح المسئولية هدف يسعي الجميع لتحقيقه .....دون أن تمتلك الاغلبية مقدرات وطاقات وثقافة هذه المسئولية . المسئولية جماعية ...حتي لو كان المسئول فردا أو جماعه .....لكن المسئولية ليست مشاعا ولن تكون دون ضوابط وأحكام ومهام واضحة ....وأهداف نسعي لتحقيقها ...وهنا الفرق بين من يتحمل المسئولية بكل ثقلها واعبائها ......ومن يعمل وفق سياسة الافشال التي يسهل العمل من خلالها.