2024-04-26 01:59 م

تسونامي خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي

2016-06-25
بقلم: ياسر الشرافي
سطرت أوروبا يوم أسود في صفحات تاريخها ، حيث قرر الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي بأغلبية طفيفة و الذي كان لكبار السن الذين تجاوزوا العقد الخمسين كلمة الفصل في هذا الإستفتاء الملزم ، تجاوزاً لإرادة أغلبية الشباب البريطاني الذين يريدون البقاء في ذلك الإتحاد ، لأنهم ولدوا و إشتدت سواعدهم في ظل تلك الهوية من تواصل دون عراقيل متجاوزين النعرات الوطنية ، التي كانت وراء هذا السقوط لوحدة المصير الأوروبي و الحجج الذي ساقها اليمين المتطرف في بريطانيا للخروج من هذا الإتحاد ، لأنه يكلف الخزينة البريطانية أثمان باهظة ، و التحرر من السيطرة و الهيمنة الإلمانية و بما تكنه بريطانيا من كره لألمانيا متجاوزيين الكره المتبادل بين الإسرائليين و الفلسطينين ، و عدم المساواة مع الأوروبيين الشرقيين ، و زد على ذلك الإنتصار للهوية البريطانية و التحرر من عبودية البنوك و حركة المهاجرين عبر الحدود، بما أن هذا اليمين ليست عنده علم بما سوف يكون عواقب هذا القرار داخل بريطانيا ، أقلها هزات إقتصادية لم تتعافى بها بريطانيا لأكثر من عقد بسبب الصياغة المرتقبة لحجم التبادل الإقتصادي بين الإتحاد الأوروبي و بريطانيا و هي خارج هذا التكتل ، و إيضاً مشكلة ملايين البريطانيين الذين يقطنون الآن و بل ولدوا و تربوا و يعملون في دول أوروبية أخرى ، و ما شكل وجودهم القانوني من حرية سفر و الضمان الإجتماعي وحقوق إنسانية أخرى من التأمين الصحي و حق العمل ، الذي كانت توفره لهم عضوية بلادهم في الإتحاد الأوروبي ، فالمشكلة الأكبر لبريطانيا أن دولاً تحت التاج البريطاني مثل إسكتلاندا و إيرلندا الشمالية يريدون بإصرار البقاء و بأغلبية مطلقة داخل الإتحاد الأوروبية ، فهد سوف يؤثر على الشكل الجغرافي لتلك الدولة و الذي ينبأ بإحتمالية التفكك إذ لم تتغلب بريطانيا على هذا المأزق الذي وضعها فيه يمينها المتطرف ،لذلك سوف يكون هذا الإستفتاء يوم أسود في الذاكرة الأوروبية و كسر لأركان الهوية الأوروبية لما تعنيه هذه الكلمة من قيم حضارية و إنسانية و سلم إجتماعي ، التي تجاوزت فيه هذه القارة مع الوقت ذات الهدف الإقتصادي التي شكلت بسببه تلك الكتلة قبل 45 عام ، فهذا الإتحاد الأوروبي ليست فقط تكتل إقتصادي فحسب ، بل في مقره ببروكسل ترسم سياسات أوروبية خارجية كما الداخلية للكل الأوروبي ، منها التكافل الإجتماعي و الحفاظ على الأمن و السلم العالمي و البحث العلمي و التنوع العرقي ، و الأهم من ذلك الحفاظ على الوئام و السلم الداخلي لأوروبا و التي اكتوت قبل عقود ليست ببعيدة من الحروب الأهلية و الإقليمية و الإثنية لتلك القارة الخضراء ، فكان تلك التكتل رافعة لعبور أوروبا من تلك الحقبة السوداء إلى القيمة الإنسانية والحضارية و عملية البناء للإنسان الأوروبي و القيمة الآدمية من حقوق الفرد و عدم إطهاده من إجل حياة كريمة و حرية التعبير و الكلمة ، و التي إنعكست على الدول الأخرى خارج الإتحاد الأوروبي و خاصة الشرق الأوسط ، خاصة قرار السلم و الحرب في هذا العالم ، حين نتذكر الغزو الأنجلوأميركي للعراق و المرافعة في مجلس الأمن الدولي بين أمريكا من جهة و التي نعتت الأوروبين بالقارة العجوز لرفضهم الغزو العسكري للعراق . حتى تتجاوز أوروبا هذا السونامي من ردات فعل غير محسوبة من دول أوروبية أخرى ، يجب على أهل الفكر و العلم والنخبة في تلك القارة تجاوز تلك المحنة بالحفاظ على هذا التكتل ، بتذكير الأفراد في أوروبا بأنه يعكس إرادتهم من قيم و محبة و حرية الحركة ، و التي تجسدت بالهوية الأوروبية التي تجاوزت النعرات الإثنية ، و هذا الذي يجب أن يكون حتى يشرق يوم جديد و يبقى هذا الإتحاد بنيان متين ضد من يحاربه من وراء الستار، لأن تفكك هذا الإتحاد مصلحة أمريكية بإمتياز كما حدث مع الإتحاد السوفيتي سابقاً ، حتى تتفرد أمريكا بهذا العالم دون حسيب أو رقيب.