2024-05-17 08:15 م

الكشف عن "كوامن" القائد الفلسطيني خليل الوزير

2020-04-14
كريم الزغير
الّلواءُ فؤاد البلبيسي ( موريس ) ، أحدُ قياديِّ جهازِ القطاعِ الغربيّ – العملياتُ الخاصّةُ للثورةِ الفلسطينيّةِ يتحدّثُ عن القائدِ الفلسطينيّ خليل الوزير .

وفي حديثهِ يكشفُ اللواء البلبيسي عن الكوامنَ التاريخيّةِ لأبي جهاد .. وعن المواقفَ التاريخيّةِ له .

مسيرةٌ طويلةٌ ليّ مع القائد المناضل خليل الوزير أبي جهاد الوزير . أبوجهاد النهجُ والمدرسةُ ، والذي ستظل سيرته عصيةً على الوصف، وهي التي تشكّلت عبر الطريق الصعب ، والمهمات الخارقة ، وفي هذه الغمار تشكلت هوية شخصية له يستحيل تزويرها لأنّها فريدة ” .

يستهلُّ اللواء البليسي حديثه قائلًا : ” إنّه صاحبُ كلمات الشّرف وساعات الصّفر . لقد اجتمعت هذه الصفات في رجل واحد اسمه : خليل الوزير . كان قائدًا أمنيًّا استخباريًّا بامتياز ، واسمه ليس اسمًا مجترًّا . كان الصندوق الأسود ، وبنك المعلومات ، وساعات الصفر ، وأوّل من أسّس جهاز القطاع الغربي ( الذراع الضارب لحركة فتح في الأرض المحتلة) ، وأشرس من قاتل الدولة العبرية ، وسيُحفظ في بطون التاريخ و الكتب” .

وحول شخصيتهِ ، يستدرك : ” في عام 1971، وبعد رحيل قوّات الثورة الفلسطينية من عمان إلى سوريا ؛ كان أبوجهاد دائم الحراك ليلًا ونهارًا بين القواعد العسكرية في الجولان – قطاع الجولان ، وفي اللاذقية وقواعد السويداء، وفي الساحة اللبنانية في الجنوب والبقاع والجبل اللبناني ، وكان يلتقي مع الكبير والصغير، ويعطي التعليمات “.

ويضيفُ : ” كان لا يمل . وفي حالة تنقل دائم بين القواعد والمكاتب حتى ـثناء التنقل ، وفي السيارة كان يراجع الأوراق . كان مولعًا بالكتب الثورية ، إذ يشتريها من ساحة البرج في بيروت”.

“مَنْ الفنانةُ الّتي كان ينصتُ أبوجهاد إليها ؟! “

يستكمل البلبيسي حديثه : ” على الصعيد الشخصي في السفرات الطويلة البرية بين القواعد كان ينام أحيانًا في السيارة ، ويستمع لفيروز في لحظة هدوء … مثلًا في أحراش جرش ؛ كان لدينا دومًا في خزانة السيارة الفوكس فاجن بعض الحلويات العربية التي يحبذها أبوجهاد … وما بين دمشق وبيروت ؛ كنا نأكُل ” السندويشات ” في شتورة ( منطقة حدودية بين لبنان وسوريا ) . لم أرَ أباجهاد يومًا يلبس ” ياقة ” ، وحتى مع الوفود كان أنيقًا بهندامه . ومن صفاته الزهد ، والابتسامة الدائمة ، ويشهد له بتواضعه وأخلاقه “.

” أبوجهاد يرفضُ النومَ على السريرِ !”

يقول البليسي : ” أذكر أنني كنت مرافقًا مع الأخ أبي جهاد في زيارة إلى الجزائرعام 1972، و كانت تربطه علاقة حميمية مع سي “جلول ملايكة” ، وهو المناضل الجزائري الثوري الذي ناضل في الخفاء وتوفي في صمت ، بعد أن عشق فلسطين، ودافع عنها باستماتة ،حتى لقّبوه بأبي القضية الفلسطينية. استغل منصبه ليدافع عن القضية الفلسطينية في المحافل المحلية و الدولية ، فسيرة جلّول ملايكة ، والتي يجهل عنها جيل الشباب الكثير،هو الذي لازم أبا جهاد في البدايات ، وساهم بفتح أوّل مكتب لحركة فتح في العالم الذي كان بالجزائر ( مكتب فلسطين ) ، وقدم جوازات سفر للقيادات الفلسطينية ، وهو المناضل الجزائري أمّم ثروة والده ، وأبى الاسترزاق من دماء الشّهداء” . .

ويستطرد مستكملًا : ” في تلك الزيارة ؛ كان أعضاء الوفد : خالد الحسن ، ومحمد يوسف النجّار ( أبويوسف ) ، وذهبنا إلى فندق ” الالتي ” ، وهو فندق خمس نجوم ، وحين نزلنا في الغرف ، وجدت أبا جهاد نائم على الأرض ، وقد أنزل الفرشة ، وقلت له مستغربًا : ” لماذا على الارض ؟ ” . فقال لي : ” لا أريد أن أكون أفضل من غيري”. ويقصد بذلك أبناء القواعد العسكرية. كان مقر اقامته الدائم في شقته المتواضعة في دمشق – حي ركن الدين .. وفيها غرفة تعتبر مخزنًا ، حيث فيها كل ما يتعلق بالملفات والمذكرات والخرائط والمنشورات الحركية ، و التي تتعلق بالبدايات . كان صالون الاستقبال ؛ مجموعة من الكراسي ” الخيزران” وبعض الصور الحائطية الخشبية المهداة له من الصين وفيتنام”.

ويسهبُ اللواء موريس : ” كان عنصر التهدئة والحكم أثناء التجاذبات الداخلية . والأهم أنّ ما يدور من خصوصيات في الثورة الفلسطينية و ” فتح ” يعتبر من الأسرار العليا ولا تنشر في الصحافة ولا يعرفها حتى المقربين جدًا من فتح . كان يتعامل مع كلّ المناضلين حسب اختصاصهم وحسب المهمة . لا يحب الجدل والمراوغة ، ويكره دمج الدوافع الشخصية بقضايا العمل “.

ويورد : “كان أبوجهاد يعرف ما يريد وما تريده القضية ، ويعرف جيدًا التسلسل الهرمي للنواة الصلبة التي راكمت الجهود معه ، فكان مرجعية لأسرارهم ولجهودهم” .

فيما يسترسل اللواء البلبيسي و اسمه الحركي ” موريس” ، وهو ابن قوّات العاصفة ، و المقاتل القديم في زمن لم يكن فيه مناصب ولا رتب ، بل المراتب كانت تحددها المهام الصعبة ، والذي أصبح مرافقًا لأبي جهاد عام 1969 بعد عدة دوريات عسكرية راجلة حديثه : ” أبو جهاد لم يكن من روّاد الأماكن العامة ، كما وكان يتحرك بخفة وتمويه ، وكان بعض الأشخاص يطلقون عليه لقب ” الزئبق” ، حيث من الصعب معرفة مكانه ، وكان أبوجهاد قليل الكلام ، ويتحلّى ببرودة الأعصاب ، ومن مميزاته ؛ أنّه كان لبقَ الحديث ، ولطيف مع العاملين معه ، و كانت كلمة ” يا أخ ” ملازمةً لحديثه ، و يتعامل مع المناضلين المقرّبين له بشكل خيطي ، وكلٌّ على حدا ، وشعاره ” السرية والمعلومة بقدر الحاجة ” ،وهذا من حسنات مثابرته وصبره وإيمانه بالعمل الطويل النفس . لم يكن يتصرّف بردود الفعل السريعة، وكان بعيدًا جدًّا عن الانفعال ، بارد الأعصاب نادرًا ما يتحدث عن نفسه ، وإن تحدّث فكان ذلك في سياق التعبئة والتشغيل والترتيب الذهني ، ولم يكن ينسب أيا كسب أو انتصار إلى نفسه على الإطلاق ، وإنما كان ينسبه إلى كل فتح والثورة ” .

كاتب فلسطيني
"رأي اليوم"