2024-04-26 12:00 م

رسائل نتنياهو .. في احتضان ليبرمان

2016-05-25
جهاد حيدر

شهدت الساحة الداخلية الاسرائيلية تطورات دراماتيكية ادخلت رئيس "اسرائيل بيتنا"  افيغدور ليبرمان الى الحكومة، على اساس تسلم حقيبة الامن (وزارة الحرب)، وأبقت رئيس المعسكر الصهيوني وحزب العمل، يتسحاق هرتسوغ خارجها. هذه التطورات دفعت وزير الامن موشيه يعلون الى الاستقالة من الحكومة والكنيست على امل أن يعود لاحقا للمنافسة على قيادة الدولة، كما عبر في مؤتمره الصحفي.

لماذا قرر نتنياهو توسيع الحكومة في هذه المرحلة؟
يعود تصميم نتنياهو على توسيع الحكومة، الى أنه منذ ما بعد انتخابات العام الماضي شكل حكومة تستند الى اغلبية هشة( 61 عضو كنيست من أصل 120). هذا الواقع تسبب لحكومته بالكثير من الاهتزازات، وجعله عرضة لعمليات الابتزاز.  ومن اجل التخلص من هذا الواقع، ولتحصين الحكومة منعا لانهيارها لم يكن أمامه سوى ضم ليبرمان وحزبه، أو هرتسوغ وحزبه، نتيجة تمنع بقية الاحزاب اليهودية في الكنيست.

كيف ولماذا انعطف نتنياهو من ضم "المعسكر الصهيوني" الى ضم اسرائيل بيتنا؟
بعدما بدا دخول هرتسوغ الى الحكومة وشيكا، تلمس اليمين المتطرف وليبرمان الخطر الذي سيبقي الأخير  في المعارضة معزولا وضعيفا. فتراجع عن شروطه غير الواقعية التي تتصل بمشاركة الاحزاب الحريدية والاتفاقات معها.  وطالب بحقيبة الامن وغيرها من الشروط الاخرى. وهكذا لم يعد بوسع نتنياهو تجاهل العرض، لأنه كان يتذرع بالشروط غير الواقعية لليبرمان، لتبرير توجهه نحو المعسكر الصهيوني (وسط اليسار). اما الان فلم يعد الامر كذلك.  اضف الى أن ضم ليبرمان يمكِّن نتنياهو من ترؤس حكومة يمينية خالصة، يلعب فيها دور المعتدل والكابح لليمين المتطرف.

مع ذلك، من مصلحة نتنياهو ايضا أن يضم المعسكر الصهيوني، كي يوفر قاعدة اوسع للحكومة، بما يسمح له لعب دور ضابط الايقاع بين المتطرفين و"المعتدلين".
في كل الاحوال، يبدو أن نتنياهو هدف من وراء خطوته الى ضمان سنتين اضافيتين لحكومته. وفي السياق الطبيعي للتطورات السياسية الداخلية، يبدو أنه لن يكون هناك تهديد جدي لحكومته قبل العام 2018. ويدرك نتنياهو أن اي منافسة على رئاسة الحكومة تنبع فقط وفقط من داخل معسكر اليمين، خاصة بعدما تراجع موقع  حزب العمل امام  الليكود . وفي هذه الحالة يراهن نتنياهو على امكانية أن يتمكن من تدجين ليبرمان كون الاخير داخل الحكومة اقل ضررا  من كونه في خارجها.

رسائل ضم ليبرمان الى الحكومة؟
رغم أنه لحد الان لم تستكمل الخطوات بشكل رسمي، يبدو جليا أن نتنياهو اراد توجيه مجموعة رسائل باتجاهات متعددة:
-الى الجمهور اليميني: أكد نتنياهو مرة أخرى لهذا الجمهور أنه الاكثر تعبيرا عن توجهاته، اضافة الى كونه الاكثر واقعية خاصة انه يتصدر مؤسسة صناعة القرار السياسي  والامني . بهذه الخطوة يكسب نتنياهو داخل الساحة اليمينية . حيث التنافس قائم على قاعدة من ينجح في ابداء  أكبر قدر  من التشدد والتطرف.

لماذا قرر نتنياهو التخلص من يعلون ؟

-الى قيادة الجيش: عمد نتنياهو الى خطوتين في آن معا، الاولى سلبية والثانية ايجابية. السلبية أنه انتزع وزير الامن موشيه يعلون من منصبه، والثانية فرض  شخصية سياسية على قيادة الجيش، لا خبرة لها بالقضايا العسكرية والامنية، ومشهورة بالتطرف الايديولوجي ومتفلتةمن   ضوابط معادلات القوة الاقليمية..

بالنسبة للبعد السلبي، حقق نتنياهو انجازا تمثل بتفكيك التحالف الذي بدا انه تبلور في الفترة الاخيرة بين يعلون ورئيس الاركان غادي ايزنكوت، ونائبه يائير غولان.  وانعكس ذلك في تغطية يعلون لأي ضابط يعلن عن اراء تخالف توجهات القيادة السياسية الامر الذي فاقم التوتر بينه وبين نتنياهو.اضافة الى ان ليبرمان شخصية تحرص على مراعاة الجمهور اليميني الذي أكثر من انتقاداته في الاسابيع والاشهر الاخيرة لاداء قيادة الجيش.

اما فيما يتعلق برسائل التسوية، فقد وجه نتنياهو صفعة الى معسكر "الاعتدال " (الاصح هو التنازل) العربي عندما فضل  ليبرمان على هرتسوغ. فيما كان مطلب الانظمة التي تبحث عن فرصة سياسية تبرر لها الانتقال الى مرحلة الاقتراب العلني من اسرائيل، دخول هرتسوغ الى الحكومة تحت عنوان أن هذا الامر هو مدخل لتحريك عملية التسوية مع السلطة الفلسطينية.

في الخلاصة يؤكد نتنياهو  مرة أخرى على تمسكه بخياره اليميني الايديولوجي، الذي يهدف جوهريا الى فرض المزيد من الوقائع الاستيطانية في الضفة، والابقاء على الوضع الحالي على المستوى السياسي بما يحول دون اقامة دولة فلسطينية، بصيغة الحد الادنى.
اما عن استقالة يعلون من الحياة السياسية مؤقتا، فهي أتت ردة فعل على الاهانة التي تعرض لها من نتنياهو عندما قرر استبداله بليبرمان في حقيبة الامن. مع العلم أن ذلك، أتى تتويجا لخلافات تصاعدية بينه وبين نتنياهو. الا ان يعلون اعلن رغبته الواضحة بالعودة الى الحياة السياسية منافسا على منصب رئاسة الوزراء، وهو عبر عن استيائه من الاوضاع السياسية قائلا  انه قد استولت على الدولة وحزب الليكود جماعات متطرفة..
المصدر: موقع العهد الاخباري