2024-05-11 05:58 ص

قاعدة جيبوتى تكرس الطلاق بين القاهرة والرياض

2016-12-07
الرياض/ اعتزام السعودية إقامة قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، أزمة جديدة لاحت في الأفق بينها وبين مصر، خاصة بعد رفض الأخيرة إقامة القاعدة تخوفا علي الأمن القومي العربي عامة والمصري بشكل خاص. وكانت عدة أزمات تسببت في توتر العلاقات بين البلدين ومنها، إعلان شركة أرامكو السعودية وقف إمداد مصر بالمواد البترولية، وتصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية فضلاً عن أزمة جزيرتي " تيران وصنافير". ويرجع الرفض المصري لإقامة القاعدة العسكرية، إلى أن السفن العسكرية السعودية والمصرية وحتى الفرنسية والأمريكية التي تساهم بمراقبة المياه الإقليمية اليمنية، تتخذ من ميناء جيبوتي قاعدة لتحركاتها. وستستخدم السعودية القاعدة لردع إيران وفرض حصار بحري على اليمن منعًا لتهريب الأسلحة والمساعدات العسكرية لقوات الحوثيين وعلي صالح. وكانت العلاقات السعودية مع جيبوتي شهدت تحسنًا بعد اندلاع عملية "عاصفة الحزم" التي تقود فيها السعودية تحالفاً عربياً في الحرب على الحوثيين وقوات المخلوع علي صالح، لإعادة الشرعية إلى اليمن والرئيس عبد ربه منصور هادي. كما أقامت السعودية في جيبوتي مركزًا لنقل المساعدات إلى الشعب اليمنى بحرًا، كما تقدم السعودية مساعدات للاجئين اليمنيين في مخيمهم هناك. ورحبت جيبوتي بالتواجد العسكري السعودي على أراضيها، مشيرًا إلى أنه يجري العمل على إنهاء بعض الأمور الفنية لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية للرياض في السواحل الجيبوتية. وتقدم الحكومة الجيبوتية كل ما تحتاجه السعودية من تسهيلات، وقد تشكلت لجنة عسكرية سعودية جيبوتية مشتركة تتولى التنسيق العسكري بين البلدين، وقدمت السعودية خمسة زوارق عسكرية بحرية سريعة لحكومة جيبوتي في إطار مساعدتها على دعم قدرات قوات خفر السواحل لتعزيز دورها في عمليات الرقابة والتفتيش على السفن في المياه الإقليمية لجيبوتي. ومن جانبهم زار قادة عسكريون سعوديون بعض المناطق الجيبوتية التي ستستضيف القاعدة البحرية المزمع إنشاؤها، وتم تحديد بعض المواقع في السواحل الجيبوتي لاستضافة هذه القاعدة. من جانبه، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقات المصرية السعودية تمر بأزمة لم تشهدها من قبل. وفي تصريحات خاصة لـ"المصريون"، أكد "يسري"، أن مصر لا ترفض إقامة القاعدة السعودية بشكل كامل، إلا أنها تريد أن تكون القاعدة مشتركة موضحًا أن أزمة اليمن هى الدافع الأول للسعودية لإقامة قاعدة عسكرية لها في جيبوتي. وأوضح أن اتحاد الدول العربية مع بعضها البعض أهم كثيرًا من أن يكون لها قواعد عسكرية في جيبوتي أو غيرها، مؤكدًا أن توتر العلاقات المصرية الإثيوبية بسبب سد النهضة من أسباب رفض مصر إقامة السعودية للقاعدة المذكورة، خاصة حال محاربة مصر لإثيوبيا بسبب المياه. وتابع أن السعودية تريد منع تسلل السفن الإيرانية، إلي اليمن موضحًا أن الأمر كله ما زال كلامًا لم يتحول إلي واقع لأنه لابد من موافقة قوى أخرى لها قواعد عسكرية داخل جيبوتي. وتحتضن جيبوتي قواعد للولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وتقع على أهم الطرق التي تفضّل السفن التجارية العالمية العبور منها. وعن إمكانية تراجع مصر عن اتفاقية ترسيم الحدود في ظل تلك الأزمة، قال "يسري"، إن النظام المصري عنده ارتياح أن القضية تسير في إطار قضائي يمكن أن يصدر حكم نهائي ببطلان الاتفاقية وبهذا الشكل يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي تراجع عن الاتفاقية بشكل غير مباشر لا يثير غضب الحليف السعودي". وبدوره، توقع خبير العلاقات الدولية الدكتور سعيد اللاوندي، أن تكون القاعدة السعودية المزمع إنشاؤها بداية أزمة جديدة تشتعل أحداثها بين مصر والسعودية وهو ما أثار اهتمام الرئيس المصري. وأرجع "اللاوندي" أسباب رفض مصر لإقامة القاعدة السعودية إلي كون مصر عضوًا في مجلس الأمن والسلم الإفريقي وهو ما يجعلها معنية بشكل أو بأخر بالأمن القومي العربي. وأشار إلي أن مصر لا تريد أن تكون القاعدة السعودية سيفًا مسلطًا على الدول العربية، خاصة أن القاعدة من المحتمل أن تكون سعودية في الظاهر ولكن أمريكية في الواقع موضحًا أن جيبوتي من الدول ذات الأهمية في المنطقة. وترجع أهمية جيبوتي إلى موقعها الجغرافي، وقدرتها على تسهيل عملية تحرير السواحل اليمنية الممتدة من ميدي بحجة، إلى المخا بتعز، إلى جانب تجفيف عمليات تهريب السلاح إلى مليشيا الحوثي عبر المنفذ البحري، وهو ما أدى إلي توجه أنظار السياسيين نحوها، بهدف التنسيق، فيما يتعلق بعدد من الملفات المتعلقة بالوضع الراهن في المنطقة. وأصبحت جيبوتي محورًا للدول الكبرى في العالم، بوجود قواعد عسكرية لدول عظمى واتجاه أخرى إلى بناء قواعدها الخاصة بها هناك. وأصبحت جيبوتي مفضلة أكثر في الفترة الأخيرة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 بأمريكا وظهور القرصنة الصومالية في خليج عدن والمحيط الهندي، وعقب الحرب الإريترية الإثيوبية من 1998 إلى 2000 التي جردت إثيوبيا من موانئها في إريتريا. كما أنها من المحاور الرئيسية للتجارة العالمية، فأكثر من 80 في المائة من السلع التي تستوردها جارتها إثيوبيا، يتم إفراغها في ميناء "دوراليه"، أحد أكبر موانئ المياه العميقة في شرق أفريقيا، إضافة إلى قربها من بؤر التوتر في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، فهي أهم دولة في مجال تأمين طرق التجارة وكنقطة انطلاق لمكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي. وعن إمكانية تراجع مصر عن اتفاقية ترسيم الحدود في ظل تلك الأزمة، استبعد "اللاوندي"، أن تتراجع مصر عن الاتفاقية، خاصة أنها تخضع حاليًا لأحكام قضائية مشيرًا إلى أن مصر علمت أنها إذا تخلت عن الجزيرتين فذلك يعني أنها تتخلي عنهما لصالح إسرائيل وليس السعودية.