2024-04-29 11:52 م

باحث إسرائيلي بارز يدعو الإسرائيليين لرؤية الواقع والاعتراف بالحقيقة

يدعو باحث وصحفي إسرائيلي، نائب سابق في الكنيست، الإسرائيليين لرؤية الواقع كما هو، بعيداً عن الرواية التي يسوقها ائتلاف نتنياهو وأبواقه، مؤكداً أن الوقت قد حان للاعتراف بالحقيقة.

ويقول الباحث، العامل في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، عوفر شيلح إن الإعلان بشأن خروج الفرقة 98 من منطقة خان يونس هو التوقيع الرسمي لِما كان معروفاً من الجميع منذ فترة، منبهاً إلى أن الجيش الإسرائيلي، منذ أكثر من شهر، لا يخوض عملية “حسم” في القطاع، ولا “تقويض”، ولا كل الكلمات الأُخرى التي ليس لها مغزى عسكري.
ويقول أيضاً، في مقال ينشره موقع القناة 12 العبرية، إن الجيش الإسرائيلي شعر باليأس من المستوى السياسي مرتين: المرة الأولى، عندما رفض بنيامين نتنياهو وحكومته إقامة “غلاف سياسي”، من دونه يصبح العمل العسكري بلا معنى حقيقي؛ والمرة الثانية، عندما رفض المستوى السياسي، لأسباب سياسية، أن يأمر بالانتقال إلى ما سمي “المرحلة ج”، أي إقامة خطوط دفاعية، والانطلاق منها للقيام بعمليات استخباراتية لضرب عودة تنظيم “حماس” من جديد.

ويوضح أن القيادة العسكرية لجيش الاحتلال أدركت أن الإبقاء على حالة التأهب حتى نهاية شباط/فبراير سيؤدي إلى فشل مزدوج: من جهة، سيمر الوقت من دون تحقيق إنجاز فعلي، بعد عدم تحقيق الأمل (المشكوك فيه) بإلقاء القبض على محمد الضيف، وعلى يحيى السنوار، واغتيالهما؛ ومن جهة ثانية، إن وقوع أحداث محدودة صعبة، مثل سقوط أربعة مقاتلين من وحدة الكوماندوس، قبل أيام، سيرسخ الشعور بالتخبط في الوعي العام للجمهور الإسرائيلي.

ويمضي في انتقاداته: “لقد سبق أن عاش الجيش الإسرائيلي كل هذا في لبنان، حيث كبرت وتشكّلت القيادة العسكرية الحالية. ويُضاف إلى هذا كله التآكل المستمر في أعداد الاحتياطيين والنظاميين، الذين يقاتلون منذ 7 أكتوبر”.

المرحلة الثالثة
ويرى شيلح أنه بناءً على ذلك انتقل الجيش الإسرائيلي، منذ نحو شهر فعلياً، إلى المرحلة “ج” في معظم مناطق القطاع، ومنذ بداية آذار/مارس، حيث بقي عدد قليل من القوات التي جرى تسويق عملياتها المحدودة من خلال الأبواق الإعلامية على أنها أسلوب جديد ومتطور للقتال. ويوضح أنه، في المقابل، جُمعت معلومات استخباراتية، وجرى الإعداد للعملية في مستشفى “الشفاء”، والتي أظهرت أن في الإمكان التوصل إلى نتائج مذهلة في ضرب “المخربين” من دون وجود قوات كبيرة في الميدان، ومن دون إصابات.

 ويمضي في قراءته النقدية: “لكن بينما يتفاخر الجيش بعدد “المخربين” الذين قُتلوا، أو اعتُقلوا في العملية، سأل المواطنون في إسرائيل وقادة في المنطقة، وفي العالم، أنفسهم كيف تمكّنت “حماس” من إعادة تنظيم نفسها بسرعة في منطقة قمنا باحتلالها وتدميرها، وهي اليوم الجهة الأقوى بالنسبة إلى سكان شمال القطاع؟ في المقابل أيضاً، ازداد الضغط الدولي من أجل منع عملية كبيرة في رفح، وعملياً، لإنهاء الحرب بالشكل الحالي”.

الانسحاب من خان يونس
ويعتبر عوفر شيلح أن خروج الفرقة الأخيرة من خان يونس يجعل القوة العسكرية الباقية في القطاع بحجم لواء في المحور الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها، وهذا اعتراف رسمي بأن المرحلة “ج” باتت هنا، بعد تأخر مدة شهرين وضرر كبير.

ويتابع: “ومع الأسف الشديد، عملياً؛ هذا اعتراف بكذب الزعم أن الضغط العسكري وحده سيدفع “حماس” إلى صفقة مخطوفين، وهي حجة كررها كبار المسؤولين في الجيش، بمن فيهم رئيس الأركان نفسه، قبل بضعة أيام. عملياً، لا تجري ممارسة أي ضغط عسكري حالياً، والمساعدات الإنسانية صارت بحجم أكبر، بضغط أمريكي، وسكان غزة يمكنهم التوجه إلى الشمال (الناطقون العسكريون يسوقون الأمر على أنه تقنية ذكية لإخراج جماهير اللاجئين من رفح). ومع عدم وجود كيان يدير حياة السكان، فإن “حماس” تقوم بذلك تحت غطاء ما”.

 ويتساءل شيلح ماذا عن المخطوفين؟ ويجيب: “هم سيعودون ضمن إطار صفقة ستُنهي الحرب الحالية في نهاية المطاف. لكن حتى لو حدث ذلك، لن نعرف قط عدد الأرواح التي أُزهقت خلال فترة الجمود السياسي والعمليات العسكرية الضئيلة الأهمية”.

الشرعية الدولية
كذلك يقول شيلح، الذي واظب على رؤيته النقدية، إن الوقت الذي أضاعته إسرائيل سيكون له تأثير خطِر بصورة خاصة، فهو يقلص الشرعية التي تحظى بها، ويزيد في الضغط الدولي من أجل عزلها سياسياً وعسكرياً، ويُبعد رؤيا إنشاء ائتلاف إقليمي يشكل وزناً حقيقياً مضاداً للمحور الإيراني. كما يقول إن فرصة إنشاء هذا الائتلاف لم تتبدد، لكن نظراً إلى أن نتنياهو (الذي يعتبر مرور الزمن رصيده الحقيقي) وحكومته التي لا تُظهر حالياً أي استعداد للقيام بخطوات من هذا النوع، ونظراً إلى أن تحرك إسرائيل على الصعيد الإقليمي لا يزال تكتيكياً، وموجهاً، بصورة خاصة من أجل خدمة أهداف إسرائيلية داخلية (كالاغتيال الذي ليس له أهمية عملية للضابط الكبير في الحرس الثوري حسن مهداوي في دمشق)، يزداد خطر بقاء إسرائيل وحدها في مواجهة “محور المقاومة”.

لافتاً إلى أن المواطنين الإسرائيليين الذين هرعوا إلى المحال التجارية للتزود بالمياه والمعلبات، الأسبوع الماضي، عبّروا بهذه الطريقة عن عدم ثقتهم باعتبارات القيادة، وبقدرة الجيش على الدفاع عنهم.

تحالف إقليمي
ويرى شيلح أيضاً أن هناك فرصة للانتصار في الحرب الكبرى، لكن الأمر مرتبط بعملية سياسية بعيدة الأمد: بلورة ائتلاف يجمع بين إسرائيل ودول تتطلع إلى ترسيخ الاستقرار في المنطقة، بتأييد أمريكي. هذه هي الطريق لبلورة بديل حقيقي من “حماس” في غزة، يضمن عدم عودة التهديد الأمني من هناك، ويعيد سكان الشمال إلى منازلهم، لأن التحرك الإقليمي وحده يشكل ضمانة لردع حقيقي لإيران و”حزب الله”.

ويخلص للقول “إن ثمة شكاً كبيراً في ما إذا كان نتنياهو، الذي واصل في الأمس كلامه الفارغ عن “النصر المطلق”، والحديث عن تفكيك كتائب “حماس” في رفح، قادراً على القيام بذلك. ومع الأسف، لم يظهر حتى الآن بديل فعلي في المنظومة السياسية”.

في مقال سابق، قبل أسبوع، قال شيلح إن “السنوار سينتصر ولو ميتاً، وستخسر إسرائيل، ولو نجحت في ألف تكتيك: أوقفوا هذه الحرب”.